لا نستغرب أن تُقبل القصيدة من جانب واحد هو قائلها، حتى لو كان ذلك القبول غير صائب ولا منصف لكنه قد يقع، كذلك يكون قبولها من عدة جوانب: مضامينها وتراكيبها ومعانيها..إلخ.. وهذا هو الغالب والصائب. كما لا نستغرب أن تقبل أيضاً رغم ضعفها؛ لأن المتلقي مستعد لقبولها أيا كانت عليه تلك القصيدة من حال. هذا قد يكون وعليه يصح القول في ظني "قبول القصيدة متعلق بشاعرها وبجميع جوانبها ومناسبة قيلت فيها" فربما ينفرد جانب عن آخر من حيث القبول والرفض، وربما تجتمع. بمعنى أوضح: المتلقي قبل القصيدة لأنه قالها الشاعر الفلاني، وأما بقية المعايير فلا تهم. فعندما يقول الشاعر قصيدة أياً كان غرضها، يتقبلها المتلقي ويعطيها الحكم الخاص به حسب ذائقته، ويصنفها من وجهة نظره ويعطيها مرتبة من حيث الضعف والجودة. فمن المتلقين من تعجبه القصيدة أو الأبيات الشعرية، ومنهم من يراها غير جيدة، وآخر يراها ضعيفة، وهكذا تتباين وجهات النظر. وهذا ما كان عليه المتلقي العادي أو الجماهير المحبة للشعر، متذوقة له أو غير متذوقة في أزمنة مضت، فالقصيدة تقدم للجميع فيتقبلها من يتقبلها ويرفضها من يرفضها أو تحفظ وربما تجاهلها المتلقي أو نشرها بحماسة. وموقف الشاعر من كل هذا يكون محايداً، فهو لا يملك مشاعر الآخرين وأحاسيسهم وليس تقصيراً منه لو لم يتفاعل أحد. ومن هنا كانت الحاجة إلى معايير تحفظ للشاعر مكانته ولقصيدته قدرها وتبصره بأوجه القوة والضعف، خاصة وأن الشاعر لا يقولها ولا ينشرها إلا ولديه قناعة تامة أنها تستحق أن يلتفت إليها، فهو قد صاغها وبث عبرها إحساسه ومشاعره صادقة واختار تراكيبها وعباراتها ومفرداتها فلم ير فيها نقصاً إلا كمله ولا كسراً إلا جبره وعدله، هكذا يفترض. فبعد كل هذا قد يصطدم برأي يقلل منها دون معيار، أو يشيد بها أكثر من حقها المتوقع، فيكون الشاعر بين الإحباط والغرور، وبين الحيرة والثقة، فمن يصدق ومن يكذب، ومن التغذية الراجعة إليه يسترشد، فإما أن يستمر صعوداً أو يراجع إنتاجه. والمثل الشعبي يقول "إلى قيل رأسك مهوب عليك رحت تلمسه" والمعايير مقاييس محايدة متى ما فعلت صارت حكماً صادقاً يميز به الجيد من الضعيف ولكل قصيدة معيارها وللشعر عموما معاييره. يقول الشاعر:حجرف بن عياد الذويبي الحربي.. رحمه الله. يقول ابن عياد وإن بات ساهر ماني ولد خبلٍ همومه تشايله ماني بمسكينٍ ليا قل مرزقه ضيق بريعه يوم قلت محايله أنا ليا ضاقت عليه توسعت يفرج لي اللي ما تعدد فضايله يرزقني رزاق الحيايا بجحرها لا طالعت برقٍ ولا هي مخايلة ما حدرت زملٍ نصى صوب قرية ولا وردت عد قراحٍ ثمايله ترى رزق غيري يا ملا ماينولني ورزقي يجي لو كل حي يحايله جميع ما حشنا ندور به الثنا وما راح منا عاضانا اللّه بدايله نوبٍ نحوش الفود من ديرة العدا ونعوض اللي ذاهباتٍ عدايله خزن بالايدي ما دفعنا به الثمن ثمنها الدما بمطارد الخيل سايله مع لابةٍ فرسان نطاحة العدا كم طامعٍ جانا وأخذنا زمايله ويقول الشاعر: سعد بن جدلان الأكلبي: ترى الكريم معان بالخير مرهي من يترك الماجوب جعله ذلوفة لا تقطع الرفقة ولو حبلها لي حبل الرفق من يفلته بان خوفه رجل بلا ربعه من الناس مجفي لا بد صكات الليالي تحوفه واللي في عينه ما يشوف البشر شي ترى البشر في عيونها ما تشوفه ويقول الشاعر مرشد البذال رحمه الله: قالوا حكوا بك قلت وش هم يقولون وش قيل فينا يالوجيه الفليحة شوفوا مردُ الهرج وش هم يطرون حتى نعرف مزوره من صحيحه كان الكلام من المعادي على هون بعض المسبة بالمجالس مديحة تجيه عربانٍ من الله يخافون عن الظليمة ينصحونه نصيحة لو كل خلق الله على الحق يمشون كان القلوب من الخطا مستريحة كم واحدٍ بعروض الأجواد مفتون وهو سلومه يفضحنه فضحية وكم واحدٍ يطعن وهو فيه مطعون يذم ريح الناس والشين ريحه بعض كلام الناس تهمات وظنون قولٍ تنميه الوجيه القبيحة الظلم لو فازوا هله ما يدومون راع الظليمة لاتباطى مطيحه والناس هذا الناس من عصر ذا النون وكل على دربه ركابه مشيحة ويقول الشاعر عبدالله بن محمد المفضلي الشمري: اللي يقول الشعر في كل ديوان هذا ضعيف ادراك واعمى بصيرة هذا مثل من كان بالبيع خسران بيّاع ثلج بنار شمس الظهيرة لابد من يكثر من الهرج غلطان عثرة لسانه ما لها من جبيرة الناس تحفظ حكمة الشيخ راكان "الهرج يكفي صامله عن كثيرة" سعد بن جدلان مرشد البذال عبدالله محمد المفضلي الشمري