روى الأديب الشيخ محمد بن أحمد الفراج قصة مشاركته في غسيل الكعبة المشرفة. وقال في مدونته الأدبية إن مشاركته في هذا الشرف العظيم تفسيرًا للرؤيا التي رآها وزوجته. وذكر الفراج العديد من المشاهد والمشاعر التي عايشها داخل الكعبة المشرفة، مما دفعه إلى تأليف قصيدة بهذه المناسبة المباركة. نص رواية الفراج من مدونته الرسمية: الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ،،،،،،،،،،،،،، وبعد: فإن مما يستبشر به العبد ويُبشّر ما يمن الله به عليه من التوفيق ؛ والتحدث والتحديث والاستبشار والتبشير بهذه النعمة عبادة ، لا على سبيل التظاهر والتفاخر ، بل على جهة الامتنان لصاحب المنة وشهود النعمة ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾وكثير من العلماء والفضلاء تحدثوا عن رحلات حجهم وعمرتهم على هذا السبيل . واليوم منّ الله عليّ بتحقق أمنية من أعظم أمنياتي في الحياة بفضل منه وحده ولذلك قصة غريبة ، وقبلها رؤيا عجيبة ، لم أكن أعلم ولم يخطر ببالي أن تعبيرها وقوعها ، ولما تحققت تذكرت رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم المبشرة بدخوله وأصحابه البيت آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين قبل بوقوعها بعام ، وكانت أمنية نادرة عزيزة المنال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكان من أغلى المآرب وأعلى المطالب دخولي البيت العتيق والصلاة فيه والتكبير في نواحيه عملا بالسنة الثابتة ؛ وليَ أن أحرص على ما حرص عليه السادة وأتطلع إلى ما تطلعت إليه القادة ، فقد تطلع إلى هذا الشرف أحب الخلق إلى حبيب الله عائشة ، وابن عمر كما سأذكره لاحقا بإذن الله ، كانت تلك لي أمنية ، إلا أني كنت أستبعد حصولها لا يأسا من روح الله ؛ لكن لعلمي أن الأمر يحتاج وساطات ومطالبات، وبذل وجه قد يتحقق مراد باذله ، وقد يرجع بالحسرتين ، وما كانت نفسي لتطيب بشيء من ذلك ؛ فلذلك كنت أسمع أخبار المغتبطين بهذا الشرف بكثير من الغبطة لهم حتى كان الفضل من الله . ولأعد للرؤيا أولا : فقبل أيام رأيت في منامي كأني داخل الحرم ضحى من جهة باب السلام وكأن المطاف قد أخلي لي وإذا بي أتوجه إلى الحجر الأسود وحوله بعض العسكر وأكببت عليه وقبلته ، ثم استيقظت فرحا مستبشرا ، ولم أحدث برؤياي أحدا ، فلما كان من الغد : استيقظت زوجتي من نومها وقالت : رآيت قبل قليل رؤيا واضحة عجيبة ، قلت : خيرا رأيتِ ، إن كانت خيرا فقصيها ، قالت : رأيتك داخلا الحرم ضحى والحرم شبه فارغ وتتوجه إلى الحجر الأسود ثم تقبله وتدعو بدعوات ذكَرَتهُن(في أمر أسري خاص)ثم أذن للظهر ، فتعجبت كثيرا من توافق رؤياي ورؤياها ، دون حديث نفس ولا مجلس ، وعلمت أن لها تأويلا ؛ لأن من أقوى علامات الرؤيا الصادقة التواطؤ عليها ، كما في الصحيحين في ليلة القدر : " أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريَها