ماذا يعني أن تكون سعوديا، هل الأمر مرتبط بالجنسية والانتماء لبقعة جغرافية محددة، أم أن الأمر يتجاوز هذا التحديد بمراحل متعددة، خصوصا مع النهضة مع الحقبة الجديدة التي نعيشها والتي هي امتداد لحقب تاريخية مميزة للإنسان السعودي منذ أكثر من 300 عاما. الأسبوع الماضي كنت في واشنطن لحضور حفل تخرج ابني تركي، وتحديدا بجامعة جورج واشنطن العريقة، والتي كانت خلال الأيام الماضية حديث وكالات الإعلام العالمية نتيجة للتظاهرات التي كانت وما زالت أحيانا المتعلقة بأحداث غزة، والتي تم استغلالها بصورة أحيانا همجية ولا تخدم القضية وإنما على المستوى البعيد ستجعل هذه الأحداث لها انعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية، والتي لن يدعمها رفع شال أو أعمال همجية بمجتمع مدني متحضر، يهتم بالفكر والإقناع أكثر من مما شاهدناه وأثرت على سلامة أساتذة الجامعة وطلابها والمنتسبين لها بصورة مقلقة! والحقيقة أنني ومع الإجراءات الأمنية غير المعتادة لحفل التخرج، ومحدودية دعوات الحضور، فكرت أن أحضر هذه المناسبة بالزي السعودي الرسمي، لاعتبارات متعددة أهمها الفخر بهذا الوطن، وأيضا الفخر بكمية الطلاب والطالبات السعوديين الخريجين من حملة شهادة الماجستير وبتخصصات مهمة ومن جامعة عريقة، لأن انعكاس اللبس الرسمي هو رسالة مدنية ثقافية حضارية ولكن بلغة السلام والاندماج مع الحضارات الأخرى وبالوقت نفسه بمستويات أكاديمية حالنا حال من سبقنا بهذا المجال منذ مئات السنين. اختلف التفكير مع التوهج السعودي العالمي خصوصا في السنوات الأخيرة من النظرة للزي السعودي بمجرد أنه لباس ثقافي مختلف، النظرة كانت وأنا التقي مع الأكاديميين وأولياء أمور الخريجين من مختلف الجنسيات، مختلفة جدا، كان الحديث معهم عن وطننا يتسم بالسؤال عن نيوم وذا لاين والتطورات الاجتماعية التي نعيشها والمدعومة بالتوهج الاقتصادي والمكانة السياسية المرموقة لوطننا، الأمر ليس مجرد حديث مجاملات وإنما حديث يتسم بالواقعية والاحترام وبعيدا عن الغوغائية التي كانت، وكانت أيضا مقلقة لمن حضر الحفل، كخوف من استغلاله لممارسات غير مقبولة حضارياً. أن تكون سعوديا وبالعلم والحضور بأعرق الجامعات وبعنوان ثقافي انطباعي متمثل باللبس الرسمي السعودي، هي رسالة للعالم ومن يصعب أن نصل لهم إعلاميا، الأمر ليس مجرد لباس عربي كما كان يطلق عليه وصورته سينما هوليود ببعض أفلامها، هو ثقافة سعودية تشارك العالم بكل فخر ونظرة ثاقبة للمستقبل، تعيش لحظات مميزة وأنت تشارك الآخرين، وبكل شموخ ماضيك وحاضرك ومستقبلك، لذلك من المهم في مثل هذه المناسبات وبالتعاون ما بين وزارة التعليم ووزارة الثقافة وبدعم لوزارة الإعلام، أن نكون حاضرين بثقافتنا المرتكز على مشاركتنا للدول المتقدمة بتفوق أبنائنا، لتكون مناسبات التخرج بجميع الجامعات الخارجية ممزوجة بحضور للزي السعودي الأنيق كرسالة غير مباشرة لثقافة ننتظر إيصالها من وزارة الثقافة عبر هيئتها المتخصصة بالأزياء.