حين تجلس في غرفة الفندق، تقلب أوراقك، تنظر في الكتاب الذي كنت تقرأ، والكتاب الذي انتهيت من قراءته، منذ البارحة وأنت تشعر بملل، أو حيرة، عن ماذا، ولماذا تكتب، تنظر إلى والدتك، تشعر بالتعب وأنت تخبرها، موعد كتابة المقال غدا، ربما أعتذر، والدتك لا تجيب، لكنها تشعر بتعبك، تزيح نظرتك عنها، لأنك تخجل، تخجل من أنها شعرت بتعبك. تتساءل للمرة التي لا تحصيها حين تشرع في الكتابة، ما الفائدة، لكن، وبالرغم من تشاؤمك العميق تتذكر كل ما حدث ويحدث، وبغرور الكاتب، تعرف، هناك فائدة، تريد أن تعيد تلك اللحظة، التي سخر فيها منك صديقك، سخر من كل ما قمت به في الحياة من كتابة، الكتابة ليست فعل مقاومة، والتمردات الصغيرة التي كنت تقوم بها في الحياة ليست فعل مقاومة، أنت نظرت إليه بحزن تلك الليلة، ابتسمت بتعب، ووافقته، ليس لأنك تتفق معه، ولكن لأنك حزين. لم تقرأ كتابا عظيما تستطيع أن تكتب عنه، أو ربما قرأت كتابا عظيما، رواية من قائمة أعظم مئة رواية، لكنها أرهقتك، ولم تمنحك الإحساس الذي يدفعك للكتابة عنها، إنها الذائقة، تهمس لنفسك، أنت في القاهرة، هناك عيد لا تشعر به، تريد أن تشعر به، في المول ووسط الناس، ليس هناك مظاهر عيد، ليس هناك أغان واحتفالات، الشباب يرتدون ثيابهم المهلهلة التي دفعوا فيها مبالغ طائلة، لا يوجد ضحك أو فرحة، لا يمكن أن يكون مللك معد إلى هذه الدرجة، كل سنة وانت طيب التي كنت تسمعها بدون مناسبة، لا تسمعها أبدا في يوم العيد، كيف يمكنك إذن الاعتذار لمدير التحرير بأنك لم تستطع الكتابة بسبب العيد، أين العيد. آخر فيلم شاهدته كتبت عنه المقال السابق، تريد أن تحضر حفلة موسيقية، تسأل قريبتك الشابة أي حفلة، وتجيبها أختك ليس لك، إنها عن عبدالوهاب العظيم، تجيب الفتاة أنها لا تحضر حفلات موسيقية، وتستمتع بالدي جي والصخب لكنها لا تطيق الجلوس والاستماع إلى موسيقى حية، تنظر إليها بعمق، أنت لا تحكم عليها، أنت فقط تريد أن تفهم، يعود إليك الشعور بالملل، والسؤال عن الفائدة، لكنك تعرف، أنك في عائلتك أحدثت تغييرا، وحين يتمكن منك الغرور في لحظات قصيرة، تعترف لنفسك أنه تغيير هائل ذاك الذي أحدثته، عن طريق الكتابة، ربما لا. تعود للسؤال، إذن لماذا أكتب، يعاودك الغرور وتقول، للأخريات البعيدات، الذين لا يعيشون في محيط عائلتك.