شهدت المملكة خلال الفترة الماضية ظهور نمطٍ جديدٍ من التفكير النوعي القيادي والتخطيط المنوع السياسي والاقتصادي والثقافي والديني وحتى المجتمعي، الهادف إلى تأسيس مجتمع معاصر وسطي معتدل يحترم القيم النبيلة ويرفض الإقصاء والتهميش، فضلا عن بناء مدن ذكية وتمكين المرأة وإيجاد اقتصاد مزدهر قائم على أسس جديدة، أهمُّها: تنوُّع مصادر الدخل القومي، وتقليل إسهام القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، توسيع الاستثمار الخاص، وتطوير القطاعات الاقتصاديَّة، وزيادة إنتاجيتها، وهذه الأهداف الطموحة تجسدها برامج رؤية المملكة 2030 وخططها الاستراتيجية نصا وروحا هذه الرؤية تحوّلت لتصبح أكبر مساهم متفرّد في التغطية الإعلاميّة العالميّة للمملكة والتي أبرزت القوة الإنسانية والاقتصادية والرياضية والثقافية والإسلامية والتاريخية ونتيجة ذلك، باتت النظرة إلى المملكة أكثر إيجابيّة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 5 أعوام.. وحدث تحول إلى حد ما في تناولات الإعلام العالمي لقصص النجاح في المملكة وتصدرت القصة الإنسانية والرياضية والثقافية.. المشهد بامتياز. وعندما نتحدث عن القوة الإنسانية السعودية فإن الكوكب حافل بالحروب والصراعات، لكن الحقيقة المؤكدة هي أنه متى وأينما كان ناس في أزمة، يهب آخرون لمساعدتهم وإغاثتهم، إنها الإنسانية العالمية التي لا تؤمن بلون أو دين أو سياسة.. وهنا ظهرت القوة الإنسانية السعودية على المسرح عندما تحركت في الكوكب مدفوعة بالعطاء الإنساني البعيد عن الأجندات السياسية أو العرقية، وردفت المملكة بقوتها الإنسانية الناعمة، بأبراز مكامن القوة الحضارية والأثرية والسياحية والاقتصادية وإثراء التجارب الدينية، حيث شكلت الرؤية 2030 جوهر مكامن القوة السعودية في العالم. والسؤال كيف يمكن تعظيم القَّوة الكامنة السعودية الناعمة وتوظيفها بشكل أكبر ليس فقط لتعضيد صورة المملكة في العالم؟ ما سبل ضمان ديمومة زخم الرؤية 2030؟ يؤكد عدد من الإعلاميين الذين شاركوا في المنتدى السعودي للإعلام والمؤتمر الإنساني الدولي للرياض أن رؤية 2030 أعطت دفعة قوية لإبراز مكامن القوة غير المرئية في المملكة وأظهرتها للعالم خلال السنوات، حيث ساهم تنوع القوة الناعمة سواء كانت اقتصادية أو إنسانية أو روحانية أو ثقافية مشيرين إلى تبني المملكة لقيم الوسطية والاعتدال والانفتاح على العالم وفتح أبواب المملكة للعالم كان تغييرا في قواعد التفكير السعودي والذي ساهم بقوة في تعزيز الصورة الذهنية عن السعودية تقليص الأخبار المعاديةُ الأمر الذي أدى لتعظيم صورة المملكة في العالم من خلال كفاءة الرؤية 2030، وتسريع الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية عبر التركيز على بناء الإنسان المتطوِّر القادر على إدارة برامج التحوُّلات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافية بكفاءة يجب جعله هدفًا مركزيًّا لبرامج الرؤية التي ساهمت بشكل كبير في تقليص الأخبار السلبية عن المملكة في الربع الأول من العام الحالي بحسب مختصين عالميين شاركوا في المنتدى الإعلامي السعودي والمؤتمر الإنساني الدولي الذي اختتمت أعماله الأسبوع الماضي في الرياض بزخم إعلامي عالمي ضخم والذي عزز النبرة الإيجابية تجاه المملكة في العالم وخفضّ النبرة السلبية إلى حد كبير. وأكد محللون إعلاميون شاركوا في المنتدى السعودي للإعلام ل "الرياض" أن من أهم القطاعات التي لعبت دورا كبيرا في تعزيز النبرة الإيجابية عن المملكة في العالم هو تمكين المرأة السعودية وتعظيم دور جيل الشباب الجديد فضلا عن ظهور المواهب السعودية والمؤثرين في مواقع الإعلام الجديد إلى تعزيز فلسفة ومفهوم السياحة وفتح أبواب المملكة للجميع وتحسين جودة الحياة والانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط وتدعيم التحتيّة الرقميّة وتكثيف الجهود الدبلوماسيّة وإظهار المناطق التاريخية والحضارية كالعلا والمدن الذكية كنيوم وذا لاين محطات البث المرئي والمسموع والمواقع الإلكترونيّة والفضائية العالمية والإسلامية والإعلام المطبوع