فليتحرها في السبع .. الحديث" ولكني تحيرت كثيرا في تأويلها وسألت بعض حذاق المعبرين فما شفوني ، وتلوّمت أنتظر تأويلها، حتى كان قبل أيام اتصل بي أحد الفضلاء يطلب إرسال صورة من إثباتي ، لتقديمها للجهات المختصة بغرض المشاركة في دخول الكعبة المشرفة وغسلها والصلاة فيها، فحمدت الله على هذه المنة التي جاءت إليّ تسعى دون طلب ولا منة إلا لله وحده ، وقلت في نفسي ما قال ابن عباس رضي الله عنهما : أنا أعقل من أرد نعمة أنعم الله بها علي ، وأرسلت ما طلبوا ، وتساءلتُ : أهي الرؤيا؟! ربما لكني لم أجزم ، ثم أخبرت بالموافقة فجأة عصر أمس الأربعاء ، واعتذر صاحبي بأنه ظن أن الموعد غرة شعبان كما هو مقرر ، وإذا وافق إجازة أخروه يوما ، فظن أنه الأحد ، إلا أنهم هذه المرة رأوا أن تقديم يوم أولى من تأخير يومين فجعلوه الخميس ، وفهمت أنه ربما حصل تلكؤ في الموافقة بسبب كثرة المتقدمين ولكن﴿ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها﴾وهنا تضاءل أملي ؛ لأن الوقت ضيق والضغط على خطوط الطيران كبير جدا ، ونحن في بداية إجازة ونهاية دوام ، وقلت: لكن الرؤيا تقول إن الأمر سيتم ، فتوجهت إلى المطار للانتظار رفقة أبي ثابت الذي علم بالأمر فسارع كعادته الكريمة إلى الفزعة ، وهو رجل المهمات وفتى الفزعات قال الشيخ محمد الحمد : إذا رأيته تذكرت قول الأعشى : شاوٍ مِشَلٌّ شلولُ شلْشَلٌ شَوِلُ وأوصيته أن لا يلح كثيرا فإن حصل المقصود فذلك ما كنا نبغ وإلا رجعنا والحمد لله ، وذهب أبو ثابت إلى مأمور الإركاب وما أبطأ حتى جاءني يتبسم ، وقال : توكل على الله نودي على رحلتك ، قلت : بهذه السرعة؟ قال نعم ، قلت : وكيف تم الأمر؟ قال : كلمت المأمور ، فقال لا تحاول الفرصة محدودة جدا أو معدومة ، وما أركبت إلا واحدا في مهمة(مهمة) فهو سيشارك في غسل الكعبة صباح غد، قال أبو ثابت : وصاحبي كذلك ، سيشارك في غسلها، قال : لعلك تمزح طمعا في الركوب ، قال: لا وهو عندك فاسأله لماذا سيسافر ، وهو لم يسمع كلامنا ، فأعطاه بطاقة الصعود ، وتعجبت لهذه الموافقات في الرؤيا والواقع ،وركبنا. وصلت قبيل الفجر وصليت الفجر في الحرم ، وكتبت تغريدة(قرأ الإمام) ثم توجهت إلى مكان التجمع تحت المكبرية ، وأدخلت بعد التأكد من مطابقة الاسم في الهوية على اسم تذكرة دخول الكعبة ، وأعطيت بطاقة تحمل رقم 142، وانتظرنا مليا ، وفجأة سمعنا جلبة عظيمة وهتافا ، فعلمت أن الكعبة فتحت ، فهلل الناس ، وفوجنا أفواجا ، وكنت مع فوج فيه من المشايخ والعامة وأناس من دول أخرى ،أما الرسميون والوفود والضيوف الخارجيون فلم نرهم كانوا في الأفواج المتقدمة فلما جاء دور فوجنا كاد قلبي يطير -كما قال جبير رضي الله عنه- كاد ينشق صدري لوجيبه ، ويسبقني قلبي إلى أحلى وصال وأغلى لقاء وأعلى مقام في هذه الدنيا ، ومشينا يحيط بنا الجند وسط غبطة الناس وهتافهم ، ووجدت الصحن مفرغا والضيوف