الدكتور الشبيلي الإنسان والمربي والإعلامي والأكاديمي والإداري والمؤرخ والمستشار وشخصيته النبيلة، كل ذلك يجده القارئ في كتاب (سيرة أخرى) بأسلوب جاذب وتفاصيل غير مملة، ومحتوى يلبي رغبة الإعلاميين وغير الإعلاميين، كما يتضمن دروساً تربوية حفلت بها حياة الشبيلي.. كتب الدكتور عبدالرحمن الشبيلي –يرحمه الله– الكثير عن الآخرين، وبعد وفاته كتب عنه الكثيرون ومنهم الأستاذ أحمد بن عبدالمحسن العساف في كتاب بعنوان (عبدالرحمن الصالح الشبيلي، سيرة أخرى). ما كتب عن الدكتور عبدالرحمن وما كتب هو عن نفسه في السيرة الذاتية بعنوان (مشيناها.. حكايات ذات)، هذا الكم من الكتابة عن الراحل إضافة إلى لقاءات صحفية وندوات ومحاضرات، كل ذلك جعل المؤلف الأستاذ العساف يتساءل إن كان هذا الكتاب الجديد سيقدم للقارئ جديداً يتفق مع عنوان الكتاب (سيرة أخرى). يحسم المؤلف هذا التساؤل بالقول إن الكتاب الجديد يتضمن معلومات لم تكن معلنة من قبل، وجوانب من التحليل غير مسبوقة، إضافة إلى إكمال ما لم يتوسع فيه الشبيلي في سيرته الذاتية بحكم قدرته الفائقة في هضم الذات. كنتُ –كاتب هذه السطور– أحد قراء الدكتور الشبيلي، وأعرفه عن قرب وعن بعد بحكم النشأة في مكان واحد (عنيزة) وبحكم الزمالة الدراسية والصداقة مع شقيقه الرائع سليمان الذي كنا نغبطه على مهارته في التحدث باللغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية، كما تزاملنا في ممارسة رياضة كرة القدم في عنيزة في تلك الفترة. ثم شاءت الأقدار أن نلتقي شقيقي حمد وأنا بالأخ سليمان في أميركا أثناء البعثة الدراسية فكان وجود الأخ سليمان وعائلته الكريمة، وشقيقته السيدة الفاضلة لولوة الصالح الشبيلي (أم هاني) -يرحمها الله- مصدر أمان كسر حدة الغربة في مدينة صغيرة بولاية كالفورنيا، وكانت أم هاني بالنسبة لنا مثل الأم. قد لا تكون تلك المعلومة الشخصية إضافة مهمة لهذا المقال ولكنها خاطرة فرضت نفسها لتبيان ما يربطني بهذه العائلة الكريمة، أما الدكتور عبدالرحمن فهو قريب من كل من يهتم بالقضايا الإعلامية والثقافية، هو شخصية وهبه الله -كما يشير الأستاذ العساف– ثقافة عالية وموهبة أصيلة وسلوكاً فطرياً عذباً. لقد تعرفت على الدكتور الشبيلي عن بعد بصورة أوضح من خلال مقالاته وكتبه التي تعكس شخصية تتسم بالجدية والمثابرة والمصداقية والإخلاص في العمل والدقة في البحث والتوثيق، وهذا يفسر حصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. يستحق الدكتور الشبيلي ما كتب وسيكتب عنه لأن سيرته المهنية والثقافية والاجتماعية حافلة بالإنجازات والتنوع، سيرة شمولية عبرت عنها محتويات الكتاب الذي نتحدث عنه، حيث يتطرق للجوانب العائلية وصفاته الشخصية وأخلاقياته، وسيرته المهنية والدراسية والإعلامية وعمله في وزارة التعليم العالي، وعضويته في مجلس الشورى لدورات ثلاث متتالية إضافة إلى مؤلفاته المتميزة التي أصبحت مرجعاً للباحثين. يقول عنه أول وزير للإعلام في المملكة الشيخ جميل الحجيلان: "تحول الشبيلي إلى كاتب مميز وصار مصدر معلومات مهمة للتاريخ والأعلام والإعلام، وكم تمنيت لو أنه تفرغ للكتابة بعد الإعلام مباشرة، ومع أن الشبيلي تأخر في تسنم ناصية الكتابة والنشر، إلا أنه عرف ذاته وهويته واختصاصه فأبدع وأثمر ذلك عن كتب ستظل مراجع مهمة للباحثين في موضوعاتها". في (سيرة أخرى) نقرأ عن عالم الشبيلي الإعلامي الذي بدأ عام (1382 – 1963) وقد ترك في هذا العالم بصمة واضحة وإنجازات ومشاركات متنوعة، وكانت لغته العربية التي تأسست في كلية اللغة العربية سنداً له في هذا المجال (ص 93). في هذا العالم نتعرف على بدايته المهنية والمراحل التي مر بها في وزارة الإعلام، وما قام به من مهام إعلامية وإدارية في مرحلتي الإذاعة والتلفزيون وما حققه من إنجازات، ومرحلة ما بعد العودة إلى الوطن بشهادتي الماجستير والدكتوراة، وماذا حملت هذه العودة من فكر إعلامي جديد (فصل، الشبيلي إعلامياً). عن تاريخ الشبيلي الإعلامي قال أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود د. عبدالعزيز بن سلمه: "إن إسهام الدكتور الشبيلي الإعلامي في مجمله كان استثنائياً، ولا أعرف شخصية تماثل تنوع خبراته ونشاطاته وتجاربه الإعلامية والمهنية والإدارية والبحثية الأمر الذي يدعوني إلى الجزم بأنه كان ظاهرة استثنائية في تاريخ الإعلام السعودي المعاصر". الدكتور الشبيلي الإنسان والمربي والإعلامي والأكاديمي والإداري والمؤرخ والمستشار وشخصيته النبيلة، كل ذلك يجده القارئ في كتاب (سيرة أخرى) بأسلوب جاذب وتفاصيل غير مملة، ومحتوى يلبي رغبة الإعلاميين وغير الإعلاميين، كما يتضمن دروساً تربوية حفلت بها حياة الشبيلي. (فصل الشبيلي أسرياً، الصلة أولاً، فصل الشبيلي وشخصيته، النبل أولاً).. أقول للمؤلف: نعم، لقد أضاف هذا الكتاب الكثير من المعلومات الجديدة، فشكراً للمؤلف ولمركز عبدالرحمن السديري الثقافي على إصدار هذا الكتاب عن إنسان نبيل ومواطن مخلص منتج وقدوة في علمه وأخلاقه، إنسان يستحق الوفاء والتقدير والدعاء.. رحم الله الإنسان النبيل عبدالرحمن الشبيلي وغفر له، وأسكنه فسيح جناته.. وفي الكتاب ما يشجع على العودة إليه مرة أخرى.