استقرت أسعار النفط أمس الخميس على ارتفاع حيث خفف حذر المستثمرين قبيل بيانات التضخم الأمريكية من ارتفاع الأسعار الذي طال أمده بفعل شح المعروض. واستعاد النفط خسائره الهامشية، وصعد إلى أعلى مستوياته في عدة أشهر حيث أثقلت السوق مخاوف نقص الإمداد مع مخاوف بشأن الطلب على الوقود. وارتفع خام برنت 14 سنتاً إلى 87.69 دولاراً للبرميل بحلول الساعة 0757 بتوقيت جرينتش بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بواقع سنت واحد إلى 84.5 دولاراً. وارتفعت أسعار النفط في الأيام الأخيرة من خلال تمديد تخفيضات الإنتاج من قبل المملكة العربية السعودية وروسيا، إلى جانب مخاوف بشأن الإمدادات مدفوعة باحتمال أن تهدد التوترات بين روسيا وأوكرانيا في منطقة البحر الأسود شحنات النفط الروسية. وقال جون إيفانز من بي في إم للسمسرة النفطية "في الوقت الحالي لا يبدو أن هناك أي شيء غير مرغوب فيه في قطاع الطاقة لإفساد هذا الارتفاع. ويركز المعلقون والمتداولون على حد سواء بشكل كبير على الأساسيات وليس على ما قد يتسبب في تدهور مجموعة الاقتصاد الكلي الأوسع". وقال "تبرز الحالة السيئة للتصنيع في الصين، وقطاع العقارات فيها، وبعض التضخم العالمي العنيد كقضايا يختار مستثمرو النفط تجاهلها في الوقت الحاضر". وكتب ييب رونغ، محلل السوق في وساطة أي جي، لتداول النفط، في مذكرة للعملاء: "كانت أسعار النفط صامدة أمام الأداء الاقتصادي الضعيف من الصين في الأسابيع الأخيرة، حيث اختار المشاركون في السوق التركيز على شروط الإمدادات الأكثر تشددًا من المملكة العربية السعودية وخفض الإنتاج الروسي لمواصلة التراجع عن الوضع الهبوطي السابق". وتخطط المملكة العربية السعودية، أكبر دولة مصدرة، لتمديد خفض إنتاجها الطوعي البالغ مليون برميل يوميًا لشهر آخر يشمل سبتمبر. وقالت روسيا أيضا إنها ستخفض صادراتها النفطية 300 ألف برميل يوميا في سبتمبر. وينتظر السوق مؤشر أسعار المستهلكين لشهر يوليو من الولاياتالمتحدة، والذي من شأنه أن يوفر توجيهًا للسياسة النقدية المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي. وتوقع مراقبو السوق أن يظهر مؤشر أسعار المستهلكين تسارعًا طفيفًا على أساس سنوي، بينما على أساس شهري، من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك بنسبة 0.2 ٪، وهو نفس المعدل المسجل في يونيو. وقالت بريانكا ساشديفا، كبيرة محللي السوق من فيليب نوفا، في مذكرة: "سيراقب مستثمرو النفط على نطاق واسع تقرير التضخم الأمريكي الذي من المتوقع أن يعكس انتعاشًا طفيفًا، وهو سيناريو من المرجح أن يثير المخاوف من المزيد من رفع أسعار الفائدة". وقالت "المستثمرون على حافة الهاوية حيث إن انتعاش التضخم في الولاياتالمتحدة سيوفر المزيد من الزخم لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة موقفه المتشدد، وهو سيناريو ينذر بعدم الارتياح للطلب على النفط على المدى الطويل". وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الأربعاء، أن مخزونات الخام الأمريكية زادت 5.9 مليون برميل في الأسبوع الماضي لتصل إلى 445.6 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين بزيادة 0.6 مليون برميل. وتراجعت صادرات النفط الخام الأمريكية 2.9 مليون برميل يوميًا الأسبوع الماضي، وهو أكبر انخفاض على الإطلاق، إلى 2.36 مليون برميل يوميًا، وفقًا للبيانات. لكن المحلل في برايس فيوتشرز جروب فيل فلين قال إن السوق تتوقع ارتفاع صادرات الخام بسبب العقود الآجلة للخام الأمريكي وفارق برنت. وجاء تراكم مخزونات الخام الأمريكية بعد أن أظهرت بيانات أن القطاع الاستهلاكي في الصين سقط في الانكماش، وواصلت أسعار بوابة التصنيع الانخفاض في يوليو، مما أثار مخاوف بشأن الطلب على الوقود في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. في غضون ذلك، قالت شركتا شيفرون ومجموعة ودسايد اينرجي