ناقشت الكاتبة الأفروأميركية «توني موريسون» في رواياتها جميع القضايا التي تهم السود، منذ فترة العبودية المرعبة، وإلى حدود هموم الفترة المعاصرة وصعوبة الاندماج في المجتمع الأميركي. كما أنها بأَّرت فكرة ما معنى أن تكون أسود تعيش في مجتمع يرفض السود، وكيف يمكن للأسود أن يحيا مع الرفض والاحتقار، والعنف واللاتسامح، مع ما يستتبع ذلك من اضطرابات نفسية تصيب هذه الفئة المضطهدة، وتطبع حياتها وحياة أبنائها إلى الأبد؛ حتى إنها قالت إنها على الرغم من كل ما قامت به من أجل إلغاء هذا الميز، إلا أنها كانت تحس على الدوام أن الأميركيين من أصول إفريقية مواطنون من الدرجة الثانية، ولم تشعر بأنها أميركية بالفعل إلا في سنة 2008، مع انتخاب «باراك أوباما» رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. حصلت «موريسون» في سنة 1993 على جائزة نوبل لآداب تتويجا لما قدمته أعمالها من خدمات جليلة لقضية السود، وأيضا ل»ما تحمله رواياتها من قوة تنبئية، وحمولة شعرية، تبعث الحياة في مظهر أساسي من مظاهر الواقع الأميركي»، وبحصولها على هذه الجائزة العالمية المرموقة، تبقى «توني موريسون» الروائية الأفروأميركية الوحيدة التي حصلت عليها منذ إنشائها وإلى حدود اللحظة الراهنة. كتبت «موريسون» نحو إحدى عشرة رواية، ومسرحيتين، وعددا من الكتب الموجهة للأطفال، والدراسات والبحوث النقدية... وتبقى رواية محبوبة Beloved واحدة من أهم الروايات التي كتبتها، والتي حصلت بفضلها على جائزة «بوليتزر» سنة 1988، بل إن الرواية دخلت سنة 2002 لائحة مئة أحسن رواية على مر كل الأزمان، وتحولت إلى فيلم سينمائي سنة 1998 من بطولة الأفروأميركية الشهيرة «أوبرا وينفري». تحكي الرواية بشكل يمزج بين الشاعرية والبساطة في اختيار المفردات المعجمية قصة «سيث» Sethe العبدة السوداء التي فرت من عبوديتها عبر رحلة شاقة ومؤلمة، قبل أن تستقر بسلام بعيدا عن آلامها ومآسيها، غير أنها بعد سنوات، ستضطر إلى استضافة شابة سوداء تحمل نفس اسم ابنتها التي قامت منذ سنوات خلت بذبحها حتى تجنبها ويلات العبودية، كانت هذه الاستضافة إيذانا بفتح صفحات كتاب لن تستطيع «سيث» إغلاقه، ولن تتمكن كذلك من التخلص من طيف ابنتها. إن ما دافعت عنه «توني موريسون»، التي توفيت عن 88 سنة، وغيرها، ومطالبتهم بحقوق السود في ظل مجتمع لا يرحم، يُذكِّر بنضال الشاعر السينغالي العملاق «ليوبولد سيدار سنغور» Léopold Sédar Senghor، الذي وجَّه للرجل الأبيض لوْما شعريا، يجعل كل شخص يفكر ألف مرة قبل أن يصف شخصا ما بأنه ملوّن، هذه ترجمتها: عزيزي الأبيض عندما ولدتُ، كنتُ أسود اللون، وعندما كبرتُ، كنتُ أسود اللون، وعندما أتعرض للشمس، فأنا أسود اللون، وعندما أمرض، فأنا أسود اللون، وعندما أموت، سأكون أسود اللون. بيْدَ أنك أنت، أيها الأبيض، عندما ولدتَ، كنتَ وردي اللون، وعندما كبرتَ، كنتَ أبيض اللون، وعندما تتعرض للشمس، تصبح أحمر اللون، وعندما تشعر بالبرد، تتحول إلى اللون الأزرق، وعندما تخاف، تَخْضَرُّ، وعندما تمرض، تَصْفَرُّ، وعندما ستموت، ستكون رمادي اللون. *أستاذ مبرز في اللغة العربية - المغرب وني موريسون