«المانغروف».. ملاذ آمن للطيور البحرية وأصناف الأسماك تشدد الأممالمتحدة على أن الحق في السكن اللائق، بمعناه الشامل، يعني الحق في الحياة والعيش بمكان مناسب بأمان وسلام وكرامة، في الوقت الذي تشير فيه إلى أن أكثر من مليار شخص لا يقيمون في مساكن لائقة، كما أن الملايين حول العالم يعيشون في ظلّ ظروف تهدد حياتهم وصحتهم، أو في أحياء فقيرة مكتظة ومستوطنات عشوائية، أو في ظلّ ظروف أخرى لا تحترم حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. إن الرؤية العالمية تتوافق مع رؤية المملكة واستراتيجيات عملها، لتوفير المسكن اللائق لمواطنيها في جميع أرجاء المملكة، دون تمييز لمنطقة دون أخرى، ويظهر ذلك في عدد كبير من المدن التي تم إنشاؤها، خاصة مع إطلاق رؤية 2030. حل رموز المعادلة الصعبة إن المعادلة الصعبة التي تشدد عليها الأممالمتحدة، وتضعها المملكة نصب أعينها، ضمان أن تكون حيازة المسكن ضمن إطار نظامي قانوني، يوفر الحماية للمواطنين من عمليات الإخلاء القسري والمضايقات وغيرها من التهديدات الأخرى، إضافة إلى القدرة على تحمل التكلفة، فيجب ألا تهدد وألا تقوّض التكاليف المالية الشخصية أو الأسرية المرتبطة بالسكن تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى مثل الحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، في الوقت الذي يوفر المسكن العناصر الرئيسة، مثل المساحة المناسبة، والحماية من الظروف المناخية التي قد تهدد الصحة العامة، مع توفير الخدمات والتجهيزات والمرافق والبنية التحتية، من الأسواق والمدارس والجامعات والمستشفيات، والأندية، ومراكز الثقافة والترفيه، والمكتبات، والحدائق والمتنزهات، والطرق الجيدة، ووسائل التخلص الآمن من النفايات، وأن تكون الفئات الضعيفة من الفقراء ومتوسطي الدخل، وذوي الإعاقة، على أولية الحصول على السكن اللائق. تعمل الأممالمتحدة مع حكومة المملكة، تحت مظلة رؤية السعودية 2030 وبرامج التحول الوطني، لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة لمواجهة التحديات والفرص التنموية في المملكة، وتلك الأهداف، توفير السكن المناسب، والقضاء على الفقر، وحماية البيئة والمناخ، وضمان تمتع السكان في كل مكان بالسلام والازدهار، والصحة الجيدة والرفاه، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، وبناء مدن ومجتمعات محلية مستدامة، ومواجهة التغييرات المناخية، وغير ذلك من الأهداف التي حققت فيها المملكة طفرة نوعية. أرقام قياسية بشهادة عالمية لم تكن مفاجأة إشادة صندوق النقد الدولي، بالنجاح الكبير الذي حققه برنامج الإسكان، أحد أهم برامج رؤية المملكة 2030، مؤكداً أن هذا البرنامج يسهم بشكل فعال في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، مؤكداً أن اقتصاد المملكة يشهد نمواً متسارعاً بالإشارة إلى موقفه المالي القوي، مشيراً إلى أن المملكة كانت أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً في عام 2022، مشيداً بالتقدم المحرز في تنفيذ استراتيجيات الرؤية. لقد حقق برنامج الإسكان العديد من الإنجازات الملموسة، من بينها الزيادة الملحوظة في نسبة تملك المواطنين للمسكن بما يقارب 64%، وارتفاع مستوى رضا المستفيدين عن الخدمات المقدمة بأكثر من 90%، إضافة إلى التنوع في الخيارات السكنية المتاحة للمواطنين في أرجاء المملكة، حيث تم تقديم حلول إسكانية وتمويلية مبتكرة لتلبية احتياجات المواطنين؛ من خلال برنامج «سكني» التابع لوزارة البلديات والإسكان، إلى جانب الخيارات التمويلية التي يقدمها صندوق التنمية العقارية، والتشريعات التي