ثمن عدد من الأدباء والباحثين الجهود التي تشمل مجالات متنوعة ويبذلها الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، الذي كرمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مساء الأربعاء الماضي بوسام الملك عبدالعزيز، إضافة إلى التشكيلية صفية بن زقر والدكتور أحمد محمد علي، في حفلة افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة وسط حضور كبير. وأكد هؤلاء في استطلاع ل«الحياة» غنى شخصية الشبيلي، وتفرد ثقافته، وثراء عطائه في مختلف الحقب التي عاشتها السعودية. ويقول معن الجاسر: «عندما علمت باختيار الدكتور عبدالرحمن الشبيلي شخصية العام في الجنادرية التي ستكرم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة أسعدني ذلك، لما يستحق الرجل من تقدير وإجلال، لما قدم للوطن من إنتاج فيه توثيق لشخصيات وأحداث تاريخية مهمة كاد كثير منها أن يندثر لولا تصديه لها. أضف إلى ذلك نبل الرجل وأخلاقه، ويشرّف مركز حمد الجاسر الثقافي أنه كان أصدر نشرة خاصة عنه حوت كلمات تقدير من كوكبة من العلماء ورجال الدولة، أمثال الشيخ جميل الحجيلان، والأديب سعد البواردي، والدكتور أحمد الضبيب، والشيخ عبدالعزيز الخويطر، وغازي القصيبي. إذا اطلعت على كتاب الدكتور عبدالرحمن الشبيلي (أعلام بلا إعلام) قد يبدو لك أن ليس هناك سواه من كان ليتسنى له التعرف عن قرب على بعض الشخصيات التي حواها الكتاب، ليتمكن من الحديث عنها بالدقة والموضوعية التي اتبعها أبوطلال». وأضاف الجاسر أن الشبيلي «رجل عالم أكاديمي لطيف المعشر، ذو حكمة وديبلوماسية ومهارة في التعامل، مكّنته من كسب ثقة المسؤولين، وتقدير الوجهاء، واحترام جميع من عرفوه. ومع غزارة إنتاجه وتنوعه فإن أي من كتبه وأبحاثه ومقالاته لا تفتقد هذه الدقة والموضوعية، بل والأسلوب الماتع أيضاً، لما لديه من مقدرة تعبيرية ولغة راقية. لقد تعرّفت على أبي طلال عن قرب من خلال مصاحبتي له في مناسبات عدة خلال فترة تمتد إلى نحو خمسة عشر عاماً، فلقد عملت معه في مشاريع ثقافية ترأسها أو أشرف عليها، كما شرفت بزمالته سنوات عدة في مركز حمد الجاسر الثقافي ولجانها العلمية والتنفيذية والمالية، واستفدت من أفكاره وتحليله لما يُطرح على طاولات هذه اللجان. وتعرَّفت عليه أكثر من خلال مصاحبته في رحلات لكلٍّ من حضرموت وتركيا ولبنان وفرنسا وروسيا وجورجيا، فكان خير رفيقٍ أدباً وكرماً». ويمضي الجاسر قائلا: «هناك تعبير غربي يقول (أن تعرفه هو أن تحبَّهُ».. وهذا ينطبق حقّاً على أبي طلال، فأنا لا أتصوّر أحداً يمكن أن يتعرّف عليه عن قرب من دون أن يأسره تواضع الرجل، ولطفه، وإنكاره لذاته، وكرمه الذي يُذكرني أنه من ذات الأسرة الكريمة التي أنجبت أبا سليمان الشبيلي، رحمه الله. ولم تؤثر هذه الصفات الحميدة في أمانته العلمية بحيث تجده مجاملاً، فهو ذو أسلوب علمي يتسم بالموضوعيّة، والدِّقة، وينطبق عليه الوصف الإنكليزي (Perfectionist)؛ أي متحرٍّ للكمال بالمفهوم الإيجابي، فكم من كتاب آثر أن يتأخر إصداره للتأكد من اسم أو تاريخ لواقعة، وذلك بهدف تقديم المعلومات بدقة وشمولية. وأجد الفائدة والمتعة في قراءة ما يقدمه من مؤلفات، وأثقُ في أنَّ هدفه هو تقديم الحقيقة في كل كتاباته، متجرداً من العاطفة التي تجنح أحياناً بالكاتب للمبالغة في