توعدت طهران بالرد على «أدنى» عمل إسرائيلي يستهدف مصالحها، وذلك في ظل تهديد الدولة العبرية بالردّ على هجوم إيراني غير مسبوق بمسيّرات وصواريخ استهدفها ليل السبت الأحد. وشنّت الجمهورية الإيرانية هجوما بمئات الطائرات المسيّرة والصواريخ في نهاية الأسبوع، واضعة إياه في إطار الرد على قصف مقر قنصليتها في دمشق في الأول من أبريل، والذي اتهمت إسرائيل بالوقوف خلفه. وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني «نعلن بكل حزم أن أصغر عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل وواسع النطاق ومؤلم ضد جميع مرتكبيه». وأضاف وفق ما نقل بيان للرئاسة الإيرانية «خلافاً للنص الصريح للقوانين الدولية، لم تقم الأممالمتحدة ومجلس الأمن بالحد الأدنى من واجباتهما القانونية في إدانة الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق... من هذا المنطلق قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتصميم وتنفيذ عملية ضد نفس المراكز التي تصرفت ضدنا تماشيا مع ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب» ميثاق الأممالمتحدة. بدوره، قال نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري مساء الإثنين إن «الصهاينة ارتكبوا خطأ استراتيجيا في قصفهم للقنصلية الايرانية في دمشق». وتابع «عليهم ألا يعالجوا خطأهم الاستراتيجي بخطأ استراتيجي ثانٍ، لأنهم لو كرروا خطأهم الاستراتيجي فعليهم أن ينتظروا تلقي ضربة أقوى وأقسى وأسرع، وهذه المرة لن يُمهَلوا 12 يوما ولن يكون المقياس باليوم والساعات بل بالثواني». وكان قصف القنصلية في دمشق أدى إلى مقتل سبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان بارزان. وتعهّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الإثنين «الردّ» على الهجوم الإيراني الذي لقي تنديدا من قادة دول غربية، مرفقا بدعوات إلى ضبط النفس خشية اتساع نطاق التصعيد في المنطقة. وقال الجنرال هاليفي خلال زيارته قاعدة نيفاتيم في جنوب البلاد التي تعرضت لإصابات جراء القصف الإيراني إن إسرائيل «ستردّ على إطلاق هذا العدد الكبير جدا من الصواريخ وصواريخ كروز والمسيرات على أراضي دولة اسرائيل». وكان الجيش الإسرائيلي أكد أنه تمكن مع حلفائه، تتقدمهم الولاياتالمتحدة، من إسقاط غالبية ما أطلقته إيران. من جهتها، أكدت إيران أنها أبلغت الدول المجاورة بهجومها المخطط له «قبل 72 ساعة من العملية». إلى ذلك شن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ما أسماه «هجوما دبلوماسيا» ضد إيران. وقال كاتس عبر منصة إكس، تويتر سابقا، أمس الثلاثاء «أرسلت هذا الصباح رسائل إلى 32 دولة وتحدثت مع العشرات من وزراء الخارجية والشخصيات البارزة في جميع أنحاء العالم». ودعا كاتس إلى فرض عقوبات على برنامج الصواريخ الإيراني وتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستساعد على احتواء طهران وإضعافها. وقال كاتس «يجب إيقاف إيران الآن، قبل فوات الأوان». «قلق» من استهداف إسرائيل منشآت نووية إيرانية وأضاف كاتس أن الحملة الدبلوماسية الإسرائيلية ضد إيران يجب أن يصاحبها رد عسكري على هجوم طهران بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة. واعترضت إسرائيل والدفاعات المتحالفة معها كافة الهجمات التي تم شنها تقريبا. وأشارت قيادة الجيش الإسرائيلي إلى أنها لا تعتزم ترك الهجوم الإيراني الكبير الذي تم شنه ليلة السبت الماضي دون رد. وقالت إيران إن الهجوم جاء ردا على هجوم إسرائيلي على «مجمع دبلوماسي إيراني» في سوريا أسفر عن مقتل جنرالين وخمسة ضباط إيرانيين. من جهة أخرى حذرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الثلاثاء من أن واشنطن يمكن أن تفرض عقوبات