وأبرزها "بلومبيرغ" و"نيويورك تايمز" ولوس أنجليس تايمز وبلوتيكو وغيرها من الصحف العالمية، إذ بدأنا نشهد اهتمامًا عالميًّا ملحوظًا حيال الحالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافية والإنسانية والشبابية والأثرية، ممّا يعكس توجّهًا جديدًا في تشكيل نوعي لتعظيم سمعة المملكة حول العالم". وتوقع الخبراء استمرار اضطلاع "رؤية 2030" وقصصها المتنوعة، بدور محوري في التغطية المستقبليّة للمملكة. ويعيش المجتمع المعاصر تحولات هائلة في مجال الاتصال والإعلام أدت هذه التحولات في السنوات الأخيرة إلى تغيرات كبيرة في أساليب إنتاج وتوزيع وتلقي المعلومات. فقد ظهرت تقنيات وأساليب اتصالية حديثة، وانتشرت عن طريقها خصائص ووظائف اتصالية جديدة، من أهمها التحول من وسائل الاتصال الجماهيري ذات الاتجاه الواحد، والمحتوى المتجانس، إلى تقنيات الاتصال التفاعلية ذات الاتجاهين والمضامين المتعددة، وظهر مصطلح "الإعلام الجديد" للتعبير عن هذه الظواهر الجديدة، ويسعى هذا البحث إلى الكشف عن سمات الإعلام الجديد من حيث تطور المفهوم والوظائف في ظل التطورات السريعة في المجتمع. واستفادت الدبلوماسية السعودية التفاعلية المتجددة، من الرؤية 2030 حيث اعتبرها كرافعة ومخزن لصناعة قصص النجاح، حراك من خلال تنظيم المؤتمرات والمنتديات الداخلية متنوعة والتي حولت لكرنفال للتعايش والسلام والتنوع في أرض الاعتدال والوسطية وفهم لثقافة الآخر، وتعميق رؤية حضارية إنسانية مشتركة لترسيخ التعاون والوئام والسلام.. وحولت الرؤية 2030، الرياض، لعاصمة عالمية اقتصادية ثقافية سياحية وإنسانية، حيث انعقد المنتدى السعودي للإعلام والمؤتمر الإنساني الدولي والاحتفال بذكرى التأسيس خصوصا أن الملتقيات بتنوعاتها الإنسانية والثقافية والإعلامية والحضارية فرصة تاريخية لإبراز المعطيات والاختراقات الإيجابية وتعظيم صورة الإسلام الحقيقية، بسماحته واعتداله عبر العصف الذهني الذي جمع قادة الرأي والفكر الإنساني والإعلامي إلى جانب تسليط الضوء على عمق المملكة التاريخي والإرث الحضاري المكاني والزماني هذه الملتقيات تعد من أفضل الوسائل لإبراز رسالة المملكة للعالم وتكريس التسامح وتقريب والثقافات العالمية وفهم الآخر ورفض التهميش والأفكار المتطرفة، باعتبار أن المملكة هي الدولة الرائدة في تمثيل هذه الرسالة الحضارية الإسلامية وتحمل مسؤوليتها، فهي مظلة الشعوب الإسلامية والحريصة على إيجاد حلول عادلة لقضاياهم، وتعزز الأمن والسلم العالمي. لقد شارك نحو 1500 إعلامي ومتحدث وضيف من الشخصيات الإعلامية العالمية المرموقة في المنتدى السعودي الإعلامي والمئات من مهندسي صناع القرار في المحافل الإنسانية، في فعاليات وجلسات المؤتمر الإنساني الدولي الثالث؛ لاستكشاف فرص تعظيم خدمة الإنسان الكوني بعيدا عن الأجندات السياسية والعرقية والصراعات والتوازنات العالمية فإن الفائز هو الإنسان الكوني وهذا هو الهدف الاستراتيجي للمملكة من خلال تعظيم العمل الإنساني وإغاثة الملهوف كون المملكة أصبحت قاعدة ومنصة دولية للنقاش والعصف الذهني لاستكشاف الاتجاهات الإنسانية والسياسية والإعلامية والاستثمارية وفق منطلقات الرؤية 2030، وجاءت هذه الملتقيات متزامنة مع ذكرى يوم التأسيس والتي أعطاها زخما أقوى من حيث التأكيد على أهمية الإعلام والاتصال في المجتمعات الإنسانية، وتشجيع الحوار الثقافي والحضاري المبني على الإيجابية والانفتاح، وتعزيز قيم التنوع والتسامح والسلام والتعايش واحترام الآخر؛ لتبادل الأفكار والرؤى وإجراء حوارات مثمرة والتعرف على مستجدات القطاع، وبث القيم النبيلة وتوسيع المعارف. ومن الأهمية تعزيز القدرة على الاستمراريَّة، ووضع خطط مواجهة التقلُّبات والأزمات العالميَّة المستقبليَّة المفاجئة، وتعزيز قدرة الاقتصاد على استيعاب، وتحمُّل التغييرات غير المتوقَّعة، والاستجابة السريعة، وسبل مواجهة التحدِّيات المستقبليَّة المفاجئة. إن الفرضية الكامنة وراء "رؤية 2030" للأمير محمد بن سلمان واضحة وهو الحكم الرشيد والحوكمة، وتعظيم دور الإنسان لأهميته الاستراتيجية ودعمه بوسائل