في الوقت الذي وصل فيه الكاتب السياسي والدبلوماسي الإنجليزي بيلينكن للقاهرة عام 1947م كان الأمير فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- في مهمه رسمية لحضور مؤتمر عن فلسطين مرورا بالقاهرة وهناك التقاه بيلينكن الذي تحدث معه كما قال على مدى ساعتين ونصف بينما كان الجنود المسلحون يحرسون جناحه الخاص في فندق شبرد حيث سيغادر خلال يوم أو يومين إلى بحيرة سكسيس لحضور المؤتمر يرافقه الشيخ إبراهيم والأعضاء الآخرون في الجناح وقد أولت الصحافة المصرية زيارة الأمير اهتماما بالغاً وبحضور عدد من الشخصيات العربية تحدث بداية الأمر طويلا وبغضب عن القضية الفلسطينية وموقف بريطانيا المخيب للأمل أوردها بنصها ضمن كتابه يوميات رحلة من القاهرة إلى الرياض أحد إصدارات دارة الملك عبدالعزيز. وعن السيرة الذاتية يقول بلينكن ليس جميع الملوك والأمراء على استعداد لتقديم سيرة ذاتية دقيقة عن أنفسهم ومن ضمنهم الحيي والخجول الأمير فيصل. ولكنه اليوم جلس معي وأجاب عن أسئلتي على مدار ساعة أو أكثر. وأخبرني عبر المترجم علي رضا أنه ولد في الرياض منذ 41 عاما (الملك فيصل ولد بعد معركة روضة مهنا عام 1906م) حيث لم يكن هناك مدارس نظامية ولذا فقد كان الأستاذ الخاص يحضر إلى القصر لتدريسه الأدب العربي والدين والآن بطبيعة الحال هناك مدرسة للأمراء ومدرسة لبقية أبناء الشعب في الرياض. ويدرس أبناء آل رشيد الذين انتصر عليهم الملك عبدالعزيز في مدرسة الأمراء. كان الملك عبدالعزيز في مكة قبل وصول فيصل بسنة ونصف ولم تضم جدة بعد. وطلب الملك من ابنه فيصل أن يتوجه إلى الجبهة خارج جدة وبعد أيام قليلة منذ استسلمت جدة. وهنا طلب الملك من فيصل أن يكون نائبا له في الحجاز ومازال في منصبه حتى الآن. الملك فيصل الأب الروحي للتعليم بالمملكة وشعاره "كن صادقًا" أخبره أنه أول وزير للخارجية السعودية ولا زال منذ سنة 1930م وقد قام بتنظيم الشعبة التي كان يطلق عليها في الماضي شعبة الشؤون الخارجية. إضافة إلى توليه شعبة البادية المهتمة بتنقل القبائل البدوية في الصحراء. سافر كما قال حينما كان في الثالثة عشرة من عمره في سنة 1919م إلى إنجلترا في أول رحلة له إلى الخارج. ومنذ ذلك الحين زار أوروبا ثمان مراتوالولاياتالمتحدةالأمريكية أربع مرات. وهو يفضل الطرق المسفلتة. ولذا ساعد على إنشاء اول طريق مسفلت في المملكة وبنى مكاتب حكومية في مكةوجدةوالطائف. لأنه رأى حينما كان صغيرا الدمار الذي آلت إليه أوروبا المتحضرة فانطبعت الصورة في ذاكرته. ومن إجاباته -رحمه الله- عرف بيلينكن كما يقول إنه يستيقظ مبكرا. ويهتم بشؤون القصر. ثم يذهب إلى مكتبه للاهتمام بشؤون الدولة. ويستقبل الزوار ما بين منتصف النهار إلى الساعة الخامسة أو السادسة مساء. ويستطيع الناس الاتصال به سواء في المكتب أو القصر. وحينما تسمح له أعماله ومهامه بالراحة فإنه يصير أباً يستمتع باللعب مع أبنائه وكان يفضل ابنه بندر البالغ من العمر نحو خمس سنوات. ويربط بين قصره في الرياض وقصره في الطائف خط تلفوني. ولكن معظم الاتصالات تجرى عن طريق البرقيات الخاصة. وعند السؤال عن أفضل عبارة يوجهها للأطفال والمسؤولين أجاب: (كن صادقاً قبل كل شيء) ويضيف كن صادقا بغض النظر عن أي شيء، أما الآية الكريمة التي يرددها ويعمل بها فهي قوله تعالى: فمن عفى وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. ويضيف بيلينكن: لا يجد الأمير وقتا لركوب الخيل والصيد والسباحة. ويستطيع الإنسان العادي أن يرى بسهولة في عيني فيصل إصراره على تحقيق مصيره. إنه رجل من الممتع مقابلته. ولكنني أدركت أن هناك حاجزا هائلاً لا حاجة له يفصل الرجال الذين لا يتحدثون بطلاقه لغة مشتركة، إذ أن هناك تسعة من كل عشرة سياسيين من الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية لا يستطيعون التحدث معه مباشرة. وأخيرا قال عنه علي رضا: يمكن وصف فيصل بأنه الأب الروحي للتعليم في المملكة. وبسبب توجيهاته ابتعث الطلاب إلى الولاياتالمتحدة. الملك فيصل بن عبدالعزيز حينما كان نائب الملك في الحجاز آنذاك ونيكولاي كريستينسي النائب الأول لوزير الخارجية 1351 (1932) من بدايات التعليم الملك فيصل يفتتح كلية البترول بالظهران 1384ه