إضافية على إيران وذلك بعد هجوم طهران غير المسبوق على إسرائيل ردًا على استهداف قنصليتها في دمشق. وقالت يلين حسبما جاء في نصّ كلمتها قبل اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تجري في واشنطن هذا الأسبوع «لن تتردد وزارة الخزانة الأميركية للعمل مع حلفائنا لاستخدام سلطة العقوبات لمواصلة تعطيل نشاط النظام الإيراني الخبيث والمزعزع». من جهته أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي عن «قلقه» من احتمال استهداف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية ردّا على هجوم طهران على الدولة العبرية، مؤكدا أن هذه المنشآت أغلقت الأحد. وأتت تصريحات غروسي الإثنين في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع لمجلس الأمن الدولي مخصص لبحث الوضع في محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا. ورداً على سؤال بشأن شنّ إسرائيل ضربة انتقامية تطال المنشآت النووية الإيرانية، قال غروسي «نحن قلقون من هذا الاحتمال». وأضاف «ما يمكنني أن أقوله لكم هو أن الحكومة الإيرانية أبلغت مفتشينا في إيران (الأحد) بأن كل المنشآت النووية التي نقوم بتفتيشها يوميا، ستبقى مغلقة لاعتبارات أمنية». وفي حين أشار إلى أن الاغلاق هو ليوم واحد، أكد أن المفتشين لن يعودوا الى المنشآت قبل اليوم التالي. وأوضح «قررت عدم السماح للمفتشين بالعودة الى أن نرى أن الوضع هادئ تماما». وشدد المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة على ضرورة أن يمارس الأطراف «أقصى درجات ضبط النفس». وسبق لإسرائيل استهداف منشآت نووية في منطقة الشرق الأوسط. وأعلنت إسرائيل تدمير مفاعل تموز في العراق عام 1981، وأقرت في 2018 بأنها شنّت قبل 11 عاما من ذلك، ضربة جوية استهدفت مفاعلا قيد الانشاء في أقصى شرق سوريا. ويثير البرنامج النووي لإيران قلق إسرائيل وعدد من الدول الغربية. وفي حين تتهم أطراف عدة إيران بالسعي لامتلاك سلاح ذري، تؤكد طهران سلمية برنامجها وطابعه المدني. واتهمت طهران إسرائيل بالوقوف خلف عمليات تخريب لمنشآتها النووية، إضافة الى اغتيال عدد من علمائها على مدى الأعوام الماضية. وفي اليومين الماضيين، توالت الدعوات الى ضبط النفس، وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة الأحد حذر فيها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن «لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى» وحضّ على «أقصى درجات ضبط النفس». ودان قادة دول مجموعة السبع الهجوم الإيراني ودعوا جميع الأطراف إلى «ضبط النفس»، حسبما كتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على منصة إكس عقب مؤتمر بالفيديو. ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس الإثنين إسرائيل الى «المساهمة في خفض التصعيد». وقال خلال زيارة الى الصين إن «الطريقة التي تمكنت من خلالها إسرائيل بالتعاون مع شركائها الدوليين... من صدّ هذا الهجوم، مثيرة للإعجاب فعلا»، معتبرا ذلك «نجاحا لا يجب التفريط به». كما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين أن بلاده ستبذل ما في وسعها للحؤول دون التصعيد، ومثله فعلت بريطانيا على لسان وزير الخارجية ديفيد كامرون. من جهته، أكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين «لا نريد أن نرى تصعيدا في الوضع». وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين إعادة فتح المدارس في معظم أنحاء البلاد، بعدما أغلقت لأسباب أمنية السبت. كذلك استأنفت المطارات في إيران حركة الإقلاع والهبوط الإثنين، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي. وانخفضت أسواق الأسهم الإثنين على وقع المخاوف من نزاع إقليمي أوسع نطاقا.