في أي مجال عمل لن تكون أسباب الرضا الوظيفي واحدة بالنسبة لجميع الأفراد، الفروق الفردية مختلفة، الاحتياجات متنوعة، الخبرات والتجارب والثقافة متنوعة. في هذه الحالة كيف ستكون بيئة العمل محققة للرضا الوظيفي للجميع، هنا يكمن التحدي. المنظمة التي تحقق الرضا الوظيفي لجميع منسوبيها لا تحقق ذلك صدفة وإنما نتاج ثقافة تنطلق من مبادئ تأخذ في الاعتبار العوامل المهنية والإنسانية والمادية. عندما يستقبلك موظف في مدخل المنظمة مرحبا ومبتسما سيكون انطباعك ايجابيا عن بيئة هذه المنظمة، عندما تحتفل المنظمة بزواج أحد أفرادها مهما كان مستواه الوظيفي فهذا مبدأ إنساني يعزز الانتماء والولاء، عندما تتوفر فرص التدريب والتطوير للجميع فهنا يتحقق مبدأ العدالة، عندما تتوفر الخدمات للجميع بما في ذلك ذوي الإعاقة فهذا مبدأ يحقق الرضا الوظيفي للجميع، عندما تتوفر الرعاية الصحية، ويسود التقدير والاحترام، وتكون المنظمة كاملة بمثابة فريق عمل، ويكون التقييم من أجل التطوير وليس من أجل الانتقاد، هنا تكون بيئة العمل مؤسسة على ثقافة وليس على اجتهادات أو علاقات شخصية. في بيئة العمل حقوق وواجبات موثقه بالعقود والالتزام بها يساهم في استمرار العلاقة الإيجابية بين المنظمة وأفرادها. ماذا عن العوامل الأخرى التي لا تحكمها العقود مثل النمط القيادي، والأنشطة الاجتماعية والجوانب الإنسانية. ما المقصود بالجوانب الإنسانية؟ هل المطلوب أن يكون الموظف علاقة صداقة مع جميع زملاء العمل؟ الجوانب الإنسانية هي الدعم الإنساني حين يمر الموظف بظروف إنسانية صعبة، هي مشاركة الموظفين في أفراحهم وأتراحهم، هي الفعاليات التي تعزز العلاقات غير الرسمية، هي التوازن بين مسؤوليات العمل ومسؤوليات الأسرة، هي تعزيز التفكير الإيجابي والتحفيز على الإضافة والابتكار والإبداع والتعاون. كل تلك الجوانب الإيجابية هي انعكاس لوجود ثقافة تشتمل على الرؤية والرسالة والأهداف والأنظمة والسياسات والإجراءات والقيم المهنية والأخلاقية، هذه الثقافة قد تكون متوارثه لكنها غير مكتوبه وغير معتمده رسميا ولا تقام لها ندوات وورش عمل كي تكون راسخة في أذهان جميع أفراد المنظمة وتنعكس على سلوكهم. إن لم يحدث ذلك فهي -تلك الثقافة- مع الزمن معرضه للنسيان، ثقافة المنظمة هي التي تعزز الصورة الذهنية لها في المجتمع، وهي مصدر الرضا الوظيفي لجميع أفراد المنظمة بشرط أن تكون مطبقة على أرض الواقع وليس في محيط التنظير فقط.