أوجدتها الهيئة العامة للعقار، والمشاريع والضواحي السكنية التي تنفذها الشركة الوطنية للإسكان، مما عزز من مكانة المملكة في جذب استثمارات محلية وأجنبية في قطاع الإسكان، حيث تعكس هذه الإنجازات الرؤية الثاقبة للقيادة الحكيمة، التي جعلت من توفير السكن الملائم للمواطنين أولوية قصوى، مما أسهم في تعزيز النمو المستمر للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة، مع خطط مستقبلية لرفع نسب تملك السعوديين لمساكنهم إلى 70% في السنوات القليلة القادمة، وكان من أهم عوامل نجاح هذه البرامج، التنوع في الأطروحات السكنية بين الشقق والفيلات، بالمساحات والمواقع، مما كان له الأثر البالغ في استفادة الكثيرين، والعثور على احتياجاتهم، إضافة إلى سهولة البرامج التمويلية، التي تتيح للمواطنين الحصول على السيولة المالية التي تمكنهم من امتلاك مساكنهم في جميع أرجاء المملكة. تحلية المياه وأرقام غير مسبوقة لقد سجلت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، معززة مكانتها الريادية بصفتها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، بما يزيد على 11,5 مليون متر مكعب يومياً، محققة نتائج غير مسبوقة في عدد من مشاريع المياه المختلفة، تعكس تطور البنية التحتية في قطاع المياه في المملكة. وتسلمت المؤسسة ممثلي موسوعة غينيس للأرقام القياسية، شهادات أكبر محطة تحلية مياه في العالم عن منظومتها العملاقة «رأس الخير» بقدرة إنتاجية تقترب من ثلاثة ملايين متر مكعب، وأكبر خزان مغطى لتخزين مياه الشرب في العالم بسعة إنتاجية تصل إلى ثلاثة ملايين متر مكعب، وأكبر منشأة لتخزين مياه الشرب ممثلة في «خزان مياه بريمان الاستراتيجي» بسعة تتجاوز مليوني متر مكعب، كما حصلت على شهادة أكبر منشأة مغطاة لتخزين مياه الشرب في العالم عن خزان مياه الرياض الاستراتيجي البالغة سعته 4,79 ملايين متر مكعب، وأكبر نظام لنقل المياه بالأنابيب لتحلية المياه في العالم بطول 14,217 كم وسعة 19,429 مليون متر مكعب في اليوم، وأكبر محطة متنقلة لتحلية المياه في العالم البالغة قدرتها 50 ألف متر مكعب يومياً، وأكبر وحدة لتحلية المياه بالتقطير متعدد التأثيرات في العالم عن وحدة MED-TVC في الشعيبة التي تبلغ طاقتها 91,200 متر مكعب يومياً، وأكبر شبكة خزانات لتخزين مياه الشرب بسعة إجمالية 8,970 ملايين متر مكعب، كما تسلمت شهادة الأقل استهلاكاً للطاقة في تحلية المياه في العالم. بوصولها إلى ما يقل عن 2.271 كيلو وات ساعة لكل متر مكعب. إن ما تحقق في سياق التنمية الطموحة ودعم ممكنات الريادة السعودية، جاء من خلال أفكار وشغف كفاءات المؤسسة، وقدراتها الهندسية وكوادرها الوطنية المؤهلة، لتؤكد المؤسسة المُضي قُدماً في استراتيجيتها طويلة الأمد لتحقيق مُستهدفات التنمية والاستدامة وأمن البيئة والمياه، والتوسع في أعمالها لتحقيق ذلك من خلال لاستثمار مواردها بشكل أكثر كفاءة، منطلقةً من مكانتها الريادية بصفتها أكبر جهة لتحلية المياه في العالم، بدعم القيادة الرشيدة. أشجار المانغروف إنجاز بيئي تعد غابات المانغروف من أغنى النظم البيئية تنوعًا وأكثرها إنتاجية، حيث توفر خدمات أساسية لدعم النظم الإيكولوجية، حيث تكمن أهمية غابات المانغروف في المملكة في كونها مخزناً للكربون مما يجعلها غنية به، كما أنها تلعب دورًا في التخفيف من آثار تغير المناخ، وتُعد مصدرًا للتنوع البيولوجي والحياة البحرية، وملاذاً لعدد لا حصر له من الطيور المائية والأسماك، بما في ذلك الروبيان ذي القيمة التجارية، حيث تُعد موطنًا لتكاثر العديد من الثروات السمكية، كما تلعب غابات