يقول ابن عياد وإن بات ليله(1) ماني بمسكينٍ (2)همومه تشايله(3) أنا ليا ضاقت عليه تفرجت(4) يرزقني(5)اللي ما تعدد فضايله يرزقني رزاق الحيايا بحجرها لا خايلت برقٍ ولا هي بحايله (6) ترى رزق غيري يا ملا ما ينولني (7) ورزقي يجي لو كل حيٍ يحايله جميع ما حشنا ندور به الثنا وما راح منا(8) عاضنا الله بدايله نوبٍ نحوش الفود من ديرة العدا ونخزز اللي ذاهباتٍ عدايله (9) خزٍ بالأيدي ما دفعنا به الثمن ثمنها الدمي بمطارد الخيل سايله مع لابةٍ فرسان ننطح بها العدا كم طامعٍ جانا غنمنا زمايله(10) نكسب بهم عزٍ وننزل بهم الخطر ولا هيب من قفرٍ رعينا مسايله(11) الشاعر: هو حجرف بن عياد الذويبي من شيوخ بني عمرو من حرب، اشتهر بالشجاعة والكرم، يقول عنه فايز البدراني في كتاب قصص وأشعار من قبيلة حرب "اشتهرت قصصه فصارت من أحاديث السمر عند أهل نجد حتى صار الرواة يبالغون في أخباره وينسبون له القصص الخيالية التي تصل إلى حد الأساطير أحيانا، وقد افترض البدراني أن وفاته في عام 1285ه. مناسبة النص: ذكر منديل الفهيد في كتاب قصص وأشعار الجزء الأول من سلسلة من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية "أن حجرف اشتهر بذبح الغنم والإبل للضيوف إذا نزلوا بالقيظ على الماء و في بعض السنين يعدم جميع ما يملكه منها، ولكن البادية لهم عوائد طيبة مع الشيخ خاصة يجمعون له إبلاً وغنماً إذا احتاج، ومع البقية عامة للعاني أو المنقوص ولا يبقى معهم ضعيف حسب التعاون بينهم، وفي إحدى السنوات أعدم جميع ما عنده كجاري العادة، وأراد الجماعة أن يتركوه في المراح.. ويتركونه خلاف العادة، وفي زعمهم أن يرجعوا عليه إبلاً يحمل عليها لعله يترك ذبح الإبل وإفناء ما عنده... فبقي ليلة رحيلهم عند زوجته تلومه بقولها: أول ما تخلى عنك جماعتك، وتركوك وحدك، فلماذا لا تحفظ مالك لليوم الأسود؟ فلم يعبأ بكلامها لشدة توكله على الله وكان يمشي بالفلاة فرأى ثعباناً أعمى خرج من وسط الشجرة فأظهر رأسه فجاء طير فحسبه غصناً فحط عليه فأكله، وفي المرة الثانية في المساء جاء طير وأظهر الثعبان رأسه من وسط الشجرة فحط عليه يحسبه غصناً فأكله، والذويبي ينظر فعرف أن هذا رزق لهذا الثعبان الأعمى ساقه الله له، فقال (اللي يرزق هالداب العمى ماهوب مخليني) ثم ورد على الماء الذي هو فيه إبل كثيرة ضائعة من قوم فأسقها وأخذها وكان فيها خلفات ومسح وزمل فرحل عليها في أثر قومه ولحق بهم "وجاء عند فايز البدراني "يؤكد رواة الذوبة أن جماعة حجرف لم يرحلوا عنه، وإنما قال قصيدته السابقة عندما قل ما في يده في إحدى المرات". الفيهد البدراني دراسة النص: يعتبر من أشهر النصوص تداولاً في مجالس القوم لما يتضمنه من قيم سامية، وقد ورد في مصادر مختلفة وهنا اعتمدت على ما جاء عند منديل الفهيد حيث ورد في تسعة أبيات وسأقارنه بما جاء عند فايز البدراني الذي أورده في عشرة أبيات وبين المصدرين اختلاف وسأشير لذلك في الهوامش، فقد بدأ الشاعر بوضع الوسم الخاص به (يقول ابن عياد) كعادة الشعراء القدماء على مطلع النص ثم يؤكد توكله على الله وإيمانه القوي وثقته بالله عز وجل التي لا تجعل الهم أو الحزن والخوف من الفقر يساور نفسه بل عنده يقين بأن الضيق يأتي بعده فرجاً وفضل من الله الذي لا تحصى فضائله وإن الله سيرزقه كما يرزق الثعابين في جحورها دون أن تهتم بمراقبة البرق في السحاب الممطر أو أن تغادر أماكنها طلباً للرزق، ليؤكد أن ما كتبه الله رزقاً لغيره فلن يستطيع أخذه وما كتبه الله رزقاً له فإنه سيأتيه لا محالة وإن اجتمع الناس على منعه عنه، وأن جميع ما يملكه الشاعر إنما هو للبذل والإنفاق بحثاً عن السمعة الحسنة وإن الله عز وجل سيخلف عليه جميع ما انفق، فأحياناً يأتي بالغنائم الكثيرة من ديار الأعداء فيقوم بتوزيعها على فقراء قومه ممن فنيت إبلهم التي يحصلون منها على الحليب، ويفتخر بأن هذه الإبل لم تأت شراء بثمن وإنما كسباً بقوة أيديهم وثمنها هو الدماء التي تسيل وقت مطاردة الخيل ومبارزة الفرسان ويفتخر بقومه وشجاعتهم فكثيراً ما يأتيهم الغزاة طامعين فيهم فيغنمون منهم ركائبهم ويمتدح شجاعتهم في نزول ارض الخطر ذات الكلأ التي يخشى النزول بها خوفاً من التعرض للهجمات. الهوامش: 1-عند البدراني (.. بات ساهر) 2-عند البدراني (ماني ولد خبلٍ..) 3-عند البدراني يرد بعد هذا البيت بيتاً لم يورده الفهيد: (ماني بمسكينٍ ليا قل مرزقه ضيق بربعه يوم قلت محايله) 4- عند البدراني(.. توسعت) 5-عند البدراني(يفرج لي..) 6-عند البدراني جاء البيت هكذا: (يرزقني رزاق الهوايش بجحرها لا طالعت برقٍ ولا هي مخايله) فالشطر الثاني فيه ركاكة ورواية الفهيد أصح، كما يرد بعد هذا البيت عند البدراني بيتاً لم يورده الفهيد: ما حدرت زملٍ نصى صوب قريه ولا وردت عدٍ قراحٍ ثمايله 7-عند البدراني (ورزق غيري يا ملا ما ينولني) وهو شطر مختل الوزن والأصح ما جاء عند الفهيد. 8-عند البدراني (وان راح عنا...) 9-عند البدراني: ياما نجيب الفود من ديرة العدا ونعوض اللي ذاهباتٍ عدايله 10-عند البدراني: مع لابةٍ فرسان نطاحة العدا كم طامعٍ جانا واخذنا زمايله 11-لم يرد عند البدراني، والشطر الأول مختل الوزن، ويصح هكذا(نكسب بهم عزٍ وننزل به الخطر).