المدح مثلاً، وحاشا لله أن يذكر عيباً بقصد الإساءة أو أن يُبالغ في ذلك. إنَّ مركزَ حمد الجاسر الثقافي مدينٌ لأبي طلال بعلمه، ووقته، وفكره وماله. فكم من مرة التقيت به منفرداً أو بصحبة آخرين لمناقشة بعض أعمال المركز، أو الترتيب لإحدى مناسباته، أو لاستشارته في أمرٍ من أمور المركز ونشاطاته، فهو ذو تجربة واسعة، وذو نظرة ثاقبة في الكثير من الأمور التي كثيراً ما أقف وزملائي في إدارة المركز حائرين حيالها». ويذكر الجاسر أن المركز يزخر «بمؤلفات العديد من منتسبيه في مجلس الأمناء، إلا أن عطاء أبي طلال لا يقف عند هذا، بل إنه يوفّر للمركز بعضاً من مؤلفات حمد الجاسر وغيره التي يطبعها على نفقته الخاصة! لقد أشرف الشبيلي على إخراج مقالات حمد الجاسر (من سوانح الذكريات) وأخرجها في كتاب، وها هو اليوم يخرج كتابين آخرين لعلامة الجزيرة بتحقيقه وعنايته، أحدهما (دراسات وبحوث في تاريخ الملك عبدالعزيز) والآخر (في الرثاء وسير المرثيين). رحم الله أبي الذي لم ينقطع عطاؤه لي بعد وفاته، بل استمرَّ من خلال توفير فرصة التعرَّف على إخوة صالحين أوفياء، ومجالستهم والإفادة منهم كعبدالرحمن الشبيلي». عاصر طفولة التلفاز يؤكد الدكتور عبدالعزيز المانع أن الشبيلي «رمز وطني خدم إعلامنا محلياً وعربياً وأجنبياً». ويقول إنه «عاصر طفولة التلفاز السعودي منذ إنشائه، وتابع نموه، وسقى غرسه حتى استوى على سوقه. والتفت إلى الإعلام المقروء والمسموع: صحافة وإذاعة، فألف فيها كتباً تعد الآن مصادر أساسية للدارسين والمتخصصين داخل المملكة وخارجها. خاض غمار التعليم الجامعي، إذ عمل أستاذاً في قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة الملك سعود لعدة أعوام، فاستفاد القسم وطلابه من خبراته الطويلة في تخصصه الذي أبدع فيه. الدكتور الشبيلي قامة إعلامية يفخر الوطن به وبأمثاله. لا أظن أن اثنين يختلفان على تقديره لعلمه وتواضعه. تكريمه تكريم للوطن. زاده الله عزة ورفعة، وزادنا الله منه عطاء وعلماً». في حين يقول المفكر إبراهيم البليهي إن الدكتور عبدالرحمن الشبيلي «حَقُّه أنه نال التكريم منذ سنوات، فهو أحق بالسبق من بعض من نالوه منذ سنوات، أي أنه الآن قد نال هذا الحق متأخراً عن موعده الصحيح». عصامي في دراساته يعتبر الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي أن الشبيلي «عصامي في دراساته وفي عمله الإعلامي»، لافتاً إلى أنه «يعتبر رجل العمل الإعلامي الأول في السعودية، له جهود كبيرة في تأسيس التلفزيون والإذاعة، شغل عدداً من المناصب المهمة... وله العديد من المؤلفات، وهو يعد رمزاً إعلامياً في المملكة يستحق التكريم والإشادة، لمسيرته الحافلة بالعمل والتأليف والإنجاز. وتكريم خادم الحرمين الشريفين له في مهرجان الجنادرية جاء في وقته، ويعتبر هذا التكريم تقديراً واحتفاء بجهوده الإعلامية، كما يعد هذا التكريم وفاء لما قدمه، وحافزاً كبيراً لغيره للعطاء والمنافسة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تستحق دعم الجانب الإعلامي لأهمية تطويره». أما الدكتور محمد الهدلف فيقول: «الدكتور عبدالرحمن الشبيلي شخصية علمية واجتماعية متنوعة المواهب والقدرات: فهو إعلامي بارز، وأستاذ جامعي مميز، وإداري محنك، ومؤلف بارع. عرفته منذ زمن بعيد، منذ أن كنا طلاباً