حذر صندوق النقد الدولي من خطر وقوع أزمة اقتصادية عالمية جديدة مشيرا إلى أن مخاطر حدوث هذه الأزمة عادت من جديد خلال الأشهر الماضية. وخفض الصندوق من توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري بمقدار 1ر0 نقطة مئوية إلى 3ر3% كما خفض من توقعاته بشأن نمو الاقتصاد خلال العام المقبل بمقدار 2ر0 نقطة مئوية إلى 8ر3% من إجمالي الناتج المحلي. وقال أوليفييه بلانشار كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق إن النمو العالمي متوسط وأسوأ قليلا من توقعات يوليو الماضي. وشكل تعثر تعافي الاقتصاد الياباني واقتصاد منطقة اليورو الجزء الأكبر من أسباب خفض توقعات النمو العالمي للعام الحالي. ومنذ يوليو الماضي خفض الصندوق ومقره واشنطن توقعاته بشأن نمو اقتصاد اليابان بمقدار 7ر0 نقطة مئوية إلى 9ر0% للعام الحالي ونمو منطقة اليورو بمقدار 3ر0 نقطة مئوية إلى 8ر0% من إجمالي الناتج المحلي. وخفض الصندوق من توقعاته بشان نمو الاقتصاد الألماني لهذا العام إلى 4ر1% بتراجع بمقدار 5ر0% مقارنة بتوقعاته الأخيرة في تموز/يوليو الماضي. وفي سياق متصل عدل الصندوق من توقعاته الخاصة بنمو الاقتصاد الألماني في العام المقبل من 7ر1% إلى 5ر1%. ووفقا للتوقعات الجديدة فإن اقتصاد إيطاليا وهو ثالث أكبر اقتصادات منطقة اليورو سيشهد انكماشا طفيفا خلال العام الحالي. وقال بلانشار "هناك خطر جمود التعافي في منطقة اليورو وأن يزداد ضعف الطلب وأن يتحول التضخم المنخفض إلى كساد". وأضاف "هذه ليست رؤيتنا الأساسية، لأننا نعتقد أن أسس منطقة اليورو تتحسن ببطء، ولكن هذا سيتحقق هذا السيناريو وهذا سيكون موضوعا رئيسيا يواجهه اقتصاد العالم". في الوقت نفسه فإن الصندوق رفع توقعاته بشأن الاقتصاد الأمريكي للعام الحالي بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2ر2% بعد أن تجاوز الاقتصاد الأكبر في العالم الظروف الصعبة التي مر بها في الربع الأول من العام الحالي. وأعرب الصندوق عن قلقه الكبير حيال إمكانية ركود التعافي في منطقة اليورو وكذلك حيال أزمات جيوسياسية مثل الأزمة في أوكرانيا والشرق الأوسط مضيفا أن من الممكن أن تمتد الأضرار الاقتصادية الناجمة عن هذه الأزمات إلى خارج تلك المناطق من خلال ارتفاع اسعار الطاقة على سبيل المثال. كما خفض الصندوق من توقعاته بصورة واضحة بالنسبة لنمو منطقة اليورو خلال العام الجاري إلى 8ر0% والعام المقبل إلى 3ر1% وقال إن هناك مخاطرة لتعرض التعافي في منطقة اليورو للركود. وأوضح بلانشار كبير الخبراء الاقتصاديين في الصندوق إنه لا يتوقع ركود التعافي في منطقة اليورو لكنه يتوقع استمرار التحسن البطيء للوضع "ولكن إذا أصبح هذا السيناريو حقيقة فستكون هناك مشكلة كبيرة". وقال خبراء الصندوق إن وتيرة النمو "كانت محبطة في السنوات الأخيرة" مشيرين إلى أنه على الرغم من تدني أسعار الفائدة في الاقتصادات الكبيرة إلا أن الاستثمارات كانت قليلة كما أن هذه الاقتصادات لم تفعل الكثير لتعزيز الطلب. ونوه الخبراء إلى أن هناك حاجة ملحة في العديد من الدول إلى إجراء إصلاحات هيكلية مضيفين أن التداعيات الأخيرة للركود الكبير الذي وقع قبل نحو ست سنوات كانت أشد مما كان متوقعا لها. ورأى الصندوق أن العقوبات المفروضة في الأزمة الأوكرانية لا تزال تمثل صعوبات كبيرة بالنسبة للاقتصاد الروسي. من ناحية أخرى قال الصندوق إن قاطرة النمو السابقة البرازيل لا تزال تكافح حالة اقتصادية أضعف مما كان متوقعا لها. في المقابل أشار الصندوق إلى أن الاقتصاد الصيني يواجه مشاكل أقل متوقعا أن يظل معدل نموه خلال العامين القادمين فوق مستوى ال7%. واضاف الصندوق أن الاقتصاد الهندي بدأ يسترد قواه بعد مرحلة من الضعف. وخفض الصندوق توقعات نمو الاقتصاد الروسي للعام المقبل بمقدار النصف إلى 5ر0% حيث يعاني الاقتصاد من تداعيات الصراع في شرق أوكرانيا والعقوبات الأوروبية والأمريكية المفروضة على روسيا. كما يؤثر الصراع العسكري في سورية والعراق على الاقتصاد العالمي من خلال التأثير على أسعار الطاقة العالمية. وقال بلانشار "لكن بوضوح يمكن أن يتغير الأمر في المستقبل مع التأثيرات الكبرى على اقتصاد العالم". كما حذر صندوق النقد الدولي من وجود خطر "تصحيح الأسعار" في الأسواق المالية، في ظل تصور بأن أسعار بعض الأسهم يمكن أن "تكون متضخمة". وذكر بلانشار إن طول فترة أسعار الفائدة المنخفضة التي حددتها البنوك المركزية الكبرى في العالم يمكن أن تغذي مثل هذه الفقاعة الاستثمارية. ويؤيد خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية في الاقتصادات المتعثرة. وفي حين يمكن أن تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى الفقاعة المالية، فإنها يمكن أن تساعد الحكومات في الاقتراض بفائدة منخفضة لتمويل استثماراتها وخلق الوظائف وهو ما يعزز احتمالات زيادة معدلات النمو. وأضاف بلانشار "بشكل عام نحن نؤيد أي شيء يمكن أن يؤدي إلى زيادة استثمارات البنية الأساسية في أوروبا". في الوقت نفسه كثف صندوق النقد دعواته المتكررة لإجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز القدرات الانتاجية وكفاءة الاقتصادات الدول الغنية والفقيرة على السواء. وذكر الصندوق في تقريره ربع السنوي بعنوان "الآفاق الاقتصادية للعالم" أنه في الاقتصادات المتقدمة وكذلك الصاعدة والنامية هناك حاجة ملحة وعامة لإجراء إصلاحات هيكلية لتعزيز إمكانيات النمو أو جعل النمو أكثر استدامة. وأضاف الصندوق إن وتيرة التعافي الاقتصادي "مخيبة للآمال" في السنوات الأخيرة في حين أن المخاطر الكامنة التي تهدد النمو العالمي تتزايد خلال الشهور الستة المقبلة، بما في ذلك المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط.