النجاح مطلب إنساني نبيل، قد تكون الطريق إليه، في معظم الأحوال، وعرة وشاقة، ولكن الكل يتمناه ويحاول أن يسعى إلى تحقيقه، فهناك من يوفق إلى الوصول إليه وهناك من يخفق. ودائماً ما نتساءل عن سر النجاح وأسبابه، وما الخطوات الصحيحة لتحقيقه. ومع علمنا وإيماننا الراسخ بأن النجاح بيد الله، وفي مقابل إدراكنا لجمال مبدأ الإيمان بقدرة الله على كل شيء، إلا أنه يجب علينا أن لا نغفل عن أسباب ومقومات النجاح. وقد صنفت عالمة النفس كارول عقليات الناس إلى عقليات ثابتة جديرة بعدم النجاح وعقليات متنامية قابلة للتعلم، والتطوير، لتحقيق أعلى درجات النجاح. كما أشارت بعض الأبحاث النفيسة إلى وجود عدد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تحقيق النجاح ومنها، على سبيل الإيجاز، الثقة بالنفس وتكوين العلاقات، واحترام الوقت، وتحديد الأهداف، والإيجابية وغيرها من الأسباب المختلفة والتي تسهم في تكوين عقليات متنامية تؤهل أصحابها إلى تحقيق النجاح. ومن وجهة نظر خاصة يبدو للمتأمل في مجمل الأسباب، أن هناك سبباً واحداً، مهماً للغاية، في تحقيق النجاح بكل يسر وسهولة، وهو يتمثل في الشغف أو الحب الشديد للقيام بالأعمال أو المهام المنوطة بالشخص. والسر في التركيز على الشغف كمسبب مهم للوصول إلى دفة النجاح، دون التطرق إلى غيره من الأسباب والمقومات الأخرى، هو، أن جميع مسببات النجاح الأخرى تأتي تبعاً، عند توفر الشغف، في أي أمر كان. فالإنسان الشغوف بالعلم في أحد المجالات العلمية، يتعلم بالتدريج حتى يصل إلى التمكن التام دون تعب أو كلل لأن طاقته دائماً مشحونة، فيتعرف على معظم المراجع العلمية، ويواكب كل مستجدات العلم، ويبدع في كتاباته وأبحاثه، ويصبح لامعاً ومشهوراً في مجال دراسته وعلمه، ولهذا نجد أن شغف العلم كفيل بتحقيق كل أسباب تفوقه، ونجاحه. وخير دليل على ذلك، شهرة بعض الأطباء، أصحاب الشغف في تخصصاتهم، وعدم نجاح آخرين في نفس المجال رغم تساوي مصادر التعلم والظروف، لكن الرغبة الشديدة للتعلم تضع العلامة الفارقة بين طبيب ناجح وطبيب آخر غير معروف، وبين تاجر وتاجر آخر لم ينجح، وقد نقيس على ذلك المنوال بين جميع الناس، وفي كل المجالات. ولهذا ندرك أهمية حكمة سقراط عندما طلبه شاب صغير، بأن يعلمه سر النجاح، حيث طلب سقراط من الشاب أن يقابله في اليوم التالي عند النهر، فعندما التقيا ذهبا إلى داخل النهر حتى وصل ماء النهر إلى أعناقهما، حيث قام سقراط بغمس رأس الشاب في داخل الماء، وبقي ممسكاً به داخل ماء النهر، والشاب يقاوم يد سقراط، حتى أشرف على الموت، وبعد أن أفلح في مقاومته وخروجه من الماء، سأله سقراط، قائلاً له، عندما كانت داخل الماء، ففي ماذا كانت رغبتك الشديدة؟ فقال له الشاب كان شغفي ورغبتي الشديدة في الحصول على الهواء للتنفس، فقال له سقراط، فهذا سر النجاح الذي كنت تبحث عنه. وأعلم أنك لن تنجح في شيء ما، حتى يكون لك شغف وحب ورغبة شديدة فيما تريد، ونتيجة لذلك ستبذل قصارى جهدك للنجاح والفوز بالمطلوب. ومن هنا ندرك أهمية توجيهنا وتربيتنا أبناءنا ومن نتعامل معهم. ومن الضروري أن نسعى إلى تعزيز الرغبة والحب في كل عمل نقوم به، أو نطلبه من الآخرين. وعلينا كذلك التفاؤل وتهيئة أنفسنا بالقراءة والاطلاع حول أي عمل نواد أن ننجح فيه، وأن نراعي جميع الأسباب التي قد تؤدي إلى نجاحنا، كي يكون لنا أدوار ومساهمات إيجابية في النهوض بالمجتمع الذي ننتمي إليه.