هناك جانب مهم في التسويق يتمثل في أنه لا يمكن أن تستهدف جميع الجمهور بمختلف شرائحه بمزيج تسوقي واحد، ولكن لابد من اختيار سوق معين وتحديد الفئة المستهدفة فيه والتعرف على اهتماماتهم ونمط سلوكهم، إضافة إلى معرفة ما دوافعهم وكيفية تحديد أولوياتهم في اتخاذ قرار الشراء لديهم، وهذا ما يعرف بالتسويق المستهدف (Target Marketing). كما يمكن أيضاً استهداف عدة أجزاء أخرى مختلفة من فئات المجتمع عبر ما يعرف بالتسويق متعدد الشرائح (Multi-segment marketing) فتجد خيارات وأنواعاً متعددة لنفس العلامة التجارية تستهدف كل منها شرائح مختلفة من فئات المجتمع، أما بالنسبة لتقديم منتج واحد بمواصفات موحدة من خلال مزيج تسويقي واحد لجميع المستهلكين فهو ما يعرف بالتسويق الشامل أو الجماهيري (Mass Marketing)، فكما قال "هنري فورد" مؤسس شركة فورد السيارات: (أي مشترِ بإمكانه اقتناء السيارة باللون الذي يريده، طالما كان اللون أسود) وذلك بسبب حبه للون الأسود ورغبته في تخفيض التكاليف من خلال الإنتاج الموحد بشكل كبير (Mass production) وهذا بالطبع نهج غير صحيح، وبالذات في وقتنا الحاضر مع توفر المنتجات حاليا بكثرة وتعدد الخيارات أمام المستهلكين، بالإضافة الى تعدد فئاتهم واختلاف احتياجاتهم. ومن المهم عند التفكير بتقسيم السوق وتحديد الفئات المستهدفة أن يتم توفير أدوات لقياس حجم الفئة المستهدفة والقوة الشرائية لها، ومدى إمكانية المنظمة في خدمتها والوصول لها، كما من المهم أيضا دراسة مدى الأثر الإيجابي للمنظمة من الدخول في السوق المستهدف الذي تم اختياره (Value of the marketplace). وتقسيم السوق يتم بناء على عدة أسس، منها على الأساس الجغرافي نظرا للاختلاف المناخ والكثافة السكانية ومستوى الحضارة والعادات الاجتماعية، وعلى الأساس الديمغرافي الذي يشمل الجنس والعمر والمستوى التعليمي والدخل، أيضاً تقسيم السوق على أساس نفسي كما في عامل نمط المعيشة (Life Style) وأسلوب حياة الفرد في طريقة أكله وشربه ونومه وطريقة قضاء وقت فراغه، كذلك تقسيم السوق على أساس المستوى المعيشي والطبقة الاجتماعية للشخص التي تحدد نوع المنتجات والماركات التي يشتريها الفرد، أيضا التقسيم على أساس مستوى المنفعة من المنتج، فمثلا شراء السيارات يكون الغرض من استخدامها في التنقل، ولكن شراء سيارة ماركة "رولز رويس" لا يكون اقتنائها بغرض الانتفاع منها في قضاء الحاجات اليومية، إنما بغرض إظهار المكانة الاجتماعية للفرد، كذلك يتم تقسيم السوق على أساس مستوى الولاء لدى العملاء حيث يقسم إلى شديد الولاء الذي لا يمكن للفرد أن يشتري بديلاً للعلامة التجارية ومعتدل الولاء الذي إذا اضطر يقوم بالتغيير لعلامة أخرى، أما ضعيف الولاء فهو المتنقل بين العلامات التجارية بناء على العروض والمميزات المجدية التي يجدها أمامه في كل مرة، أيضا يتم تقسيم السوق على أساس سلوكي كما في حجم وكمية وتكرار الشراء، وفي الأخير التقسيم على أساس المناسبات كما في الشوكولاتة التي يتم شراؤها بشكل اعتيادي في الأيام العادية، ولكن يزيد شراؤها بشكل كثيف في الأعياد. وكلما زادت أسس تقسيم السوق، كلما أدى ذلك لتصغير حجم السوق وأصبح يستهدف فئة صغيرة جداً، أو كما يعرف بالسوق المتخصص (Niche Market) بالتالي يكون حجم المبيعات صغيراً، لكن غالباً ما يكون سعر المنتج أو الخدمة مرتفعاً، فمثلاً إذا تم تقسيم منتج على أساس جغرافي، يتحدد لدينا حجم السوق، ثم إذا تم تقسيمها أيضاً على أساس ديموغرافي، سيصغر حجم السوق أكثر، ثم عند تقسيمها بناءً على المنفعة من المنتج، سيصغر حجم السوق بشكل أكبر، وهكذا. فبناء على تقسيم السوق وتحديد الشريحة المستهدفة، سيتحدد على ضوء ذلك اختيار المزيج التسويقي المناسب وإعداد الخطط والبرامج التسويقية الملائمة التي تضع المنظمة في موقع تنافسي مميز لعلامتها التجارية.