عاشت الأمة العربية طيلة تاريخها حلم التحرر من الاستعمار الغربي، والاستقلال عن ظلال التبعية والاستعباد؛ لتتمكن من تحقيق نهضة اقتصادية وسياسية وحضارية، واعتقدت لعقود طويلة أن هذا الحلم لن يتحقق، إبان الضعف والفتور والتقهقر الذي كان يغشى الأمتين العربية والإسلامية. وأما المملكة العربية السعودية، فنحمد الله المنعم المتفضل، الجامع المانع؛ على تحقق آمالنا وأحلامنا الحضارية والاقتصادية والسياسية، التي بلغناها بالوحدة والتوحيد، على يد جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله رحمة واسعة- إذ إن بلادنا الطاهرة المنيعة «منذ إشراقة شمسها» لم تقع في شراك الاستعمار، ولم تدخل أرتاله النجسة أوديتها الشريفة ولم تطأ أقدام أوغاده جبالها الشامخة، ولم تطمث وقاحاتهم ربُاها البكر الأبيَّة الأصيلة. فكانت الوحدة وكان التوحيد، والبدء الفريد، عبر تاريخنا المجيد؛ وفيه ارتسمت خصائص المملكة العربية السعودية وهي: * السيادة العربية السعودية التي لم يعكِّر صفوها مستعمر أو استعمار، ولم تقتطع من مهابتها وسيادتها مطالب الاستقلال ومقايضات القوى المستعمرة؛ فالمملكة العربية السعودية لم تُمس ذاتها ولا قيمها ولا رسالتها ولا إنسانيتها قط، ولم يفصلها عن ذاتها أي فاصل، على امتداد التاريخ والجغرافيا. o المعاصرة في السعودية والتجديد ومطالب التطور اختيارها النابع من ذاتها الواعية، الموافق لقراراتها السيادية الخالصة، وليست أزمة حضارية أو ردة اجتماعية أو إملاءات خارجية؛ ولهذا جاءت المعاصرة وفق أصالتها، وجاء تجديدها من خلال تراثها وعبر تمجيد عاداتها وتعظيم أمجادها واحترام تقاليدها. o العقل السعودي عقل عربي ذاتي النشأة وموضوعي التطلع؛ لأنه لم ينشأ طيلة تاريخه خارج ذاته ولا لغير ذاته؛ مما منحه الوعي الكامل في إدارة نهضته الحضارية الشاملة. * أصالة الهوية السعودية ونقاؤها من أي شائبة تشوبها؛ فلم يُفرض عليها أي مكوِّنٍ خارج عنها أو دخيل عليها؛ وهذا السر في كونها هوية قادرة على التداخل الحضاري وفي استطاعتها الإبداع عالمياً وإقليمياً ومحلياً بلا أي عجز في ذاتها، أو تعارض مع غيرها. o الوحدة الفكرية لدى المجتمع السعودي، وعدم انقسامها على ذاتها قط، مما عزز التوازن الاجتماعي والتاريخي والثقافي، الأمر الذي انعكس على عمق السيادة السعودية على جميع الأصعدة وكافة الاعتبارات. وهذه الخصائص على سبيل المثال لا الحصر، لأن يوم النشأة، يوم البدء حاكم على كل التفاصيل؛ ولأن الوجود والعبور، عبر الأزمنة والعصور ينطويان على عوامل مؤثرة في تأسيس الفكر والوجدان، وعادة ما يشتملان على إكراهات تضرب بتأثيراتها «سلباً أو إيجاباً» في عمق البنية الاجتماعية وتقوم على توجيه رياح التغيير والتجديد.. ولهذه الأسباب نحن نحمد الله، ونفاخر الأمم، ونحتفل في هذا اليوم من كل عام بيوم التاسيس السعودي #يوم_بدينا.