بعد بطولة كأس العالم، يجمع المجتمع الرياضي الكروي على أن بطولة أمم أوروبا هي الأقوى على مستوى القارات، نظرا لوجود أقوى منتخبات العالم وأقوى وأميز لاعبي كرة القدم، في الأميركية اللاتينية البرازيل والأرجنتين فقط، لكن في القارة العجوز هناك ألمانيا إسبانيا إيطاليافرنساهولندا إنجلترا البرتغال بلجيكا، ومنتخبات الصف الثاني كذلك تعد الأقوى عالميا كرواتياسويسرا الدنمارك تركيا، كل هذه المنتخبات تعد الأقوى على مستوى العالم، وأقوى المنتخبات الأفريقية والآسيوية حين تلعب معها تكون دفاعية أو يكون التعادل إنجازا، لكن في يورو 24 الأمر نجده قد اختلف نوعا ما، رغم وجود ثلة من النجوم القدامى وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو ومودريتش وكروس، أيضا يوجد لاعبون نجوم حاليون كإمبابي، نجوم صاعدين كغولير التركي. نظام البطولة نفسه عقيم، وتنافسية في الدور الأول غير ممتعة، ست مجموعات، يتأهل الأول والثاني، ومن ثم يتأهل أفضل أربع مركز ثالث، يعني بمجموع فرق مشاركة 24 فريق يتأهل للدور الثاني 16 فريق، وهذا يخفض من عامل المنافسة بشكل كبير، ولكن من وجهة نظر أخرى لعل الفكر الأوروبي يريد إطالة عمر المنافسة وزيادة عدد الفرق المشاركة وبالتالي المتأهلة، وذلك لغايات اقتصادية بحتة، خاصة أن حجم استثماراتهم في الرياضة عموما وفي كرة القدم خصوصا عالية جدا، وحقيقة في هذه البطولة ونظامها الجديد، عملية توقع من يتأهل للدور الثاني أصبح سهلا جدا، قد يكون الصعب توقع المراكز والترتيب، ولهذا فإن الدور الثاني كان أيضا نوعا ما سهل التوقع، والمفاجأة الوحيدة كانت في الدور الأول خروج كرواتيا من البطولة، رغم أنها في المركز الثالث لكن بنقطتين من تعادلين وخسارة، تعادل مثير جدا مع إيطاليا التي سجلت التعادل في الثواني الأخيرة من الوقت الإضافي، لكن بقية الفرق التي لم تتأهل كلها كانت ضمن توقعات عدم التأهل أساسا، ولعل المفاجأة الأخرى هي تصدر النمسا لمجموعتها على حساب فرنساوهولندا وبولندا، كذلك جورجيا التي هزمت البرتغال في المباراة الأخيرة. الطليان لم يكملوا إنجازهم وخرجوا من أمام سويسرا في الدور الثاني، ولعلهم اكتفوا بإنجاز إخراج كرواتيا، لكن أمام سويسرا رأينا فريقا إيطاليا مريضا متهالكا، كنا نعتقد أنه بعد فشلهم لمرتين متتاليتين في التأهل لكأس العالم، وكونهم حاملي لقب اليورو الماضي، فإن الروح الأزروية ستنفجر، لكن واضح جدا أن إيطاليا تمضي على طريق الأورغواي في مسيرة تاريخ فقط لا غير. ألمانيا بهدوء تقصي الدانمارك كما هو متوقع، إسبانيا للحظات بسيطة جدا أشعرتنا بالقلق لكنها عادت وبقوة لتؤكد أنها الأقوى لغاية الآن وتكتسح جورجيا، البرتغال بضربات الترجيح وتتأهل مع استمرار دموع رونالدو بعد إضاعته لضربة جزاء في وقت مهم جدا في المباراة وعلى حساب سلوفينيا، إنجلترا وبروح مدريد وبهدف بيلينجهام الأسطوري تعود في الثواني الأخيرة للتأهل على حساب سلوفاكيا، هولندا كما هو متوقع تقصي رومانيا، النمسا رغم قوتها لكنها تسقط أمام قلاع الأتراك في مباراة قوية جدا كما كنا نتوقع ذلك، كنا نعتقد أن فرنسا ستنفجر وتهزم بلجيكا، وفعلا فازت ولكن دون أي تألق أو إبهار. ربع النهائي سيشهد نهائيا مبكرا بين ألمانيا وإسبانيا، ويخطئ من يظن أن التوقع سيكون سهلا، الألمان بتنظيمهم وأرضهم وجمهورهم وغيابهم عن منصات التتويج منذ أمد بعيد، والإسبان بقوتهم ووفرة النجوم لديهم ونتائجهم المتميزة في البطولة، لكنهم لم يلعبوا ضد فريق بقوة ألمانيا للآن، لأن فوزهم على إيطاليا في المجموعات لم يحسب لهم أنهم تجاوزوا فريقا قويا، لكني أتوقعها ألمانية وخسارة إسبانيا، البرتغالفرنسا، علامات استفهام عليهما الاثنان، التاريخ رونالدو أمام المستقبل مبابي، والغلبة من وجهة نظري ستكون للمستقبل توقعا مني، إنجلترا سويسرا، الإنجليز سيضربون بقوة، وسيخسرون أيضا بقوة إن لم يغير مدربهم فكره ولو قليلا، لكن التوقع الأكبر لمصلحة كيين وبيلينغاهم، هولندا تركيا، الأتراك تزداد ثقتهم بأنفسهم مرة تلو مرة، وفرصتهم أمام هولندا أصبحت متساوية، لكن الطواحين الهولندية تعرف كيف تلعب المباريات الحاسمة، بشق الأنفس هولندا توقعا ستتأهل. المربع الذهبي وفق توقعاتي سيكون ألمانيا إنجلترا فرنساهولندا، فرنسا ستحدث المفاجاة وتخرج صاحبة الأرض وتتأهل للنهائي، وإنجلترا تتجاوز هولندا. ليكون النهائي فرنسيا إنجليزيا، ويتواجه الخصمان مبابي وبيلينغاهم، اللذان بعد البطولة سيلتحقان كزملاء في مدريد، ولعلنا سنشهد ولأول مرة هاري كين يحمل كأس بطولة دولية قارية، والله أعلم، وللحديث بقية. د. طلال الحربي - الرياض