في كلية اللغة العربية بالرياض. وشاهدت عدداً كبيراً من البرامج التي كان يقدمها في التلفزيون السعودي، وعملت معه عضواً في لجنة معادلة الشهادات الجامعية عندما كان يعمل وكيلاً لوزارة التعليم العالي، ورئيساً لهذه اللجنة، وزاملته في التدريس بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، وقرأت كثيراً من نتاجه الفكري، فحمدته وأكبرت جهوده في كل هذه المواقع. ذكرت هذا لكي أوضح أن رأيي فيه منبثق عن معرفة عميقة وليس نتيجة لقاء واحد أو لقاءين. وعمل الدكتور الشبيلي في مواقع أخرى غير ما ذكرت، وترأس الكثير من اللجان، فهو قطعاً يستحق التكريم بجدارة على هذه الجهود الكبيرة التي قام بها طوال حياته العملية». ويلفت الهدلق إلى أن الشبيلي عندما تقاعد «لم ينكفئ على نفسه ويخلد إلى الراحة، وإنما اتجه إلى التأليف في مواضيع متنوعة، وقضايا معرفية سجل لنفسه سبقاً في تناولها. ولا يتسع المقام للحديث عن مؤلفاته الكثيرة المتعددة المواضيع. لا شك لديَّ في أن تكريمه من لدن خادم الحرمين الشريفين جاء في وقته، فللدكتور الشبيلي خالص التهنئة على هذا التكريم الذي يستحقه عن جدارة، ولا يخالجني شك في أن هذا التكريم سيكون دافعاً قوياً له لمواصلة المسيرة في ميدان التأليف الذي أُشْرِبَ قلبه حبه، ولدى الدكتور عبدالرحمن من المعلومات، والخبرات، والوثائق، والمصادر ما سيمكنه من إكمال مشروعه العلمي المميز. وفقه الله، وأعانه، وأمده بالصحة والعافية». عاند الظروف يرى الأديب حمد القاضي أن تكريم الرواد في أي مجال «هو شيمة الأوفياء. ومفردة جميلة بتاريخ الأوطان، ولهذا سعدت كثيراً بتكريم الباحث والإعلامي الرائد الدكتور عبدالرحمن بن صالح الشبيلي باختياره إحدى شخصيات العام بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة، ومنحه وسام الملك عبدالعزيز، فهو أحد الرموز الإعلامية في وطننا. لن أتحدث عن الدكتور الشبيلي من جانب عاطفتي نحوه، بل من منطلق موضوعي. فهو من أولئك الذين أبلوا بلاء حسناً ومشهوداً في وقت كانت فيه الإمكانات الإعلامية ضئيلة، وكانت الظروف المجتمعية والتقنية غير مواتية. لكن أبا طلال صبر وصابر وعاند الظروف. وتغلب على كثير منها بدعم من الدولة وبمساندة من القائمين على وزارة الإعلام الذين عمل معهم من زملاء ومسؤولين». ويتذكر القاضي بداية تعاونه شخصياً مع التلفزيون ويقول: «كنت أزوره في مكتبه بإدارة التلفزيون وهو المدير العام له ولا يكاد يفارق مكتبه... كان يعمل مديراً ومذيعاً ومعداً وأحياناً مخرجاً... كان لا يكل ولا يمل من أجل عمل إعلامي مهني، من خلال تأمين الأجهزة الفنية المتطورة، وبعث الكفاءات الشابة لدراسة الإخراج والتصوير وغيره. الدكتور الشبيلي من الذين أسسوا البنيان الإعلامي التلفزيوني في هذا الوطن الذي نجني ثماره إعلامياً الآن: قنوات متعددة - كفاءات سعودية ناجحة في الإعداد والإخراج والتقديم. وعندما ترجل عن التلفزيون واصل رسالته في الإعلام والتعليم العالي والبحث الإعلامي: وفاء وتوثيقاً. من هنا فإن الاحتفاء بقامة إعلامية وتعليمية وبحثية مثل الشبيلي هو احتفاء مستحق، وتقدير من الوطن والقيادة هو أهل له»، متطلعاً إلى أن يواصل الشبيلي «أداء رسالته في توثيق مسيرتنا الإعلامية عبر الكتب والدراسات الإعلامية التي نحن بانتظار استكمالها».