لفت انتباهي المعلومة التي تقول: إن إفراط الإنسان في مراعاة مشاعر الآخرين على حساب مشاعره يسبب نقصاً في ثقته بنفسه، وإنه كلما اهتم بمشاعره كلما زادت ثقته بنفسه وبالتالي تنامت إنتاجيته وفاعليته في الحياة. معلومة مهمة جداً نحن بحاجة إلى التمعن فيها كثيراً والبدء بتطبيقها في حياتنا، خاصة أن مجتمعاتنا العربية دائماً ما تعزز لدينا التضحية من أجل الآخرين، ضاربين بمشاعرنا وأحاسيسنا واهتماماتنا عرض الحائط متناسين أننا بشر، وكما يحتاج الغير أن نهتم بهم وبمشاعرهم فأنفسنا لها حق أولاً وقبل كل شيء. كثيراً ما نسمع زوجة تشتكي أنها قدمت حياتها ومشاعرها وكل ما تملك لزوجها وأولادها ولكن في الأخير لم تجنِ شيئاً.. ونسمع الشكوى نفسها من شخص أفنى حياته في الإخلاص لأصدقائه وأعطاهم الغالي والنفيس في حياته وفي الأخير بقي وحيداً.. وغيرها من القصص التي تتكرر في حياتنا ونسمعها كثيراً والسبب في تكرارها ثقافة المجتمع التي تدعو إلى العطاء دون مراعاة النفس. عندما نضحي بوقتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا ودراستنا وكل ما نملك من أجل الآخرين مهما كانت صلتنا بهم فإننا نفقد أرواحنا.. نفقد أحاسيسنا.. نفقد ثقتنا بأنفسنا.. نفقد لذة وطعم الحياة لذلك لا بد أن نغير من طريقة تعاملنا مع المشاعر والعواطف، ونبدأ من جديد. لنتفقد قلوبنا.. أرواحنا.. حياتنا.. لننعشها من جديد، ونبث فيها الحياة ونهتم بتطوير ذواتنا وبتفقد أرواحنا قبل كل شيء، وبالتأكيد هذا لا يعني أن نلغي الآخرين من حولنا أو نهمل أحبابنا.. لا. لا بد أن نتفقد أرواحنا ثم نتفقد أرواح من حولنا.. نطور أنفسنا ومن ثم نسعى لتطوير من نحبهم.. نستمتع مع أنفسنا ونشرك الآخرين هذه المتعة.. نرفه عن أنفسنا وعن من نحبهم معنا. التوازن في الحياة سنة ربانية أزلية لا تستقيم الحياة من غيره.. لنتعلم فن إدارة الحياة بتوازن وكيف ندير مشاعرنا.. عطائنا.. أحاسيسنا.. حتى لا نضيع في العالم الذي يأخذ باستمرار ولا يعطي الشخص الذي لا يبحث بداخل نفسه. وحتى نحقق المنفعة والغاية التي خلقنا الله من أجلها في هذه الأرض ونزيد من إنتاجيتنا في تعمير حياتنا وتعمير الكون من حولنا لا بد أن يكون لأنفسنا نصيباً من الاهتمام والرعاية والمتعة والتطوير مصداقاً لقوله تعالى (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) في أبرز دليل على التوازن في كل شيء حتى ما يتعلق بالعبادات والروحانيات. *رئيس اللجنة الوطنية الخاصة للمجمعات الطبية