حين نقول منصة توقيع للمؤلف، فنحن نتحدث عن مركزية ونقطة التقاء بين القارئ والكاتب، لقاء يحقق القُرب والحديث حول الكتاب وما بين سطوره، وتساؤلاته المُثارة، وحسم الشكوك حول الشخوص والقصة والمعنى والمقصد، يرافقها شعور البهجة برؤية صانع هذه الحبكة ومن خط هذه الأحرف، ومن أسقط أجزاء من ذاته ومسيرته، ومن رتب الخطوات والتجارب لتكون نقطة البداية لمن أراد. من قلب هذه المنصات تطرح التساؤلات ذاتها: هل منصات التوقيع بحد ذاتها تدعم المؤلف أم ما يقدمه من ثقافة وأدب ومعرفة؟ وهل تصل به لجمهوره حقًا؟ وهل للمبتدئ فيها ظهور وانتشار؟ تساؤلات كهذه وغيرها تدور حول دور المنصة ودورها في دعم القلم وتحقيق الرواج، ودعمها للمؤلف والثقافة معاً. "مواجهة الجمهور" تخصص معارض الكتاب في المملكة والعالم منصات التوقيع بهدف مواجهة الجمهور ومعرفة آرائهم عن قرب، والترويج للكتاب بشكل أساسي، فضلاً عن الكتب الصادرة حديثًا، فموعد التوقيع حدث وضيف دائم في معارض الكتاب على مستوى العالم، وأصبحت إحدى أهم الأركان الثقافية المقترنة بفعاليات المعرض، تشكل بُعداً ذا أهمية لدى المؤلف وزوار تلك المعارض. ومن أجل فهمٍ أوسع لجدوى تلك المنصات، والتغييرات المقترحة لقوة وصول وانتشار أكبر لكاتبها ومحتواه، أجرت "الرياض" لقاءات مع مؤلفين وأدباء بخبرات متفاوتة في معرض المدينةالمنورة للكتاب 2023 الذي اختتم فعاليات نسخته الثانية قبل أيام، وتحدث كتّاب وموهوبون يخطون تجربة إصدار كتابهم الأول، وآخرون يحملون في رصيدهم المعرفي كتباً ومؤلفات عدة، ومنهم الدكتور محمد بن ناجي آل سعد، مؤلف 18 كتابًا متنوعة في الرواية والمقالات والتدريب، ويتحدث عن حرصه الشديد على عدم تفويت فرصة الوجود بمنصات التوقيع في معارض الكتاب، قائلاً: "منصة التوقيع تعطي فرصة للكاتب أن يظهر أمام الناس من ناحية، وتعطي للمتلقي الفرصة أن يتواصل مع الكاتب من ناحية أُخرى، فالقارئ يستطيع بكل بساطة أن يشتري كتابه من أي مكتبة، لكن في التقائه مع الكاتب مباشرةً فائدة أكبر للحديث عن الكتاب وما يحتويه وعن بعض الأسئلة العالقة مُسبقًا في عقل القارئ، وأتمنى أن يكون هناك شيء من المرونة بالتسجيل والتزامًا تامًا بالمواعيد، فنحن نُعلن موعدًا للزوار ثم يحصل تغيير مفاجئ يجعل من تواصلنا مع القُراء غير ممكن". وأضاف: "ينبغي أن يكون هناك إعلام مُختص بالمنصة، يسلط الضوء على المؤلفات والمؤلفين ويدعم نشرهم الأوليّ، فمنصات التوقيع لو تمعّنا فيها مطولًا لأخرجنا منها المؤلفات العديدة التي تحكي للعالم الشعور والمواقف التي نعيشها هنا". "مظهر صحي" فيما عبّر الروائي أحمد السماري عن فكرة منصات التوقيع بأنها "فكرة إيجابية"، فهي من المظاهر الصحية في معارض الكتاب التقليدية، وتوجد حالة من التفاعل التسويقي والإعلامي بين المؤلف ودار النشر والحضور، وهي تمثل جزءاً من الحيوية الثقافية، مؤكدًا أنها حق من حقوق المؤلف في عرض إنتاجه وتسليط الضوء عليه وتعريف الناس به. ويرد أن هذه الفكرة تبقى إيجابية مع تحديث أسلوبها وتطوير إخراجها لتزيد من مستوى التفاعل، بما يتماشى مع تطور معارض الكتاب خصوصًا في السنوات الأخيرة، وأن لا تبقى أسيرة الطرق التقليدية القديمة. واقترح السماري في سياق حديثه: "لا بد من تطوير الأسلوب التقليدي، وأقترح من خلال زياراتي لمعارض مختلفة داخل المملكة وخارجها أن يوجد المؤلف داخل جناح دار النشر، ويتم توفير ركن مخصص يستخدمه جميع المؤلفين، توزع بينهم الأيام والساعات بالتنسيق مع دار النشر، ومن خلال ذلك سينشط الدار، وسيكون للمؤلفين القدرة الأكبر في جذب الجمهور إلى الجناح من خلال الإعلانات في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن يقوم موقع المعرض وحساباته على تلك المنصات بتعريف الزوار بمواعيد التوقيع مزامنة مع تفعيل ملفات ورش العمل والندوات والجلسات الحوارية، ويصاحب كل ذلك منشور دعائي لكل مؤلف بجانب الجناح أثناء فترة التوقيع يلفت ويجذب الزوار من أمام الجناح، ويمكن للدار تحصيل بعض الرسوم من المؤلفين الراغبين، وغير ذلك من الأفكار الجديدة والمبدعة التي تصب في الاهتمام بالكتاب والمؤلف". "تجربة أولى" أما الكاتبة أماني عبدالرزاق عطية، التي قررت تأليف كتابها الأول بعد سنين مكثفة من التدريب في المجال الإداري لتضع فيه خلاصة ما قدمته من برامج تخص السكرتارية، فتتحدث عن تجربتها الأولى بمنصة التوقيع، وتقول: "أي كاتب جديد يحتاج أن يُسلط عليه الضوء، وتعتبر منصات التوقيع هي ذلك الضوء على الكتاب والكاتب، وقامت وزارة الثقافة –ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة- مشكورة بتفعيل منصات التوقيع لتمنح للمبتدئ فرصة اللقاء الأول بالقُراء، وككاتبة، خَلقت المنصة لي مجالاً أوسع في معرفة مجموعة من الكُتاب في المجال ذاته، وإن كنت أعتب على شيءٍ ما فهو مسألة التقديم منذُ البدء على الحساب للحجز في المنصة، وأيضًا أتمنى أن يخصصوا لنا مساحة أكبر للحديث حول الكِتاب والإجابة على تساؤلات القُراء". وكان للكاتبة إسراء المحمدي في أول إصدار لها رأي مختلف، حيث تحدثت عن ضعف التركيز الإعلامي على منصات التوقيع وضعف التسويق وعدم الإقبال، فتؤكد: "كونك كاتب مبتدئ فأنت من دون شك لن تحظى بوجود قُراء حولك، ولولا وجود صديقاتي لم أكن لأوقع كتابًا واحدًا على هذه المنصة اليوم". أماني عبدالرزاق عطية أحمد السماري د. محمد بن ناجي آل سعد