كثيراً ما نتكلم عن الشغف وأهميته في خلق حالة من الدافعية للعمل والإنجاز والأحاسيس الإيجابية والحماس تجاه العمل أو العلاقات.. وندرك في نفس الوقت أن الشغف يؤدي إلى الإتقان والإبداع وإلى الاختيارات الشخصية الممتعة.. ولكن بالمقابل ماذا نفعل إذا بدأنا نفقد الشغف في العمل أو في المنزل وحتى في علاقاتنا الشخصية.. ولماذا بدأنا نفقد الشغف؟ اليوم لنكون أكثر واقعية فيما يتعلق بالشغف ويجب أن لا يتحول إلى ممارسة استعراضية وشعارات.. فالواقع يقول إن أغلب ما يحطم الشغوفين هم أنفسهم الذين ينظّرون ويلقون المحاضرات ويلقون الدورات عن الشغف والعمل كفريق واحد وسمات القيادة الناجحة.. إلخ وإذا أتوا إلى الواقع تحولوا إلى أشخاص يضعون هذا الكلام على جنب ويبدؤون في ممارسة سماتهم الشخصية التي لا تخلو من النرجسية والعدوانية والمزاجية ونقص المهارات الشخصية وممارسة ألوان التعسف ومصادرة الحقوق والدكتاتورية الناعمة. اليوم الكثير يشتكون من سيطرة السمات والسلوكيات الشخصية لبعض المديرين والقيادات الإدارية والفنية وعدم قدرتهم على الفصل بين الأمور الشخصية وأمور العمل والتعامل مع الآخرين من المرؤوسين بأساليب مليئة بالعنجهية والتسلط وضعف الذكاء العاطفي ويستخدمون الصلاحيات الإدارية كوسيلة للتنمر والقمع الوظيفي ومن جهة أخرى يخلقون بيئة عمل نمطية وروتينية لا تسمح بالخروج عن النص مليئة بالبيروقراطية الوسواسية التي لا تسمح بالأفكار والحوارات الناجحة والإبداعات والمبادرات وتحتضن المحسوبية، بل إن بعض قادتها يرون أن الخروج عن النص والإبداع والمبادرات والتفكير خارج الصندوق والتطوير والتغيير المستمر هو مضيعة للوقت وقد تفتح العيون عليهم وتحملهم المزيد من الأعباء والمسؤوليات والمساءلات ويتبنون سياسة أن يكونون في مرحلة الأمان. اليوم عندما يضع الشخص توقعات عالية إيجابية قبل أن يدخل إلى تلك البيئات ويكتشف أنها مجرد بيئات مسمومة واستعراضية ومستهلكة لمواقع التواصل أكثر من كونها بيئة حقيقية إيجابية محفزة يصاب بحالة من الإحباط والاكتئاب ونقص الطاقة والدافعية وبالتالي يدخل في حالة من فقدان الشغف على أكثر من مستوى من مستويات الحياة. اليوم أعتقد أننا بحاجة إلى آلية تنفيذية لقياس مستوى الدافعية والشغف لدى الفئات ما دون القيادية لوقف الهدر والاحتراق الوظيفي وانهيار مستوى وجودة الإنتاجية.. فالمؤسسة التي تساهم في فقدان الشغف لدى موظفيها لا يمكن أن تقدم شيئاً للمجتمع والوطن.