في هذه الزاوية، نعود لنسلط الضوء على قامات سعودية تركت بصمتها العميقة في الحركة الأدبية والإعلامية، ولكن للأسف لم تجد أعمالهم مكاناً واسعاً في رفوف المكتبات أو في ذاكرة التاريخ الرسمي. قامات ظلّت محجوبة وراء صفحات الصحف والمجلات رغم أنهم كانوا من أوائل المبادرين في مجالات الشعر والنثر والرواية، وفي هذا السياق، نذكّرهم اليوم بكلمات بسيطة قد لا توفيهم حقهم، ولكنها على الأقل تفتح الباب أمام من يسعى لإحياء أعمالهم، وينتشل ما غاب عن الأنظار من إرثهم. نوال بخش، الاسم الذي لا يُذكر فيه إلا وتُذكر «إذاعة الرياض»، وصوتٌ عميقٌ لا يزال في ذاكرة الأجيال. في عام 1964، ولدت أولى خطواتها كمذيعة سعودية في «إذاعة الرياض»، حيث قدمت برنامجاً للأطفال، ليبدأ صوتها في بناء جسور من التواصل مع أجيالٍ قادمة. منذ تلك اللحظة، أصبح اسم «نوال بخش» مرادفاً للإذاعة السعودية، وصوتاً يُستمع إليه في كل بيت. أربعون عاماً من العطاء الإذاعي، وذكريات من برامج لامست قلوب الناس مثل: «البيت السعيد»، و»سلامات»، و»الأسرة والمجتمع»، و»سوالف ليل» التي أضحت من أشهر البرامج وأكثرها جماهيرية. لكن نوال بخش، التي ولدت في مكةالمكرمة عام 1956، لم تكن بحاجة لدراسة الإعلام لتُصبح واحدة من أبرز رواده. موهبتها الفطرية وحبها للإذاعة منذ الصغر جعلها تتفوق على التخصص الأكاديمي، لتصبح معلمة لأجيال من الإعلاميين والمستمعين. صحيحٌ أنها لم تتخصص في الإعلام بشكل أكاديمي، لكن صوتها كان أكاديمياً بحد ذاته، إذ علمت، وأسست، ووضعت بصمتها في تاريخ الإعلام السعودي. واليوم، وفي وقتٍ يتسارع فيه الزمن وتغيب فيه الذاكرة، فالأمل معقود بتكريم هذه السيدة التي قدمت للوطن وأثرت في محيطها بصوتها، ووضعت منهجاً إعلامياً يُحتذى به. فربما حان الوقت أن نعيد الاعتراف بعطاءاتها وتجمع أعمالها التي تركت بصمة على مدار عقود، علّها تواصل إلهام الأجيال القادم.