يوم الخميس إنهما تجريان محادثات مع النقابات لتجنب الإضرابات المهددة في منشآت الغاز الأسترالية التي توفر مجتمعة حوالي 10 ٪ من سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي. وأدت المخاوف بشأن إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية إلى أعلى مستوى في شهرين تقريبًا يوم الأربعاء وعززت توقعات الطلب على الديزل كوقود بديل. وقالت انفيستنق دوت كوم، تراجعت أسعار النفط بشكل طفيف يوم الخميس، متراجعة من أعلى مستوياتها في عدة أشهر حيث تحول التجار إلى الحذر قبل بيانات التضخم الأمريكية الرئيسية، في حين ظلت المخاوف بشأن تباطؤ الطلب الصيني سارية. وكانت قوة الدولار، قبل قراءة مؤشر أسعار المستهلك يوم الخميس، أكبر عقبة أمام ارتفاع أسعار النفط، حيث تراهن الأسواق على ارتفاع طفيف في التضخم في الولاياتالمتحدة. لكن أسعار النفط الخام لا تزال متداولة بالقرب من أعلى مستوياتها لهذا العام، حيث أظهرت البيانات أن الطلب على الوقود في الولاياتالمتحدة ظل قوياً. وكانت الأسواق في حالة تأهب حيث توقع المحللون قراءة أقوى لشهر يوليو، مما قد يشير إلى أن التضخم ظل ثابتًا وأعلى بكثير من النطاق المستهدف السنوي للاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 ٪. ومن المتوقع أن يوفر التضخم المرتفع مزيدًا من الزخم لبنك الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على موقفه المتشدد - وهو سيناريو قد يؤثر على النشاط الاقتصادي في الفترة المتبقية من العام، مما قد يضر بالطلب على النفط. كما عزز احتمال ارتفاع أسعار الفائدة الدولار في الأسابيع الأخيرة. وإن ارتفاع الدولار يجعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الدوليين. في وقت إن انخفاض الإمدادات والطلب القوي على الوقود في الولاياتالمتحدة يدعمان أسعار النفط. في حين أظهرت البيانات الصادرة يوم الأربعاء نمو المخزونات الأمريكية بشكل غير متوقع في الأسبوع المنتهي في 4 أغسطس، فقد أظهرت أيضًا سحبًا أكبر بكثير من المتوقع في مخزونات البنزين ونواتج التقطير. وأظهرت القراءة أن الطلب على الوقود في أكبر مستهلك للوقود في العالم ظل قوياً على الرغم من ارتفاع معدلات الفائدة والتضخم. وحفزت القراءة أيضًا الآمال في أن أسواق النفط العالمية ستشدد أكثر في الأشهر المقبلة، بعد تمديد تخفيضات الإمدادات من المملكة العربية السعودية وروسيا. وأثارت سلسلة من القراءات الاقتصادية الضعيفة من الصين مخاوف بشأن تعافي الطلب في أكبر مستورد للنفط في العالم. وانخفضت واردات الصين من النفط أيضًا إلى ثاني أدنى مستوى لها هذا العام في يوليو، حيث نفد الانتعاش الاقتصادي بعد كوفيد. لكن من المتوقع الآن أن تطبق بكين المزيد من إجراءات التحفيز في الأشهر المقبلة، مما قد يساعد في دفع النشاط الاقتصادي والطلب على النفط في البلاد. ارتفع قطاع الطاقة بقوة في هذا الربع مع تحول إيجابي رئيسي في المعنويات بسبب التخفيضات الطوعية في الإنتاج من السعودية التي لا تزال تشدد من سوق النفط. ومع ذلك، يمكن أن نعزو التردد الحالي في التمديد أكثر من اللازم إلى أن غالبية عمليات شراء الصناديق الاستثمارية العنيفة الأخيرة جاءت رداً على ارتفاع بنسبة +17 % تم تحفيزه بتغطية البيع على المكشوف بدلاً من شراء مراكز جديدة طويلة. ويزداد تسليط الضوء على المخاطر عندما يتم دفع ارتفاع الأسعار من خلال تقليص الإنتاج بتحفيز سياسي واقتصادي، وليس من خلال ارتفاع مستدام في الطلب الذي يدفعه نشاط اقتصادي متزايد. ومع ذلك في الاعتبار، نحافظ على توقعاتنا لنطاق الأسعار بين 80 إلى 90 دولاراً لهذا الربع، ما لم تظهر توقعات الاقتصاد علامات على التحسن. وفي تقرير ساكسو الأسبوعي للسوق اليوم، كتب أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، تحليل حول سوق السلع وقال باستثناء الغاز الطبيعي، شهد قطاع الطاقة ارتفاعاً قوياً هذا