دعت الأممالمتحدة ودول عدّة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية، مطالبة بإجراء تحقيق بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على مدنيين فلسطينيين وحدوث تدافع أثناء توزيع مساعدات الخميس، ما أدّى إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص، وفقاً لحركة حماس. وبعد أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، أكدت فصائل فلسطينية بينها حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي، في بيان أصدرته في موسكو، أنها ستواصل العمل لتحقيق "وحدة وطنية شاملة" في إطار منظمة التحرير وأولوية مواجهة "العدوان الإسرائيلي" في غزة. وجمعت روسيا الخميس ممثلين عن فصائل فلسطينية لإجراء مباحثات في خضم الحرب المتواصلة في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ميدانياً، ذكرت حكومة حماس أنّ القوات الجوية الإسرائيلية نفّذت عشرات الغارات في مختلف أنحاء القطاع الجمعة، بينها خان يونس ورفح في الجنوب. وقال شهود إنّ المعارك بين الجنود الإسرائيليين وحركة حماس تتواصل في مدينة غزة (شمال) وكذلك في خان يونس. وبلغت حصيلة الخسائر البشرية أكثر من 30200 قتيل في القطاع المحاصر، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحماس، بينما تهدّد المجاعة 2,2 مليون شخص من أصل 2,4 مليون، وفقاً للأمم المتحدة التي حذّرت مجدّداً الجمعة من أنّ المجاعة في القطاع "أصبحت شبه حتمية ما لم يتغيّر شيء". وذكر طبيب في مستشفى الشفاء في مدينة غزة وشهود الخميس أنّ الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار على "آلاف المواطنين" الذين هرعوا نحو شاحنات المساعدات عند دوار النابلسي في غرب المدينة. وبحسب أحد الشهود، "اقتربت بعض شاحنات المساعدات أكثر من اللازم من دبابات الجيش المنتشرة في المنطقة وهاجم الحشد الشاحنات. فأطلق الجنود النار على الحشد لأنّ الناس اقتربوا أكثر من اللازم من الدبابات". وقال الجيش الإسرائيلي إنّ جنوداً شعروا "بالتهديد" وأطلقوا النار بصورة "محدودة"، وأفاد عن "تدافع قُتل وجُرح خلاله العشرات، وبعضهم دهسته شاحنات المساعدات". * الهدنة - ومن شأن هذه المأساة أن تعقّد المحادثات من أجل التوصّل إلى هدنة في الحرب التي اندلعت بعد هجوم غير مسبوق نفّذته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وقال بايدن إنه لن تكون هناك "على الأرجح" هدنة في غزة بحلول الاثنين، بعدما أعرب في وقت سابق من هذا الأسبوع عن أمله في وقف إطلاق النار بحلول الرابع من آذار/مارس. ويحاول الوسطاء، قطر والولايات المتحدة ومصر، منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق يسمح بوقف القتال، وإطلاق سراح رهائن مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية. وأجبرت المعارك 1,7 مليون شخص من سكان قطاع غزة على الفرار من منازلهم. وتقدّر الأممالمتحدة أن حوالى 1,5 مليون فلسطيني يتكدّسون في مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع الحدودية مع مصر. وتوعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بشن هجوم على "معقل حماس الأخير" في رفح، على حدّ قوله. فيما يبقى معبر رفح مع مصر مغلقا. وطلبت واشنطن "أجوبة" من إسرائيل بشأن مقتل المدنيين عند دوار النابلسي، داعية إلى "تحقيق معمّق". وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنّ "أفضل طريقة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني هي التوصّل إلى اتفاق بشأن وقف مؤقت لإطلاق النار..."، مشيرة إلى وضع "يائس بشكل لا يُصدّق" في غزّة. * "تحقيق مستقل" - ودانت إيطاليا وإسبانيا المأساة، وأكّدتا على ضرورة وقف إطلاق النار "بشكل عاجل". وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين الجمعة عبر منصة "إكس"، "يجب بذل كل الجهود من أجل التحقيق في ما حصل بشفافية كاملة. المساعدة الإنسانية طوق نجاة للذين يحتاجون اليها، ويجب ضمان وصولها اليهم". وأعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل عن شعوره "بالصدمة والاشمئزاز جراء مقتل مدنيين أبرياء". من جهة أخرى، أعلنت المفوضية الأوروبية أنّ الاتحاد الأوروبي سيفرج "في بداية الأسبوع المقبل" عن 50 مليون يورو كمساعدة لوكالة الأممالمتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، قبل أن يفرج لاحقاً عن 32 مليون إضافية. وكانت دول عدّة أوقفت مساعداتها للاونروا التي اتهمت إسرائيل عددا من أعضائها بالتورط مع حماس. في فرنسا، أعرب الرئيس إيمانويل ماكرون عن "سخط عميق إزاء الصور الآتية من غزة حيث استُهدف مدنيون من جنود إسرائيليين"، مطالباً ب"الحقيقة" و"العدالة". كما طالبت وزارة الخارجية الفرنسية صباح الجمعة ب"تحقيق مستقلّ" بشأن ما حصل. وأعربت الصين الجمعة عن "صدمتها" إزاء المأساة، مؤكدة "إدانتها الشديدة" لما جرى. كذلك، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن "إدانتها واستنكارها الشديدين لاستهداف مدنيين عزّل" ما تسبّب ب"مقتل المئات إزاء قصف قوات الاحتلال طوابير من المدنيين كانوا ينتظرون حصولهم على مساعدات". وتحدّثت قطر عن "مجزرة شنيعة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق مدنيين عزّل"، فيما قالت تركيا إن "إسرائيل أضافت جريمة جديدة إلى جرائمها ضد الإنسانية". وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً مغلقاً الخميس لبحث المسألة، بعدما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "صدمته"، مندداً بواقعة "مروعة"، وداعياً إلى "تحقيق مستقل" لتحديد المسؤوليات. وأسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل عن مقتل أكثر من 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة. كما احتُجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا في غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم قُتلوا. وردّت إسرائيل متوعدة ب"القضاء" على حماس. وباشرت حملة قصف على قطاع غزة أتبعتها بعمليات عسكرية في 27 تشرين الأول/أكتوبر. كما شدّدت الحصار الذي كانت تفرضه أصلا على قطاع غزة منذ العام 2007. وحذّرت الأممالمتحدة مجددا الجمعة من أن مجاعة في قطاع غزة "أصبحت شبه حتمية، ما لم يتغير شيء". ولدى الأممالمتحدة والوكالات الإنسانية معايير معينة لتحديد حالة المجاعة التي لم تعلن بعد في قطاع غزة. وأكّد الناطق باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" ينس لايركه أنه "حتى إعلان حالة مجاعة، يكون الأوان قد فات بالنسبة إلى كثر". وقال لايركه في المؤتمر الصحافي الدوري للأمم المتحدة الجمعة في جنيف "لا نريد أن نصل إلى هذا الوضع ويجب أن تتغيّر الأمور". وقال الناطق باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير إنه وفقا للإحصاءات الرسمية التي جمعتها سلطات حماس التي تسيطر على قطاع غزة، سجّلت وفاة عشرات الأطفال رسميا بسبب سوء التغذية. وأضاف أن هذا العدد بالتأكيد أقل من الأرقام الفعلية.