رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن للتراجع عن الهجوم البري المزمع على مدينة رفح جنوب قطاع غزة. ورفح هي الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح والذي تعتقد إسرائيل أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يتحصنون فيه. وقال نتنياهو في إفادة أمام المشرعين اليوم الثلاثاء إنه كشف "بكل وضوح" للرئيس الأمريكي "أننا عازمون على استكمال عملية القضاء على هذه الكتائب (حماس) في رفح، ولا يوجد سبيل للقيام بذلك إلا بالعمل على الأرض". وتحدث بايدن ونتنياهو في مكالمة هاتفية أمس الاثنين. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن واشنطن ترى أن الهجوم على رفح سيكون "خطأ" وإن إسرائيل يمكن أن تحقق أهدافها العسكرية بوسائل أخرى. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير اليوم الثلاثاء إن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين من المرجح أن يجتمعوا مطلع الأسبوع المقبل في واشنطن لمناقشة العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، مشيرة إلى وجود قلق بالغ إزاء التقارير الواردة عن مجاعة وشيكة في غزة. وأضافت أن بايدن طلب من نتنياهو إرسال وفد بارز من المسؤولين في مجالات الدفاع والمخابرات والعمل الإنساني إلى واشنطن لإجراء مناقشات شاملة في الأيام المقبلة. وأطلقت واشنطن حملة دبلوماسية جديدة لوقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ستة أشهر بهدف تحرير الرهائن وإدخال المساعدات الغذائية لدرء المجاعة في غزة. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن زيارة إلى الشرق الأوسط يلتقي خلالها مع قيادات بارزة من مصر والسعودية "لمناقشة الإطار الصحيح لسلام دائم". ولم يشر بلينكن، على غير العادة، إلى توقفه في إسرائيل نفسها، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها لم تتلق أي إخطار للاستعداد لزيارة من هذا القبيل. وفي رفح، سار ناجون في حالة ذهول عبر أنقاض منزل صباح اليوم الثلاثاء، وهو أحد المباني العديدة التي أصابها القصف الجوي الإسرائيلي ليلا والذي أدى إلى مقتل 14 شخصا في المدينة التي يلوذ بها أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. وفي مشرحة مستشفى قريبة، انتحب أقارب قتلى بجانب الجثث الملقاة على الحصى. وأزاحت امرأة كفنا صغيرا ملطخا بالدماء لتكشف عن وجه صبي صغير. وقال إبراهيم حسونة أحد الذين فقدوا بعض ذويهم "بالنسبة للدعم الأمريكي والدعم الأوروبي ودعم العالم كله لإسرائيل، بيدعموهم بالسلاح وطائرات، باستمرار الطائرات وبيضحكوا علينا وينزلوا لنا أربع أو خمس مظلات بس براية عتب (لحفظ ماء الوجه)". واندلعت الحرب عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول على بلدات إسرائيلية والذي تمخض عنه مقتل 1200 شخص وأسر 253 رهينة وفقا للإحصائيات الإسرائيلية. وتأكد مقتل نحو 32 ألف شخص في الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل ردا على هجوم حماس، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين مع احتمال وجود آلاف آخرين تحت الأنقاض. وجاء في التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي تعتمد عليه الأممالمتحدة، أمس الاثنين أن نقص الغذاء في غزة تجاوز بالفعل مستويات المجاعة بكثير وأن سكان غزة سيموتون قريبا من الجوع الناجم عن المجاعة إذا لم يتسن التوصل إلى هدنة. وترفض إسرائيل تحمل مسؤولية حالة الجوع في غزة. ولم تسمح في البداية بدخول المساعدات إلا من خلال نقطتي تفتيش على الطرف الجنوبيلغزة وتقول إنها تفتح الآن طرقا جديدة برا وبحرا وجوا، وإن على الأممالمتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى بذل جهد أكبر لتوفير الغذاء وتوزيعه. وتقول الأممالمتحدة إن هذا مستحيل دون تحسين سبل الوصول والأمن، وكلاهما على حد قولها مسؤولية إسرائيل. وقال المتحدث باسم مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان جيريمي لورانس "نطاق القيود الإسرائيلية المستمرة على دخول المساعدات إلى غزة إلى جانب الطريقة التي تواصل بها الأعمال القتالية قد يصلان إلى حد استخدام التجويع وسيلة حرب، وهو جريمة حرب". * استئناف محادثات السلام في قطر تُستأنف محادثات وقف إطلاق النار هذا الأسبوع في قطر بعد أن رفضت إسرائيل اقتراحا قدمته حماس الأسبوع الماضي. وتوجه وفد إسرائيلي برئاسة رئيس جهاز المخابرات إلى قطر أمس الاثنين، لكن مسؤولا إسرائيليا قال إن إسرائيل ترى أن التوصل إلى أي اتفاق سيستغرق أسبوعين على الأقل. ويناقش الجانبان هدنة مدتها ستة أسابيع من المقرر أن يُطلق خلالها سراح نحو 40 رهينة إسرائيلية مقابل الإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين وتسريع وتيرة إرسال المساعدات إلى قطاع غزة. لكن يتعين عليهما تضييق هوة الخلافات بخصوص مرحلة ما بعد الهدنة لأن إسرائيل تقول إنها لن تتفاوض إلا على وقف مؤقت للقتال، بينما تقول حماس إنها لن تطلق سراح الرهائن دون خطة أوسع لإنهاء الحرب. وقال مسؤول فلسطيني مقرب من محادثات الوساطة لرويترز إن الجولة الجديدة في قطر من المتوقع أن تكون "صعبة جدا"، متهما إسرائيل بتعمد المماطلة. وقالت حماس إن قائدا كبيرا في الشرطة قُتل في منطقة جباليا بشمال غزة مع زوجته وأطفاله في قصف جوي ليلي وهو ثاني مسؤول كبير بالشرطة يُقتل في يومين بعد مقتل آخر في غارة إسرائيلية على مستشفى الشفاء بمدينة غزة. وذكرت وسائل إعلام تابعة لحركة حماس أن قائدا ثالثا في الشرطة قُتل في غارة جوية إسرائيلية على سيارة في حي النصيرات بوسط غزة في وقت لاحق اليوم الثلاثاء. وقال مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن خمسة أشخاص لقوا حتفهم في الهجوم، بينهم أطفال. وأدت المعاناة الإنسانية في غزة إلى حدوث صدع واضح بين حكومة نتنياهو وأقرب حلفائها واشنطن. وكان تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ وأرفع مسؤول يهودي منتخب في الولاياتالمتحدة، قد دعا الإسرائيليين الأسبوع الماضي إلى استبدال نتنياهو، الذي وصفه بأنه يدمر مكانة إسرائيل الدولية. وتقول إسرائيل إنها ستواصل حرب غزة لحين القضاء على حماس، وإن غاراتها في الأسابيع القليلة الماضية تؤدي إلى قتل مسؤولين كبار في الحركة. وأكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض سوليفان ليلا أن إسرائيل قتلت مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحركة حماس في غزة، خلال غارة الأسبوع الماضي. ولم تؤكد حماس مقتله.