الازدهار في الاقتصاد العالمي الديناميكي والقائم على الابتكار في القرن الحادي والعشرين. والمملكة اليوم ليست فقط مخزونا نفطيا مهولا يكفي لسد حاجيات العالم لعقود بل مخزون قوة ضخمة متراكمة صدمت حتى أصدقائها ومزودوها بالسلاح وفي مقدمتهم الأميركيين والأوروبيين الذين فاجأهم حجم القوة الكامنة للمملكة.. وتتمثل أبرز مَكامن القوة لدى المملكة العَربية السُعودية في شعب طموح معظمه من الشباب، حيث يعد هؤلاء الشباب من كنوز الدولة يتم اعتبارهم الأمل في المستقبل القادم، حيث منذ إطلاق مبادرة رؤية 2030، وتم وضع الشباب في الحسبان من أجل وضعهم في عدة مشاريع تساعد للوصول لأهداف خطة السعودية 2030، والتي تهدف للنهوض بكافة المجالات في الدولة خلال فترة قصيرة، كما يتم تسليط الضوء على جهود المملكة في الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك فتح مجالات جديدة في سوق العمل، ودفع التنمية الاقتصادية بما يتوافق مع رؤية السعودية. لقد أشارت الرؤية إلى مستقبل أكثر إشراقاً عبر استثمار الطاقات البشرية والطبيعية، وتفعيل مكامن القوة في المملكة العربية السعودية، باعتبارها زعيمة العالم الإسلامي، تقوم الرؤية الجديدة على ثلاث ركائز: العمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية، وأهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي. وعبر هذا المدخل الأساسي تريد المملكة أن تفتح آفاقا جديدة في السياحة والرفاهية والثقافة والاقتصاد والتعليم على نحو أكثر انفتاحا وفق مقتضيات الدين الإسلامي الذي يرحّب بالكفاءات. وتعتمد رؤية السعودية 2030 على مكامن قوة محورية، تتمثل في أن المملكة هي أرض الحرمين الشريفين، أطهر بقاع الأرض وقبلة أكثر من مليار مسلم، مما يجعلها قلب العالمين العربي والإسلامي، كما تطوع المملكة قوتها الاستثمارية لخلق اقتصاد أكثر تنوعاً واستدامة، إضافة إلى ذلك تسخر موقعها الاستراتيجي لتعزيز مكانتها كمحرك رئيس للتجارة الدولية ولربط القارات الثلاث: أفريقيا وآسيا وأوروبا. ويبدو أن مصطلح القوة الناعمة، لم يعد مجرد "حالة تنظيرية" في المملكة لقياس مكامن القوى والقدرات والإمكانات التي تتمتع بها الدول والشعوب والمجتمعات، ولكن القوة الناعمة في المملكة - تحوّلت إلى مسرح التطبيق باعتبارها واحدة من أهم مرتكزات العولمة الكونية التي تُسيطر على كل تفاصيل حياتنا، الصغيرة والكبيرة. والأمثلة والعناوين والنماذج للقوة الناعمة، كثيرة ومتجددة منها: الآداب والفنون والثقافات والعلوم والمعارف والآثار والتراث والمتاحف والمهرجانات والسياحة والرياضة. ما تعيشه المملكة العربية السعودية من تحول وطني كبير، لامس كل المجالات والقطاعات، بحاجة ماسة وضرورية لشيء من "الدبلوماسية الناعمة" والتي تتوفر عادة في الثقافة كقوة جاذبة ومؤثرة ومحببة، تُمارس التأثير والتبادل والتكامل. وتمتاز به المملكة من ثراء معرفي وثقافي في جميع المجالات حيث إن التنوع الثقافي يعد قوة محركة للتنمية ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب؛ بل أيضاً كوسيلة لعيش حياة فكرية وعاطفية ومعنوية وروحية أكثر اكتمالاً، وميزةً ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة، في حين يساهم القبول بالتنوّع الثقافي والإقرار به في خلق الحوار بين الحضارات والثقافات، وفي بلوغ تبادل الاحترام والتفاهم. وتتكئ المملكة على موروث ثقافي وحضاري، عالمي، لم يتم استكشافه إلا مع الإعلان عن الرؤية 2030، والتي أبرزت مكامن القوة الثقافية الناعمة التي أبهرت العالم، كون هذا المفهوم لم يعد مجرد ترف لفظي لاستيعاب تطور قنوات التبادل الثقافي والفني من أشكاله التقليدية إلى إبراز قوته الحضارية ووصوله للفضاءات العالمية؛ كون القوة الثقافية السعودية اندمجت كبعد أساسي ضمن أدبيات الجيوبوليتيك المعاصرة، وأضحت قادرة على حمل لواء قيم كونية تسامحية لفهم ثقافة الآخر ورفض الإقصاء والتهميش والتشدد. لقد ساهم المنتدى السعودي الإعلام والمؤتمر الإنساني الدولي في تعاظم النبرة الإيجابية عن المملكة في العالم.. وهذا يعد نجاحا كبيرا لدبلوماسية المملكة.