المانغروف دورًا محوريًا في السلسلة الغذائية والأمن الغذائي وسبل عيش العديد من الصيادين والأسر الريفية. وتواجه غابات المانغروف تهديدات متعددة مثل رعي الإبل وقطع الأشجار والتلوث الناجم عن النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي، فضلاً عمَّا تشهده الموائل الساحلية من تغييرات طبيعية، وهذه التحديات سببها بعض الأنشطة المحلية، والتنمية غير المنضبطة في المناطق الساحلية، وبعض أشكال التلوث بالمناطق الساحلية والبحرية والممارسات غير المستدامة وتأثيرات الشحن البحري وأخيرًا الاضطرابات المرتبطة بالتغيرات المناخية، إضافة إلى التجريف والردم المفرط للمناطق الساحلية لأغراض صناعية وسكنية ولوجستية، حيث تمثل 70% من التدهور الذي يصيب غابات المانغروف، في حين يسهم الرعي الجائر بنسبة 20%، بينما يمثل زحف الرمال 5%، أما النسبة المتبقية البالغة 5% فترجع إلى التسربات النفطية والتلوث ومياه الصرف الصحي الملوثة، وتلك التحديات تواجهها المملكة بخطط واقعية لمواجهتها، وإيجاد الحلول لعلاجها. ويؤكد المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالرياض أنه اتخذ الإجراءات اللازمة للحد من التهديدات الناجمة عن الأنشطة البشرية، وقد تم تخصيص جناح للتوعية بأهمية أشجار المانغروف، وبالتزامن مع الاحتفال باليوم الدولي لصون النظام الإيكولوجي لأشجار المانغروف، كما تم تنظيم جناح التوعية في مواقع أخرى مثل الدمام (المنطقة الشرقية) وجازان وعسير وجدة. وقد تمكن المركز من زراعة ومتابعة نمو أكثر من 37 مليون شتلة على طول سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، بالتعاون مع العديد من الشركاء والأطراف المعنية مثل شركة أرامكو وشركة التعدين العربية السعودية (معادن)، وشركة البحر الأحمر الدولية، وعدد من المجتمعات المحلية، حيث تستهدف رؤية المملكة 2030 زراعة 100 مليون شجرة مانغروف، مما يسهم في صحة النظام البيئي البحري والحفاظ على الكربون الأزرق. عسل المانغروف وأوضح المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، خلال حملة توعية لنشر أهمية أشجار المانغروف ودورها الحيوي في الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، أنه تم إنتاج 6 أطنان من عسل المانغروف في عام 2023، وتسهم زراعة أشجار المانغروف في زيادة الدخل لسكان المناطق الساحلية، إضافة إلى تحسين النظام البيئي البحري. وأشاد الدكتور رئيس خان، خبير الغابات ضمن برنامج التعاون الفني بين وزارة البيئة ومنظمة الأغذية والزراعة بالمملكة، بمنظومة زراعة غابات المانغروف في مناطق متعددة من المملكة؛ للحفاظ على البيئة، وجعلها أكثر نقاء، قائلًا: «تم إنشاء نظام شامل ومستدام بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر من خلال دمج التكنولوجيا المبتكرة ومبادرات بناء القدرات للمجتمعات والمؤسسات المحلية»، وأضاف: «سيعمل فريقنا بالتعاون مع المختصين من المركز على وضع خطط إدارة لقضايا محددة، وإجراء تقييم للوضع الحالي للغابات، وتحديد أسباب تدهورها، ووضع توصيات بأفضل الممارسات والتقنيات المناسبة لإعادة تأهيلها، والتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز سبل العيش وتحقيق المرونة الساحلية وصون التنوع البيولوجي»، مؤكداً أن الجانب السعودي لديه الخبرة في إدارة غابات المانغروف وأنشطة التشجير؛لتعزيز حماية النظم البيئية وتنميتها وحمايتها، من أجل مستقبل أكثر خضرة في المملكة، وحياة أفضل للإنسان على أراضيها. محطات توزيع المياه المحلاة تنتشر بكل المناطق الساحلية الحدائق والمتنزهات متنفس يخدم البيئة