غرفة الاجتماعات صامتة حيث يتجه الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي المفتوح إلى مكانه المعتاد، وبجانبه رجل أسمر ذو عروق هندية شرقية لم يعرفه أحد. كان الرجل الذي بجانب سام آلتمان هو آرون شاتريجي أستاذ الاقتصاد في جامعة دوك ومستشار الرئيس أوباما الاقتصادي سابقا، وكبير الاقتصاديين في وزارة التجارة في عهد الرئيس بايدن. قرر آلتمان أنه قد حان الوقت لاستحداث منصب كبير الاقتصاديين، ووقع اختياره على شاتريجي. تحدث آلتمان قائلا إن القرار ضروري. عندما يخترق الذكاء الاصطناعي قطاعات العمل ويهزها بأكملها ويشكل المنافسة في السوق بين عشية وضحاها، فإن المخاطر تتجاوز المنتج والربح. تحدث آلتمان بثبات مشوب بالحذر: "نحن نبني أدوات من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد تأثيرا جذريا، فتغير طريقة عمل الناس، بل تعيد هيكلة ثرواتهم". يتوقف لينظر إلى الجالسين ليكمل: "إذا كنا جادين في إفادة البشرية، فنحن بحاجة إلى خبير اقتصادي على الطاولة". تقليديا، نادرا ما شوهد الاقتصاديون في أدوار قيادية داخل شركات التقنية. كان مهندسو البرمجيات ومديرو المنتجات وعلماء البيانات هم القوة الدافعة، يركزون على الابتكار السريع والتوسع لتلبية الطلب. لكن مع توسع شركات التقنية في مجالات ذات آثار مجتمعية كبيرة - مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة ووسائل التواصل الاجتماعي - أصبح فهم الآثار الاقتصادية والتخفيف من حدتها أمرا بالغ الأهمية. واحدة من المساهمات الرئيسة التي يمكن أن يقدمها الاقتصاديون لشركة مثل الذكاء الاصطناعي المفتوح هي تصميم السوق وهيكلة حوافزه. على سبيل المثال، عند نشر أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن للاقتصادي المساعدة في التنبؤ بأثر الابتكارات على أسواق العمل والإنتاجية والرعاية الاجتماعية. تحتاج الشركات المعتمدة على التقنية مثل الذكاء الاصطناعي المفتوح التي لديها القدرة على تعطيل صناعات بأكملها، إلى فهم عميق لمآلات أفعالها وامتداد تأثيرها عبر اقتصادات مختلفة وأسواق العمل التابعة لها. تتمثل مهمة الخبير الاقتصادي في توقع هذه الاضطرابات والمساعدة في تطوير استراتيجيات تحدد المسار الأمثل للنمو. علاوة على ذلك، فإن الاقتصاديين ماهرون في تقييم الآثار غير الملموسة للتقنية التي يتسع نطاقها ويخرج عن السيطرة. على سبيل المثال، لتحقيق الفائدة الاجتماعية يتوقع من الذكاء الاصطناعي المفتوح امتلاك أدوات أوسع من الخبرة التقنية؛ فهي تتطلب فهما للتوزيع العادل للقيمة وتخفيف العواقب الاقتصادية غير المقصودة، مثل تفاقم عدم المساواة في الدخل. يمتلك الاقتصاديون قدرة على تحليل الخيارات والمفاضلة بينها، ويقترحون السياسات اللازمة لتحكيم استخدام الذكاء الاصطناعي وتوزيعه، مما يضمن توازنا أعدل بين الابتكار وإمكانية الوصول. إذا اتبعت المزيد من شركات التقنية مثل هذا التوجه، فقد نرى حقبة جديدة تتقدم فيها التقنية ليس بسرعة فقط بل ببصيرة أخلاقية واقتصادية. في عالم تشكل فيه التقنية نحن بحاجة لحبك النسيج الاجتماعي بالاقتصاد، فلعل الاقتصاديين هم مهندسو مستقبل مستدام ومنصف.