وبسبب الجوع المتزايد، تدهورت أيضاً قدرة الناس في جميع أنحاء العالم على الوصول إلى النظم الغذائية الصحية، والمعلومة الأكثر إيلامًا هي أن أكثر من 3.1 مليارات شخص على مستوى العالم لم يستطيعوا تحمل تكاليف نظام غذائي صحي في عام 2021. في كل عام أترقب تقرير "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم"، الصادر عن خمس وكالات تابعة لهيئة الأممالمتحدة، وهي: منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي. في كل عام، يقدم تقرير منظمة الأغذية والزراعة، عدد الأشخاص الذين يعانون من النقص التغذوي في جميع أنحاء العالم، مع الدعوة إلى استراتيجيات لمكافحة الجوع وسوء التغذية. وعقب نشر التقرير العالمي، يتم توزيع إحصاءات وفيرة في التقارير الإقليمية. وفي كل عام منتظر، تظهر النتائج أسوأ من العام السابق، لذلك ومن دون مقدمات، فإن تقرير عام 2023، كان كارثيًا بكل ما تحمله الكلمة من المعنى على الإنسانية جمعاء، فهناك 783 مليون شخص واجهوا الجوع حول العالم في عام 2022 في أعقاب جائحة كوفيد - 19 والصدمات المناخية المتكررة والصراعات المنتشرة. وكشف تقرير "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم" أن ما بين 691 و783 مليون شخص واجهوا الجوع في العام الماضي، بمتوسط 735 مليون شخص، وهو ما يمثل زيادة قدرها 122 مليون شخص مقارنة بعام 2019. ومن دون مواربة أو تلبيس، فإن التقرير ينذر باحتمالية قاتمة، فإن استمرت الاتجاهات على ما هي عليه، لن يتم تحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على الجوع بحلول عام 2030. أهم ما يستند إليه التقرير، هو أن الجوع لا يزال يرتفع في منطقة غرب آسيا، التي تضم عدداً من الدول العربية، ومنطقة البحر الكاريبي، وعبر القارة الأفريقية، حيث يكابد واحد من كل خمسة أشخاص الجوع، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي. وبسبب الجوع المتزايد، تدهورت أيضاً قدرة الناس في جميع أنحاء العالم على الوصول إلى النظم الغذائية الصحية، والمعلومة الأكثر إيلامًا هي أن أكثر من 3.1 مليارات شخص على مستوى العالم لم يستطيعوا تحمل تكاليف نظام غذائي صحي في عام 2021. أما عن سوء التغذية بين الأطفال، فحدث ولا حرج، وهنا أستعين بتعليق للمديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل التي تقول نصًا: "إن سوء التغذية يُعد أكبر تهديد لبقاء الأطفال ونشوئهم ونموهم"، ماذا يعني ذلك؟ .. يعني ذلك أن هناك 148 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم و45 مليون من الهزال، فيما يعاني 37 مليوناً آخرين من زيادة الوزن، الذي هو أيضاً يعتبر في الغالب مؤشراً على تدني جودة التغذية. ومن المؤسف أن مخاوفنا ليست فقط بسبب الجوع. ففي عام 2022، لم يتمكن 2.4 مليار شخص، بما ذلك أعداد أكبر نسبيًا من النساء وسكان المناطق الريفية، من الحصول على أغذية مغذية ومأمونة وكافية على مدار السنة، واستمر الأثر الممتد للجائحة على دخل الأفراد المتاح للإنفاق، وارتفاع كلفة النمط الغذائي الصحي، وازدياد التضخم بشكل عام، في الحيلولة دون حصول مليارات الناس على نمط غذائي صحي بكلفة ميسورة. ويؤدي تغيُّر نمط التجمعات السكانية عبر التسلسل الريفي الحضري المتصل وترابطاتها كمكان للتبادل والتفاعلات الاجتماعية والاقتصادية، إلى إعادة تشكيل النُظم الزراعية والغذائية وإعادة تشكيله هو نفسه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على توافر الأنماط الغذائية الصحية والقدرة على تحمّل كلفتها، وبالتالي على الأمن الغذائي والتغذية. أختم بتعليق للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بمناسبة إصدار التقرير، جاء في رسالة بالفيديو أكد من أن العالم بحاجة إلى جهد مكثف وفوري لإنقاذ أهداف التنمية المستدامة، وأنه يجب تبني القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات والصدمات التي تؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي - من الصراع إلى المناخ.. دمتم بخير.