أشرت في المقال السابق إلى أن وزير التخطيط د محمد الجاسر لم ينسق في المناسبة التي أعدها له زميل دراسته وصديقه رجل الأعمال عبدالله السليمان الرواف - لم ينسق- لتلك التداعيات التي تحدث دائما في الاحتفالات الشخصية بل تجاوز د. الجاسر نفسه وأصدقاء طفولته ليوجه حديثه إلى الجيل القادم ممن هم على مقاعد الدراسة الجامعية أو في بداية السلم الوظيفي ليبث رسائل قصيرة ومضغوطة هي: أولا: البيئة، وقال أنا ولدت في بيئة محفزة للعمل والنجاح وتحقيق الذات ويقصد بيئة الصغيرة في إحدى أحياء بريدة في وسطها وغربها تلك الأحياء المتاخمة لخبوب بريدة الغربية، وعندما نقول خبوب بريدة الغربية أي بوابة المحاصيل والإنتاج الزراعي وعالم الفلاحة الواسع وبوابة الرزق والعمل والتجارة. ثانيا: اكتساب المهارة من الآخرين (حكمة الآباء) وأوضحها الوزير الجاسر عندما قال كنت أجلس في ساحة البيع والشراء في وقت مبكر من عمري بصحبة جدي في إحدى دكاكين المجلس في الثمانيات الهجرية.. وهو السوق التجاري المركزي لبريدة حيث يتكون السوق من عدة مجمعات أبرزها قبة رشيد والمجلس والجردة واكتسب في وقت مبكر مهارة البيع والشراء والتعاملات المالية أو هي رسخت داخله حب الاقتصاد. ثالثا: الدافعية, تولدت لدية دافعية تغيير واقعه داخل مجتمعه البسيط والصغير في ذلك الزمان الثمانينات الهجرية والستينات الميلادية للبحث عن النجاح والإنجاز فكانت الدافع لدراسة الاقتصاد فيما بعد في أمريكا والعمل في نفس المجال. رابعا: الجدية، ركز على الجدية في العمل والإنتاج والسعي إلى النجاح وتحقيق الذات والعمل الدؤوب والمتواصل والاستمرار في العطاء. هذه ليست معطيات لموضوع عن تطوير الذات إنما هي رسائل صادقة من د. محمد الجاسر أراد إيصالها للجيل المتواجد في تلك الأمسية: البيئة, والمهارة، والدافعية، والجدية. وهذا مانحتاجه من الجيل القيادي وأصحاب التجارب الناجحة والقدوة بأن يطرحوا أفكارهم ومعطيات النجاح ويقدموا لهذا الجيل الأسباب التي أدت إلى نجاحهم وتحقيق ذاتهم.. عندما يكتب بعض الوزراء أو المسؤولين أو رجال الأعمال سيرته الذاتية تجدها مليئة بالبطولات والعمل الاستعراضي والقدرات السحرية لتبرير نجاحهم.. نحتاج إلى مسؤولين ورجال أعمال يطرحون سيرتهم الذاتية بصورة أكثر ذكاء وجاذبية وواقعية فنحن لانريد أن نزيف الواقع ونخلق عالم يغص بالأكاذيب ليكونوا قدوة حقيقية لهذا الجيل الذي يرغب أن يطلع إلى سجلات الماضي والمكونات والمعطيات التي ساهمت في بناء الشخصية.. سيرة د. الجاسر ليست خارقة ولا متفردة بل سيرة تنامت عبر العمل المكثف والجدية وهذه هي الرسالة التي أراد إيصالها لهذا الجيل بأن من يتواجد في الواجهات الإدارية والمناصب ليسوا خارقين وندرة وبأن تحقيق الأهداف يأتي بعد توفيق الله عبر العمل الجاد. وبالمقابل ومن خلال موقعنا الرقابي نحمل الوزير الجاسر رسالة مفادها: أن سياساته وإدارته في صندوق النقد الدولي ومؤسسة النقد لايمكن تطبيقها في وزارة التخطيط لأن الفارق كبير، ففي الصندوق والمؤسسة بنية تحتية للأنظمة الإدارية والتقنية ونظام مؤسستي قد لايجده الوزير في وزارته.