لطالما عُرفت المملكة بوقفاتها الجادة تجاه أشقائها العرب والمسلمين كافة، في جميع الأزمات والمحن التي يمرون بها، وتستمر هذه الوقفات وتكبر متى تطلب الأمر ذلك، وتأتي مواقف المملكة المشرفة في هذا الملف ضمن دورها المحوري، باعتبارها الدولة الكبرى في المنطقة، وعلى عاتقها تقع مسؤولية حماية المكتسبات العربية والإسلامية والذود عنها، مهما كلفها الأمر من تضحيات وجهود. وإذا كانت وقفات المملكة مع الدول العربية والإسلامية مشرفة ومتواصلة، إلا أن وقفتها مع قضية فلسطين تاريخية ونوعية، ليس لسبب سوى أن هذه القضية - دون سواها - تبقى قضية العرب الأولى التي قررت المملكة مواصلة دعمها، حتى لا تموت أو تتراجع، لدرجة معها بات هذا الدعم أحد ثوابت السياسة الخارجية للمملكة، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيب الله ثراه - وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله -. وتؤمن المملكة قيادةً وشعباً بأن قضية فلسطين من أعدل القضايا على وجه الأرض، وأن الحق فيها ظاهر وجلي، ولا يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدسالشرقية، ومن هنا ساندت المملكة القضية على مدى عقود طويلة مضت، وتواصل الوقفة اليوم ضد الحرب غير المتكافئة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة وسكانه. الدعم السعودي للفلسطينيين في محنتهم الأخيرة بدأ منذ اليوم الأول للحرب، متخذاً صوراً شتى، بين دعم سياسي وآخر دبلوماسي، بهدف وقف الحرب فوراً، والبدء في عملية سلام، وبجانب ذلك كان هناك الدعم السعودي الإنساني، الذي قاده مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، من أجل التخفيف من معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة. وتبلور الدعم الإنساني أكثر وأكثر بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي العهد في الثاني من نوفمبر الماضي، بإطلاق الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي بدأت بتبرع خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 30 مليون ريال، كما تبرع سمو ولي العهد ب20 مليون ريال، فيما بلغ إجمالي حجم التبرعات الشعبية حتى يوم أمس 564 مليون ريال، وتجاوز عدد المتبرعين المشاركين في الحملة مليون متبرع. سيبقى الدعم السعودي لفلسطين مستمراً ولن ينقطع، وستبقى القضية حية في ضمير القيادة الرشيدة، وفي نفس كل مواطن سعودي حتى يحصل الفلسطينيون على حقوقهم التاريخية.