مدخل للشاعر عبدالله بن عون: يالله ياللي بيدك الضيق وافراجه يا خالق الخلق يا قاضي حوايجها تفرج لعينٍ ليا غضت بسوهاجه تجهز عليها الطواري لين تزعجها بالصدر ضيقه .. ونوم العين هملاجه عينٍ من العام والسِهر متولجها من أصعب الأشياء في حياة الإنسان عندما يتعرض لمرارة الحاجة، فلاشك أن كل إنسان لابد أن يمر بمثل هذه الموافق في حياته وعندها سوف يعرف جيداً من يمد له يد العون والمساعدة ويقف بجانبه ومن يتخلى عنه في مثل هذه الظروف.. يقول الشاعر منصور بن مروي الشاطري المطيري: مهما تجرّعت المرار وتألمت حاجتك عند الناس ما مرّ منها من وضعي القاسي فهمت وتعلمت عزم وصبر والنفس ماسك رسنها أصون ما وجهي للأنذال ما قمت نفسٍ ورا الأنذال يكثر حزنها ملزوم أنا أقدم على الحاجة الصمت للنفس عزتها وغالي ثمنها إن الحاجة في مثل هذه المواقف تجعل الشخص أكثر نضجاً وعرفاً وتجربة بأمور الحياة، ومنها كما قال لقمان لأبنه: ثلاثة لا يعرفون إلا في ثلاثة مواطن: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا في الحرب إذا لقي الأقران، ولا أخاك إلا عند حاجتك إليه. ويجب على الإنسان أن يرتجي العطاء من اللّه وحده - سبحانه وتعالى - ويكون مؤمناً بما كتبه له من الرزق، وأن الأرزاق لا تأتي إلا بأمره والشاعر الشيخ حجرف الذويبي الذي يُعد من أبرز شعراء قبيلة حرب فقد أنشد قصيدته المشهورة التي تعتبر من أجمل الأشعار لما تحتويه من معان في غاية الجمال، وقوة الإيمان، وبلاغة الحكمة وتدل على رحمة الرب وسعة رزقه: يقول ابن عياد وإن بات ساهر ماني ولد خبلٍ همومه تشايله ماني بمسكينٍ ليا قل مرزقه ضيق بريعه يوم قلت محايله أنا ليا ضاقت عليه توسعت يفرج لي اللي ما تعدد فضايله يرزقني رزاق الحيايا بجحرها لا طالعت برقٍ.. ولا هي مخايله ما حدرت زملٍ نصي صوب قريه ولا وردت عدن قراحٍ ثمايله ترى رزق غيري يا ملا ماينولني ورزقي يجي لو كل حياً يحايله جميع ما حشنا ندور به الثنا وما راح منا عاضانا اللّه بدايله نوبٍ نحوش الفود من ديرة العدا ونعوض اللي ذاهباتٍ عدايله خزن بالايدي ما دفعنا به الثمن ثمنها الدما بمطارد الخيل سايله مع لابةٍ فرسان نطاحة العدا كم طامعٍ جانا وأخذنا زمايله وعندما يشعر الإنسان للحاجة في كل لحظة من حياته سوف تكثر عليه الهموم ويعاني أشد الآلام ، فالحياة حافلة بالأحداث والمتغيرات ، فيها العبر ، والحكم ، والدروس عبر مرور السنين ، وحياة البؤس والشقاء والحاجة للشعراء تجعلهم يعبرون عن أحوالهم ويحتاجون أصدقائهم في مثل هذه الظروف فهذا الشاعر الشعبي حمد بن هادي المسردي - رحمه الله - قد واجه الكثير من الشدائد في حياته وقساوة الزمان ولما تعددت وعظمت معاناته وحاجته قال معاتباً على بعض الأصدقاء : عليّ كثروا أعوان الدهر والدهر ضدي وذا حال من صارت ظروف الدهر ضده تحداني الدنيا على غير ما ودي وحبل الرجا رثٍ ليا جيت باشده بعض الاصدقا لا جيب باقابله صدي ومن كنت محتاجٍ لوده بدا صده ولا عاد لي غير أترك الدار واشدي ومن عدني ولا فوالله ما عده والحاجة دائما تكون فيها مرارة قوية جداً وانكسار للذات، لذلك يجب أن يعوّد الإنسان نفسه على الصبر وترك مشتهيات الطباع، ورغبات الهوى، ومواجهة الصعاب التي قد تواجهه، وكما هو معروف فإن أيام السرور والسعادة في الدنيا من الأيام القصيرة والقليلة جداً في عمر الإنسان.. فالناصر الذي حكم الأندلس خمسين سنة لم يصف لهُ منها سوى أربعة عشر يوماً وقد وجد بخطه - رحمه الله - أيام السرور التي صفت له من دون تكدير (يوم كذا وكذا من شهر كذا من سنة كذا، ويوم كذا من كذا، وعُدت تلك الأيام فكانت أربعة عشر يوماً). إذاً لابد من مجاهدة النفس في كل الأحوال، وتحمّل الشدائد، والرضا بالقدر خيره وشره، وفي نظري أن مرارة الحاجة هي من أصعب ما قد كتبه الشعراء، ومن البوح الجميل عن مرارة الحاجة كتب الشاعر فراج بن محمد بن عيد القرقاح بمشاعر شاعر رائع استطاع أن يصف لنا بما يختلج في أعماقه من مشاعر وآلام ومرار بهذه الأبيات الرائعة التي تدل على ما يتمتع به هذا الشاعر من إبداع وعذب الكلام: حدتني الآلام لمر منها وأمر من مر التألم خضوعي مصادر الأرزاق ما سلت عنها أمشي على الدنيا بقلبٍ جزوعي اللي خلف الأنفس برزقه ضمنها الطير والسرحان ما مات جوعي أخضع لجوهرها واقدر ثمنها وأحلم بعد طول المغيبه رجوعي أنا أدري أن لحلام لبست كفنها أبعد عليّ لاشك من حب كوعي ولاشك أن الفقر وصعوبة العيش يولدان حالة الضعف لدى الإنسان ويتمنى في مثل هذه الأحوال أن يحقق امنياته، ولكن يبقى التقى والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى هو المعين على جميع الظروف، وفي عيش الحياة وما يواجه المرء من صعوبات وآلام وضيم وقسوة الزمان فيجب أن تكون الشكوى إلى الله وحده فمن اعتمد على الله فهو حسبه. قبل النهاية للشاعر عبدالله الشمري: عيبٍ على الرجال يسقط وينهار ما تاقف الدنيا على شان حاجه يا حيف يا فكراً مشتت ومحتار ما تدري ان الضعف عيب وسماجه حمد المسردي