بالفعل لا بالقول، وبعيدًا عن الشعارات والمُزايدات، تبادر المملكة بدعم قضية فلسطين سياسياً ودبلوماسياً وإنسانياً، وترى أن هذه القضية هي قضية العرب الأولى، التي ينبغي الوقوف بجانبها دائماً وأبداً، حتى يتحقق للشعب الفلسطيني مسعاه، في تأسيس دولته المستقلة، وعاصمتها القدسالشرقية. ومنذ اندلاع الحرب الأخيرة في قطاع غزة، والمملكة لم تتأخر عن الوقوف بجانب سكان القطاع، وتبذل الجهود السياسية، وتستثمر علاقاتها بالدول الكبرى والمنظمات الدولية، للعمل على وقف هذه الحرب فوراً، وعلى هامش هذه الجهود، بادرت المملكة بالتخفيف عن كاهل سكان غزة، فأطلقت الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الفلسطينيين، التي كان الشعب السعودي يترقبها حتى يسارع بالوقوف بجانب سكان القطاع في حربهم غير المتكافئة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وفي وقت مبكر جداً من إطلاق الحملة الشعبية، لاحت في الأفق علامات نجاحها، وذلك عندما بدأها خادم الحرمين الشريفين بتبرع سخي قدره ثلاثون مليون ريال، وتبرع سخي آخر من سمو ولي العهد بعشرين مليون ريال، وهو ما يعكس ما توليه قيادة المملكة من اهتمام بالغ بالوضع الإنساني، والرغبة الصادقة في رفع المُعاناة عن المدنيين، وبذل كل ما من شأنه تخفيف التداعيات المأساوية التي يُعانيها سكّان القطاع. التاريخ وحده هو الذي يشهد كيف أسهمت المملكة على مدار ثمانية عقود ماضية في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في جميع الأزمات والمحن التي مرّ بها خلال كامل المُنعطفات والتحديات الماضية، هذا التاريخ مليء بالصفحات المشرفة، التي ترصد تفاصيل المبادرات السعودية تجاه القضية الفلسطينية، التي تؤكد حقيقة واحدة، وهي أن المملكة تُعد أكبر داعم تاريخي للقضية الفلسطينية عربيًا وعالميًا، حيث تجاوز إجمالي ما قدمته من مساعدات ومعونات مالية خمسة مليارات دولار خلال العقود الثلاثة الماضية فقط، في التزام تاريخي ثابت وراسخ تجاه تعزيز صمود الشعب الفلسطيني ودعمه ماليًا وسياسيًا وإنسانيًا. يضاف إلى ما سبق، أن الوقفات السعودية التاريخية في نصرة الحق العربي والفلسطيني ساهمت على مدار عقود في رفع المعاناة، وتضميد الجراح، وإعمار الأرض وتعزيز الصمود، من خلال مُشاركة أبنائها في حرب 1948، وصد العدوان الثلاثي 1956م، وحرب 1967م (حرب الاستنزاف) وحرب أكتوبر 1973م، وقراراتها التاريخية ومبادراتها السياسية ذات الصلة.