«بعد النصفِ الثاني من القرنِ العشرين انسحبت التقنياتُ البدائية من الساحة - على الرغمِ من ثقافةِ رفضِ التغيير - وتحولت إلى الشكلِ الرقمي، الذي أصبحَ هو المسيطر فظهرت ما يسمى بالحوسبةِ الرقميةِ والمعالجاتِ الدقيقةِ والهواتفِ الرقمية..، فسقطت الحواجزُ الصمّاء وانفتح العالم أمام الناس، وأصبحت هذه الرقمنة الضخمةُ تحتَ تصرفِ كل ِالناس، وباتوا قادرينَ على تحريِرها برؤوسِ أصابعهم». لقد أوجدَ التحولُ الرقمي - الإيجابي- المتسارع أساليب َوعملياتٍ وبيئاتِ عملٍ غيرِ تقليدية، ترتكزُ على الإبداعِ فردمِ الفَجوةِ بين العالمين الحقيقي والافتراضي، الذي أصبح واقعاً ممارساً في مصطلحاتٍ نعرفُها جميعاً، دعمها الخيالُ العلمي وما زالَ في استشرافها والتنبؤِ بها قبلَ وقُوعِها، ألم يدعم الخيالُ العلمي، فكرةَ الذكاءِ الصناعي!، وصناعةِ الروبوت! وغيرَها.. فأصحبت واقعاً وضرورة يومية..! ألم تقم فكرةُ شركةِ أوبر العالمية على الخيالِ إذ بدأت الفكرة عام 2008 في يوم باردٍ في باريس حين لم يتمكن صديقانِ من وجودِ تاكسي لينقلُهما، فالتمعت لهما فكرةُ تطبيقٍ هاتفي، يُحضرُ لك سيارةَ لنقلك بضغطة زر. فهل كان يعقل أن يوجد تطبيقٌ قبل عِقدٍ من الزمان.. كهذا لولا الخيال الذي فتح على أرض الواقع فروعاً للشركة في أكثر من 50 دولة و300 مدينة حول العالم. هذه أمثلةٌ على التحولاتِ الرقميةِ التي خدمها الخيالُ الإبداعي فنفعَ البشريةَ كافة. لكن هذا التحول أوجد الرقمنةَ غيرِ الأخلاقيةِ وغير المسؤولة كالعملياتِ والأنشطةِ غير ِالمأذونِ بها كتنفيذِ الهجماتِ الإلكترونية وعملياتِ القرصنةِ على شبكةِ الإنترنت التي تهدفُ عادةً إلى الوصولِ إلى المعلوماتِ الحساسةِ أو تغييرِها أو إتلافِها أو ابتزازِ المال من المستخدمين أو مقاطعةِ العملياتِ التجارية مما اضطر بعض الحكوماتِ أن تستحدثَ ما يسمى بالأمن السيبراني؟ وهو ممارسة حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية. بقي أن أقول إن هناك ما يمكن أن نسميه #الغيبةالرقمية ، إذ تُوظّف وسائل التقنية في سب الناس والنيل منهم بعدما أصبحت في أيديهم وأمسوا قادرين على تحريِرها برؤوس أصابعهم وإن استسهال لمسة واحدة لوسيلة التواصل بتفضيل عبارة أو إعادة تدويرها أو التثنية عليها قد يعد من #الرقمنةغير_الأخلاقية . فيا من فتح الله عليه في عالم الرقمنة، وظِّف ما منحك الله في خدمة الناس، واحذر أن تخلِّف عِلماً، إثمه أكبرُ من نفعه.