لا يعقل ما الذي حدث في هذه البطولة، منذ نهايات جولة المجموعات، ألمانيا التي تأهلت بأربعة أهداف فقط سجلتها في مرمى البرتغال، تخسر أمام المنتخب الإنجليزي الذي لم يفز على ألمانيا في ملعب ويمبلي منذ 45 عاما، البرتغال حاملة اللقب تخسر بشكل منطقي أمام بلجيكا المتحدية والتي تملك أكبر معدل عمري لدى اللاعبين، وفرنسا بطلة العالم ووصيفة بطولة اليورو الماضي تخسر بشكل دراماتيكي مفاجئ من الفريق المحظوظ الذي تأهل كأفضل ثالث، سويسرا التي لا نعرف منها إلا شاكيري لاعب ليفربول غير الثابت في التشكيلة، سويسرا التي نزلت أرض الملعب وهي تعلم أنها تواجه بطلة العالم، الفريق الأقوى بالتشكيلة، الأقوى دفاعا ووسطا وهجوما، الفريق الذي يملك دكة احتياط أقوى من الأساسيين. سويسرا ومنذ اللحظة الأولى لم تلعب بشكل تقليدي، كان واضحا أنها تسعى إلى هدف واحد وهو الاحتفاظ بالكرة، منع الفرنسيين من السيطرة كليا، لياقة وقوة بدنية وركض بدون كرة، الفرنسيون في المقابل لعبوا بشكل اعتيادي، حين شاهدوا السويسريين يلعبون للاحتفاظ بالكرة، لم يعطوا الموضوع اهتماما كبيرا، بل تركوهم يسيطرون، ولسان حالهم يقول إن السويسريين سيتعبون سيخطئون حال كل فرق الدرجة الثالثة والرابعة، حتى حين سجلت سويسرا أولا، لم نشعر أن الفرنسيين خائفون، بل ثقتهم بأنفسهم عالية جدا، ولا ألومهم بل معهم حق، لكن سويسرا كانت على عتبة تقديم درس كروي لم نشهد له مثيل. الشوط الثاني فرنسا ومن خلال بن زيما تسجل هدفين متتالين، وهذا أكد لنا أن تخطيط ديشامب مدرب فرنسا في مكانه، وأن الزوبعة السويسرية انتهت، سيفتحون اللعب لأنه ليس لديهم شيء يخسرونه، ولا عليه ضغوطات كالفرنسيين، بل وزاد الثقة لدى لاعبي فرنسا ولدينا نحن المشاهدين أن الأمور حسمت حين سجل بوجبا أجمل هدف في البطولة، الهدف الثالث، الأمور حسمت، العيون الآن على مواجهة إسبانيا التي فازت على كرواتيا بخمسة أهداف مقابل ثلاثة، ونفس حال مباراة فرنساوسويسرا، تقدمت كرواتيا ثم عادت إسبانيا لتتعادل ثم تتقدم بثلاثة أهداف لهدف واحد لكرواتيا. سويسرا عدلت النتيجة في الدقائق الأخير مع فرنسا بهدفين صاعقين، نجح أسلوب الاحتفاظ بالكرة، والفرنسيون كانوا يتسابقون من يسجل الهدف الرابع، امبامي كان يركض كالأهوج في كل اتجاه، رغم صناعته لهدفين لكن استعجاله لتسجيل هدف كان هو الأثر السلبي، المباراة تمتد لشوطين إضافيين، كما حدث مع الكروات الذين صعقوا الإسبان بهدفين ليتعادلوا في اللحظات الأخيرة، وتذهب المباراة للأشواط الإضافية، لكن الكروات اندفعوا بقوة ليصطادهم الإسبان قبل نهاية الأشواط الإضافية وتنتهي المباراة بخمسة مقابل ثلاثة، أما فرنسا أعادت ترتيب أوراقها وأنزلت لاعبين وغيرت بن زيما، وأصبح الأمر مجرد وقت قبل أن تصنع ما صنعته إسبانيا، لكن المباراة تذهب إلى ضربات الترجيح، وتفوز سويسرا وتخرج فرنسا، ويشاء الحظ أن تكون الضربة الأخير التي أضاعها الفرنسيون بتنفيذ امبامي، ليكون الأسوأ حظا وأداء. سويسرا قدمت الدرس، وأتمنى الاستفادة منه، تريد أن تعلب مع فريق أقوى منك، انتهى عصر الدفاع المغلق، وبدأ عصر اللياقة والاحتفاظ بالكرة، لأن الأقوى منك لن يسجل وهو لا يملك كرة، ولو حصل وسجل استمر بالضغط والسيطرة لأن سويسرا أخرجت بطلة العالم فرنسا بهذه الطريقة، المباريات القادمة شبه نارية، بلجيكاوإيطاليا، وبنسبة كبيرة فإن الفائز منهما سيذهب إلى النهائي، خاصة أنه سيقابل إسبانيا أو سويسرا، وشخصيا أنتظر مباراة سويسرا القادمة مع الإسبان وأتمنى تكرار ما فعلوه بالفرنسيين، على الطرف الآخر فإن الطرف في النهائي سيكون محصورا بين إنجلترا والدنمارك وأوكرانيا والتشيك، الإنجليز أقوياء لكن الدنمارك لها حظوظها القوية، وتشيك هزمت هولاندا ومعنوياتها عالية جدا. ما زلت عند رأيي أن بطل اليورو 2020 \ 2021 هو الفائز من مباراة إيطالياوبلجيكا القادمة، ولكن إن واجه أحدهم سويسرا فإنني سأعيد النظر والحسابات. د. طلال الحربي - الرياض