تأخذ فقرة تواقيع الكتب حيزاً كبيراً في معارض الكتب، وخصوصاً في معرض الرياض الدولي للكتاب، ولاحقاً معرض جدة الدولي للكتاب، الذي انتهت دورته الجديدة قبل أيام. وأصبحت تواقيع الكتب مثار تساؤل وحتى انتقاد، بسبب أولئك الذي يصرون على تكرار تواقيع كتبهم الجديدة في أكثر من معرض. قد تبدو مسألة التواقيع حضارية، فالكاتب يلتقي بقرّائه ويوقّع لهم، وهذا يحدث في العالم كله، لكن هناك من يراها ظاهرة شكلية، لا تمت بعلاقة إلى الكتابة وأحوالها، وأنها نوع من التسويق الذي لا يرتكز على منهج وأسس واضحة. «الحياة» استطلعت آراء عدد من الكتّاب حول هذه الظاهرة. يقول الدكتور عبدالله البريدي: شخصياً لا أحب توقيع الكتب أصلاً. تبدو لي ممارسة شكلانية فارغة من المضمون، فيها كثير من التصنع والتسويق الأجوف. يتحول المؤلف إلى ما يشبه «عارض أزياء»، أو ما يشبه «اللاعب النجم» الذي يوقّع على القمصان والأوراق للجمهور أو أي نجم آخر»، مشيراً إلى أن توقيع الكتب «في رأيي الخاص، يخلق «المؤلف النجم» الذي يتفاعل مع الجمهور بطريقة انفعالية ممسرحة! هذا لا يليق بالفكر والثقافة، ولذلك فأنا أرفض دائماً التوقيع، فمن أراد أن يشتري الكتاب فهو متوافر والإهداء الحقيقي للأصدقاء، فهو الذي يحمل قيمة وما عداه فنجومية مصطنعة!». وترى الروائية نبيلة محجوب أن حل مشكلة الكتّاب والمؤلفين مع دور النشر، «لن تحلها معارض الكتب ولا عدد دور النشر، بل تحتاج إلى تنظيم وقوانين تحكم العلاقة بين المؤلف والناشر، كذلك يحتاج الكتّاب إلى اهتمام من النقاد»، متمنية أن تخدم الفعاليات الثقافية المقامة على هامش معرض الكتاب المؤلفين، «وخصوصاً الشباب، بحيث تتناول الندوات تقديم الكتاب للقارئ، بدلاً من منصات التوقيع التي أغرت الكثيرين والكثيرات بتقديم كتاب سنوياً ليكون تحت أضواء منصة التوقيع في معرض الكتاب». وتقول إن توقيع الكتب جيد، «لكن لا بد من آلية لفرز الجيد من الرديء، وهذا كان يمكن تداركه من خلال الفعاليات الثقافية. ففي معرض القاهرة للكتاب توجد خيمة للرواية وأخرى للشعر والفكر وكل الأجناس الأدبية لفرز المطبوعات الجديدة، إذ يتم مناقشة الأعمال من خلال النقاد بحضور المؤلف بعد مراجعة لجنة مختصة لإدراج الكتاب في جدول الندوات، وهذا نفتقده في معرضي الكتاب في الرياضوجدة. وأتمنى أن تتركز الفعاليات الثقافية في الأعوام المقبلة على المؤلفات الجديدة وإلغاء منصات التوقيع، وأعتقد بأن دور النشر يمكنها القيام بهذه المهمة لمؤلفيها المشهورين، لتتيح فرصة التعرف عليه عن قرب من خلال التوقيع داخل حيزها المكاني». أما القاصّ محمد علي قدس، فيذكر أن حفلات التوقيع على الكتب والمؤلفات للمبدعين، «لا تكون ذا أثر ومعنى إلا في المرة الأولى التي تخصص للمؤلف أو الكاتب خلال معرض الكتاب. وأحياناً يتم الترتيب له في المراكز الثقافية والجمعيات ودور النشر»، لافتاً إلى أنه ليس من الإجراءات المألوفة أن يتم التوقيع على الكتاب نفسه في أكثر من معرض في بلد واحد، «حتى تتاح الفرصة لأكبر عدد من المؤلفين الذين لم يسبق لهم أن وقّعوا مؤلفاتهم، حتى وإن كانوا من المبدعين المشهورين وأصحاب الروايات أو الدواوين المشهورة. لذلك تلجأ دور النشر إلى تكرار عمليات التوقيع في أكثر من معرض لترويج إصداراتهم ورفع دخل مبيعاتهم، وإذا لم يكن من خلال منصات التوقيع ففي أجنحتهم الخاصة في المعارض».