يقبلون الحجر واحدا واحدا وهنا لم تبق شعرة في جلدي إلا اقشعرت وكدت أسقط من الدهشة وأيقنت أنها الرؤيا بلا مراء ، وقلت : اللهم كما فتحت لي بيتك فافتح لنا جنتك ، وافتح لدعوتي باب القبول ،أخيرا أنا والحجر وجهاً لوجه ، لا أحد يزاحمني ، أحقا ما أرى ، وأنا لم أزاحم على الحجر منذ صغري وما قبلته ، إلا صبيا صغيرا ، كنا صبية نتنافس أينا يقبل أكثر وندخل من خلال الناس ، والناس ذلك الوقت ليسوا بالكثرة ، فأما الآن فأنى لك أن تقبل بين يدي هذه الأعداد الهائلة ومزاحمة النساء ومدافعة الضعفاء وكم سيكسب المرء من سيئة قبل حسنة التقبيل إن قبّل أو قُبِل ، وحاولت مرات أوقات صلوات الظهر لعلي أجد فرصة بعد السلام لقلة المصلين في الشمس ، إلا أنه قبل أن يفرغ الإمام من التسليمة الأولى ، وفي لمحة طرف إذا الطوابير بالمئات ، والظاهر أنهم يسلمون وهم يركضون ،فأقول : الله أعلم أن هذه العبادة لن تتيسر لي أبدا إلا أن يشاء ربي شيئا فالحمد لله، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، تقدمت إلى البيت العتيق وصعدت السلم ، ورأيت السادة السدنة الحجبة الشيبيين شيبا وشبابا تعلو وجوههم المتطلقة البسمات كأنهم الأقمار يرحبون بكل بشاشة ويدعون ويهنئون ، فلما ضمني البيت العتيق بين أركانه شهقت فرحا وأجهشت بكاء : وتمنيت أن أراك فلما رأيتكا غلبَت فرحة اللقاء فلم أملك البكا يا إلهي : ماذا أراه حقيقة أم أنني في بحر أحلامي اللذيذة أمخرُ فعلت السنة فكبرت في نواحي البيت ، وصليت ركعتين هما ألذ وأروع وأمتع وأخشع ركعتين في حياتي، ودعوت بما زورت وأضمرت وهيأت من دعوات لنفسي ومن أحببت وأحبني وأوصيت وأوصاني ، ولإخواني المسلمين والمكروبين خاصة، ولمن أسدى إلي معروفا وتسبب في دخولي ، ولعامة المسلمين وخاصتهم ، إلا أن العجيب أنني نسيت تماما دعوات أدعو بهن بالمعافاة من بعض الأمراض والأعراض ؛ لأني شعرت بالعافية التامة ، فكأنه لم يمر بي شدة ولا بؤس قط في حياتي ، ونسيت أوجاعي وآلامي وهمومي وغمومي ، فنسيت تبعا ما أعددته من دعاء ، وهذا من أعجب العجب العجاب ، لما سلمت من صلاتي شعرت بشعور لا يوصف وباختصار شعور من هو في جنة الدنيا وفردوس الأولى وعدن العاجلة ، ورأيت بكاء الناس وخشوعهم سجدا وركعا عسى ربنا أن يتقبلنا منا ومنهم ، ورأيت بعض الناس يمسح الأركان بمناديل ، فقلت : إن كنت تريد تنظيفا وتطييبا فحسن وإلا فالسنة التكبير في نواحيه والصلاة ركعتين بين الأساطين تجعل اثنتين يمينك وواحدة يسارك وتصلي في آي اتجاه على أن الداخلين يتزاحمون على الركن الغربي ويتنافسون عليه ، ولا أعلم له مزية عن سائر الأركان ، سلمت على السدنة الشباب ، وأشاروا لي على كبيرهم السادن الشيبي ، وسألتهم : أنتم من ذرية عثمان ؟ قالوا نعم : من ذربة عثمان بن طلحة الحجبي ، وهو الذي رد إليه النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة بعد الفتح ، فشكرتهم ودعوت لهم جزاهم الله خيرا والحجابة هي الشرف الباقي ، وقد كانت قريش تقاسمت وظائف البيت الشرفية فالسقاية لبني هاشم والحجابة لبني شيبة واللواء لعبد الدار وهكذا،وبقيت الحجابة للسدنة الشيبيين حفظهم الله وباركهم. قبل الخروج ودعت البيت بنظرة أخيرة ، رأيت الهيبة والجلالة والبساطة ، ودب في داخلي خاطر مروع حفظ الله بيته وزاده مهابة وتكريما ، قلت : ماذا لو تولى مبتدعة الرافضة أو القبوريين بيت الله معاذ الله ماذا كنت سترى من مظاهر الشرك والوثنية التي يعيدون بها عز هبل ومجد ود وسواع وأصنام حول البيت أكثر من ثلاث مئة ، وداخل البيت مالا يعد ولا يحصى ، من تماثيل الأنبياء وغيرهم، وفي الصحيحين : " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت ، أخرج تمثالين لإبراهيم وإسماعيل يستقسمان بالأزلام ، فقال: قاتلهم الله إن علموا أنهما ما استقسما بها قط" وحطمهما وتذكرت قريشا وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن قومها سدوا باب الكعبة الغربي ورفعوا الشرقي ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا في أول خطوة لتسييس البيت ، وكان من مكر قريش أنهم إذا أرادوا برجل إذلالا أصعدوه الدرج ثم زحموه وسقط وهذه في الموسم أمام سادات العرب أعظم مهانة ، ولما كان الجمع الأعظم في حجة الوداع وتطلع سادات العرب ورؤوس القبائل إلى هذا الشرف ، كما كانت تفعل قريش دخل النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بلال وأسامة والحجبي عثمان بن طلحة وأغلق الباب ، وهو الشرف الذي تمناه ابن عمر ليتابع أعمال النبي صلى الله عليه وسلم خطوة خطوة ، ولذلك كان أعلم الصحابة بالمناسك فلم يؤذن له ، وبقي لدى الباب حتى فتح فبادر بسؤال بلال هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم في البيت ؟ فقال نعم وحدد له مكان الصلاة ، وتمنته عائشة أيضا فطلبت من النبي أن يفتح لها الباب وتصلي فأخذ بيدها وهي لا تشك أنه سيفعل لعلمها بمحبته إياها حتى أدخلها الحِجر وقال : صلي هنا فهو من البيت ، ومنْعُ النبي صلى الله عليه وسلم السادات واختصاصه الموالي من الخطوات العملية الجبارة التي قضى بها النبي صلى الله عليه وسلم على أعراف المشركين فحبس رؤوس القوم وساداتهم وما أدخل معه إلا عبدين لا يراهما الناس شيئا ليرفع مقامهما بالإسلام ويشعرهما أن جهادهما وصبرهما على البلاء أول ما أسلما محسوب لهما ولن يضيع في الدنيا فاليوم يوم الوفاء وما عند الله خير، وفي هذه الحجة أيضا وضع النبي صلى الله عليه وسلم ربا المشركين تحت قدميه وبدأ بربا العباس وأبطل دماء الجاهلية ، خرجت من حضن جنتي وأنا أشعر أنني قذفت من رحم الحنو إلى دنيا العناء والكبد والنكد ، إنه يوم ميلاد جديد ، أطاف الناس بي يهنئون ويرجون الدعوات ويسمون أهليهم ويعزمون علي الدعاء لمن سموا حتى قال أحد الطائفين : والنبي ما تنساهم ، فقلت سبحان الله أتحلف بمخلوق جوار بيت الخالق؟! وبينت له خطأ وخطر هذه اللفظة الشركية ، انقلبت إلي بيتي مسرورا وكتبت هذه الأبيات :حَرَمُ الحِمَى عينٌ وأنتِ سوادها ولَأنتِ مِن أرض الوجود فؤادها يا قِبلةَ الكونِ اليَراعَةُ تشتكي قَفْراً ويَنضَبُ حِبرُها ومدادُها يَنْدَكُّ عقلي رهبَةً وجلالةً كالطُورِ حين تدكْدَكَتْ أطوَادُها عُذْراً إذا قصّرتُ هذا مَوقِفٌ تتَقَاصَرُ البُلَغَاءُ يعجُمُ ضادُها لولا فُيُوضُ الحقِّ من أنوارِها أَلَقًا يُمِدُّ قريحَتي إِمدَادُها لمّا بدّتْ لي في السّوادِ مَهِيبةً يا حبّدا هيَ دلُّها وسوَادُها فأرَى بحَارَ الكَونِ تعرِضُ نفسَها حِبْرًا ، وأقلامًا أَتتْ أعوَادُها والشعرَ أبحُرُه تنادي كلُّها أَبْحِرْ ؛ فرَهْوًا بَشَّرَتْ أَرْصادُها وأرَى مَنَارتَها العظِيمةَ تنثَنِي قلمًا وصحْنُ مطافِها مِيرَادُها تتَدفَّق الكَلِمَاتِ عِنْدَ شَبَاتِها فإِذا حُبِسْنَ تَكاثَرَتْ أعْدَادُها والطيرُ تَشْدو في فضَاءِ سمائِها طرَبًا تسبِّحُ وانْتَشى غَرَّادُها لولا الحياءُ أَجَبْتُهُنَّ مُأَوِّبًا كم ذا يَهِيجُ مُتَيَّمًا إنشادُها اليَومَ يومُ وِصَالِ كَعْبتِيَ الذي من أَجلِه عينَايَ طالَ سُهادُها أناْ يا حَبِيبَتِيَ المُتَيَّمُ قلْبُه ولَأنتِ يا تَيْمَ القُلُوبِ سُعادُها أناْ يا حبِيبَتِيَ المَشُوقُ ، ولو على عَينَيَّ نعلِي شَوكُها وقتَادُها لأتَيتُ أسعَى ليس يَسبِقُ خَطوَتِي عُوجُ الخيول مِهَارها وجِيَادُها أَسمو بِوَصْلِكِ يا حَبِيبةَ مُهْجَتِي صُعُدًا ، بُرَاقِي همَّتي ومُرَادُها وأكَادُ أَعرُجُ للسماءِ كأنما شُدَّتْ إليَّ سِماكُها وشِدَادُها وكأَنّمَا الجوزاءُ صَهْوَة مَوْرِكِي وأرَى الثُّرَيّا في يَدَيَّ قِيادُها أَنْهَى وآمُرُ لاعَصِيَّ لسَطْوَتِي ملِكًا تُبَادِر إن أُشِرْ أجْنادُها مسْتَغْرقا في غَيْبَةٍ رُوحيَّةٍ عَبْرَ القُرُونِ خَلتْ ثمودُ وعادُها كم مُلْحِدٍ قادَ الجُيُوشَ تمزّقتْ منها الكتائِبُ وانمَحى إِلْحَادُها كُتِبَ الصَّغَارُ عليه يَمْقُتُ ذكْرَهُ أولادُه وتَذُمّه أحفَادُها ويكادُ يَبْصُقُ ريقَهُ مُتَلَفِّظٌ أَسماءَهُم لو أنهُم نُقَّادُها ياليتَ قومِي يعلمونَ وربّمَا لجَّت غُواةٌ أويحِينَ معادُها يا كَعْبَتِي لمّا ضَمَمْتِ مُلَوَّعًا بَرأَت مواجِعُه ولانَ عِنَادُها بردَتْ سعِيرةُ قلبِهِ وتبَدَّلَتْ برْدًا سلامًا وانْطَفى وقَّادُها عفَتِ الجِرَاحُ لِرُوحِهِ ولطَالمَا ممّا تُعاني عادَهَا عُوَّادُها منْ حِضنِك الدافِيْ وُلِدتُ مُجَدَٰدًا فاليومَ جِئْتُ ولَحْظَتِي مِيلادُها واليومَ غُرّةُ نِصفِ قَرْنٍ عِشْتُها عيدٌ وليس كمِثلِهِ أعيَادُها يا مَنْ فتَحْتَ لضَعفِ عبْدِك بابَها افتَحْ له الفِرْدَوسَ طابَ برَادُها إنّ الكرامَ إذا يحِلُّ بُيُوتَها ضيفٌ فنعمَ عطاؤها ووِفادُها ولأَنْتَ أكرَمُ لايَخِيِبُ رَجاؤُنا ورِضَاك زادُ نفُوسِنا وعتادُها