الربع، حيث شهدت المعنويات تحولًا إيجابياً رئيسياً مع استمرار التخفيضات الطوعية العنيفة في الإنتاج من السعودية التي تواصل التشدد في سوق النفط. بالإضافة إلى ذلك، لم تؤثر المخاوف بشأن توقعات الاقتصاد العالمي على الطلب بأي شكل ملموس، وتسهم تلك المستجدات في تمكين نفط غرب تكساس الوسيط وبرنت من الوصول إلى أعلى مستوياتهما في أربعة أشهر. وذكر التقرير، مثلما حدث العام الماضي، عندما ارتفعت الأسعار بعد غزو روسيا لأوكرانيا، قادت أسواق الديزل الضيقة الارتفاع في الأسعار، حيث أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار عقود الوقود في لندن وديزل الكبريت الفائق الخفيف في نيويورك إلى 123 و131 دولاراً للبرميل على التوالي، وهي أعلى مستويات منذ يناير. وفيما يخص نفط غرب تكساس الوسيط، ارتفع العقد الأمامي، إلى مستوى عالي في نوفمبر بحوالي 70 سنتاً، وقد ساهم التضييق أو التباعد العكسي بهذا الحجم في تعزيز النبرة الإيجابية. وانخفض إنتاج النفط الخام من مجموعة منتجي أوبك+ إلى أدنى مستوياته في عامين خلال شهر يوليو وفقاً لأحدث دراسة لأوبك+ والتي أجرتها مؤسسة ستاندرد آند بورز. وفي حين بلغ إنتاج أوبك 27.34 مليون برميل يومياً، أنتج حلفاء غير أوبك 13.1 مليون برميل يومياً، وكانت غالبية التخفيضات ناتجة عن تقليص الإنتاج الاختياري العنيف من قبل السعودية الذي تم تمديده حتى شهر سبتمبر. وقد أدى تخفيض الإنتاج بمقدار مليون برميل يومياً إلى انخفاض إنتاج المملكة إلى أدنى مستوياته في عامين قرابة 9 مليون برميل يومياً، أي بفارق حوالي مليوني برميل عن ما تم ضخه في سبتمبر الماضي. وقبل التزامها بتقليص صادراتها في أغسطس، استمر الإنتاج الروسي على حاله، مما جعلها تتجاوز موقف السعودية كأكبر منتج لأوبك+. وفي بداية يونيو، كانت حسابات إدارة الأموال تحتوي على ما مجموعه 231 ألف عقد صافي طويل مجتمع في برنت وغرب تكساس الوسيط. وباستثناء انخفاض مارس 2020 الناجم عن تفشي كوفيد-19، كان هذا أدنى اعتقاد بارتفاع الأسعار منذ عام 2014. ووفقاً لتقرير المتداولين الملتزمين الأخير الذي يغطي الأسبوع حتى 1 أغسطس، تم رفع العقد الصافي المجمع بنسبة 82 % إلى 421,000 عقد أو 421 مليون برميل. بينما شهدت عقود خام غرب تكساس الوسيط أكبر قفزة في الطول الصافي، وكان الدافع الرئيسي وراء التغيير الإجمالي هو تغطية عمليات البيع على المكشوف حيث انخفض إجمالي عقود برنت وغرب تكساس الوسيط بمقدار 116 ألف عقد إلى 88 ألف عقد، وهو أدنى مستوى في ثلاثة أشهر. ومع ذلك، تشير حقيقة أن المراكز الطويلة الإجمالية ارتفعت فقط بمقدار 74 ألف عقد أو 17% خلال الفترة الستة أسابيع المذكورة التي شهدت ارتفاع الأسعار بأكثر من 17 %، في عملية اختراق مستويات تقنية رئيسية، إلى تردد حالي بشأن التمديد أكثر من اللازم. وعليه، يجب مراعاة أن الارتفاع لم يتم دفعه بارتفاع الطلب، وإنما كان ناتجاً عن تقليص الإنتاج المحفز سياسياً واقتصادياً، والذي يمكن في أفضل الحالات اعتباره مؤقتاً. ولتغيير هذا المنظور وارتفاع الأسعار بشكل أعلى، يجب أن تتحسن توقعات الاقتصاد العالمي، ونظراً لتوقعات رئيس قسم المعلومات لدى ساكسو بنك بتضخم الركود في الأشهر القادمة، يبدو أن هذا غير مرجح بشكل متزايد. وقد يمنع ذلك السعودية من إعادة إضافة براميل إلى السوق مع زيادة مخاطر أن تعود الأسعار لاختبار مستويات الدعم، حيث قد تصل في برنت إلى 82 دولاراً وفي خام غرب تكساس الوسيط إلى 77.50 دولاراً. وفيما يخص برنت، يمكن العثور على مستوى الدعم الرئيسي حول المتوسط المتحرك للأيام 200، والذي يقدر حالياً ب 81.54 دولاراً. وعلى الرغم من أن السعر يبدو متوتراً بشكل متزايد، إلا أنه يتحدى حالياً أعلى مستوى تحقيق في أبريل عند 87.50 دولاراً، وعلى الرغم من وجود عزم كافٍ لاختراقه قد يواجه صعوبة في التحدي، ناهيك عن اختراق أعلى مستوى حققته في يناير عند 89 دولاراً.