لا يقوم الزواج المستقر على الحب وحده، فإدارة العاطفة، وإدارة المودّة والرحمة اللذان هما أصل الزواج في الإسلام، هي إدارة تضمن استمرار الزواج بقدرٍ كبيرٍ جداً من النجاح والنجاة من أمواج الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية المتلاطمة. ولقد كانت إدارة مفهوم الزواج على وجه الخصوص دائماً هي الأساس الأول في بناء منظومة الزواج ككل، فعرفنا الإسلام حقيقة البناء لبيت الزوجية وأوضح لنا مآلات هذا البناء وأهدافه. وتكثر الخلافات وقد ينتهي المطاف بالحياة الأسرية إلى الخسارة الكاملة والافتراق عندما لا يكون هناك ثقافة جيدة بالقدر الكافي لإدارة السعادة الزوجية. ولا يمكن إدارة السعادة الزوجية من دون تحقيق أهم عنصر في تلك الإدارة وهو عنصر الاحترام المتبادل، وعلى أساس هذا العنصر يمكن تأسيس كل أشكال وأنواع عناصر السعادة الزوجية الأخرى. وانطلاقاً من قاعدة الاحترام سيتمكن جميع الأزواج والزوجات من تحقيق معدلات عالية من النجاح على مستوى الانسجام العاطفي، والتوافق الفكري والنفسي، وصولاً إلى تحقيق بيئة بيت زوجية يغمرها التفاهم في حدوده الجيدة لكيلا تهتز سفينة الحياة اهتزازات عنيفة. من هنا فإن إدارة السعادة الزوجية تمثل أولاً مجموعة من المفاهيم التي يجب اعتناقها والإيمان بها وعلى رأسها فهم أن بيت الزوجية هو مصلحة مشتركة للزوجين وليس للزوجة فقط أو للزوج فقط، والبناء على ذلك في فهم حقيقة أن بيت الزوجية قد تم تأسيسه لإضفاء شعور وجو دائمين من الاطمئنان النفسي لفردين من أفراد المجتمع وهما الزوج والزوجة، ولتحقيق الاستقرار الاجتماعي ككل، لبناء مجتمع سليم وصحي نفسياً وجسدياً، وعليه فإن أي خلل في هذه المفاهيم لابد وحتماً أن يذهب بالكثير من بيوت الزوجية إلى اتجاهات تعاكس تماماً الهدف من الزواج بالأساس. واستناداً إلى هذه الحقائق، يمكننا أن نؤسس لإدارة بيت الزوجية على المستوى النفسي والعاطفي من خلال العمل على توفير أدوات وممكّنات مادية حقيقية ملموسة يمكننا استخدامها أو ابتكارها لتحفيز عنصر الأمان النفسي والعاطفي وهذا لا يقتضي بالضرورة البذخ واللجوء إلى المال كمرتكز أساسي لهذه الإدارة المنشودة للملف العاطفي، وإنما يمكن ببساطة أن نعتبر أن جميع الأدوات التي نمتلكها في أيدينا مهما كانت بسيطة هي بالفعل أدوات مهمة وحقيقية وفعّالة كممكنات تستحق أن نهتم بها لتحقيق إدارة التوازن العاطفي داخل بيت الزوجية. هذا بالضرورة ينقلنا إلى الحاجة إلى التأكيد على أن الحياة حولنا هي بالفعل مليئة بالكثير من الممكنات البسيطة، وعلى رأسها الكلمة الطيبة، والابتسامة، والقليل جداً من الماديات البسيطة كافٍ جداً لصناعة تغيير يومي داخل بيت الزوجية لمن يريد أن يواصل حياة مليئة بالإيجابية ليتطور في حياته ويتدرج في مراتب اجتماعية عالية لا يمكن إدراكها ولا الوصول إليها إلا من خلال بيت زوجية مستقر. * دكتوراه علم نفس إداري 1