بين الركض وراء موضة جديدة، والبحث عن المفيد، ومحاولة الوصول إلى الطرق المثلى في التعامل مع المحيط الاجتماعي، منزلاً وعملاً وشارعاً، توجه السعوديون أخيراً، إلى دورات ومحاضرات"مهارات التعامل"، بحثاً عن خفايا شخصياتهم، وسبل التكيف معها. هذا التوجه، جاء نظير ما بات يعيشه السعوديون من تحول اقتصادي وانفتاح اجتماعي، جعل معرفة سر التعامل مع الغير مطلباً ضرورياً، لمواكبة التحولات، وما يستجد على أصعدة المجتمع كافة. ومن ضمن هذه الدورات التي تحمل الجدية والإثراء، بحسب وصف الحاضرين لها، محاضرة قدمها أخيراً، استشاري الطب النفسي في كلية طب المستشفيات الجامعية في الرياض الدكتور طارق بن علي الحبيب، تحت عنوان"مهارة التعامل مع الضغوط النفسية". ووصف الحبيب في محاضرته، التي ألقاها في مركز الأمير سلطان لجراحة القلب،11 نموذجاً للشخصية، يتفاوت السعوديون في ما بينهم بالانتماء إلى واحدة منها عن أخرى. وجاءت هذه الشخصيات في تقسيمه تبعاً، النرجسية، السيكوباتية، الانطوائية، الشكاكة، الحدية، الوسواسية، الاعتمادية، التجنبية، العدوانية، المازوخية، السادية. وعرج بالحديث عن تطلع المراهقين وحلمهم بالوصول إلى الشخصية"النرجسية"، مبرراً هذا الحلم، بأنها الشخصية توصل إلى شعور العظمة، وتطلب احتراماً خاصاً، وتسبح في عالم الإبداع والنجاح، من دون اعتبار لأحد، واصفاً من يدخل في هذه الفئة ب"نذل الذات". وأدخل الحبيب فئة المجرمين، في دائرة"السيكوباتية"التي لا يمكن علاجها إلا بالألقاب كونها إجرامية - على حد قوله - وقسم علمياً أنواع الشخصيات الإنسانية، وسماتها، إلى الشخصية الانطوائية الباردة المشاعر، والتي لا يحبذ التعامل معها إلا القلة. وجعل أيضاً، من استخدام لغة الأفعال بعيداً من الأقوال، حلاً لأصحاب الشخصيات الشكاكة، مستشهداً:"من كان رئيسه في العمل من الشخصيات الشكاكة، فيجب محاكاته بإدراك طبيعة تصرفاته، ووضوح عبارات التفاهم معه". ويرى الحبيب أن الشخصية الحدية المزاجية، يحكمها وصول الشخص إلى حال الفرح، والتي تجعله شخصاً سوياً، توظف ايجابية الفرح في أمور أخرى مفيدة. فيما تستصعب"الاعتمادية"اتخاذ القرار، لعدم الشعور بالأمن، على رغم امتلاكها للقدرة العقلية، والأداء المهني. وأرجع ابتعاد بعض الأشخاص عن الاختلاط المباشر مع المجتمع، بفقدان الثقة بالنفس، والشعور بالنقص، جاعلاً من العمل الجماعي والواضح المعالم، سبيلاً للتخلص من سلبيات الشخصية"التجنبية". وتعجب من الشخصية"المازوخية"التي تبحث عن الإهانة والتحقير، وخلص الحبيب إلى أن فهم الذات، وإدراك طبيعة الشخصية المقابلة، الحل الأسلم والأضمن في التعامل مع الضغوط النفسية والشخصيات الإنسانية.