اشتهر رجال مكةالمكرمة منذ قديم الزمان بخدمة ضيوف الرحمن، وتأمين السقاية لهم، ويطلق على هؤلاء «الزمازمة»، وهي من المهن القديمة والمعروفة في مكة، ولهم استقلالهم العملي حيث كان لكل زمزمي مكان خاص به داخل أروقة المسجد الحرام، يقوم من خلالها بتجهيز أوانيه ومستلزماته المكونة من الأزيار الكبيرة، والدوارق والشراب، أما عن الماء فكان يستخرج من بئر زمزم بواسطة الدلاء التي تتناقلها الأيدي، وكان بوسع الحجاج أو الزوار للبئر أن يقفوا ويغرفوا من البئر متى ما أرادوا ذلك، كما كان هناك سقاؤون متخصصون في نقل ماء زمزم من البئر مباشرة إلى خلاوي الزمازمة المنتشرة في أروقة المسجد الحرام، وكان عمل الزمزمي لا يقتصر على تهيئة الماء وحسب بل إنه يقوم بعدة وظائف منها: 1. فرش (الحنابل) والبسط في حصاوي المسجد الحرام، ووضع الدوارق والشراب الخاصة بهم أمامها، ويمكن تمييزها بعلامات خاصة لكل زمزمي، وتسمى «النيشان»، كما كانت تُغطى فوهة الشراب بقماش من الشاش.2. تبخير ماء زمزم بالمستكة أو العود، خاصة في شهر رمضان. 3. توزيع ماء زمزم في المسجد الحرام، وذلك بحمل الدوارق على أكتافهم والطواف بها في أرجاء المسجد الحرام، وسقاية من يرغب بالشرب. 4. إيصال ماء زمزم إلى بيوت من يرغب من الحجاج، أو أهل مكة بواسطة الدوارق. 5.المشاركة في التشرف بغسل الكعبة المعظمة. 6. حفظ سجاجيد بعض المصلين في أماكن مخصصة، وفرشها لأصحابها في أوقات الصلاة. 7. تزويد بعض الحجاج بعلب من الصفيح أو الزجاج أو البلاستيك ممتلئة بماء زمزم. وبعد ظهور الكهرباء والتبريد الآلي أصبح هناك برادات خاصة لحفظ ماء زمزم بالإضافة إلى وجود الكاسات البلاستيكية لشربه لمن رغب بنفسه، كما أصبح هناك صنابير ماء مزودة بأجهزة كبيرة لتبريد الماء وبثه، وبذلك تمت الاستغناء تدريجيًا عن مهنة الزمازمة. المرجع: الحياة الاجتماعية بمكةالمكرمة (1373 - 1402ه)، إيمان إبراهيم كيفي. -باحثة دكتوراه في التاريخ-