تعتبر الصياغة القانونية جوهراً رئيسياً وعنصراً مهماً ورفيعاً من عناصر تكوين القواعد القانونية حيث تخرجها إلى التطبيق والتنفيذ، وهي طريقة للتعبير عن موضوع ما بلغة القانون، وهي الأداة التي يجري بمقتضاها نقل التفكير القانوني من الحيز الداخلي إلى الحيز الخارجي، ولها كبير الأهمية لأنها هي المستند في العمل القانوني، ولا يمكن للصياغة القانونية أن تستقيم صائبة وتستوي صحيحة أو مقبولة لائقة دون أن تقوم على لغة قانونية صحيحة، ويعتبر فن الصياغة القانونية صناعة لها أصول تسوس فروعها وضوابط تحكمها وتهيمن على مقاطع أجزائها وتسيطر عليها، كما هو الحال في جميع العلوم وكما هو الشأن في سائر الفنون العلمية. وهي بمثابة تحويل المادة الأولية التي يتكون منها القانون إلى قواعد عملية تكون مناسبة للتطبيق الفعلي، والصياغة القانونية لها شروط تختلف عن أنواع الصياغات الأخرى أهمها صحة التراكيب اللغوية ودقة المعاني والألفاظ وصحة التراكيب اللغوية وخلوها من كل عيب أو ريب، والمحامي ببساطة يحول مجهود قضيته بالكامل إلى تعبير، فلابد من مراعاة الدقة والوضوح في طرح الأفكار والتعبير عنها بحيث لا يتحول مدلول الكلمة وفحوى النص إلى معنى غير المراد بها. وفي مجال صياغة العقود على سبيل المثال لا الحصر نجد أن صياغتها وإنشاءها يحتاجان إلى الدقة العالية والأسلوب الراقي المتقدم في بلورة الحديث عنها فهي متغيرة باستمرار ومتجددة بصفة دورية، والصائغ المميز للعقود ليس الذي يحمي صاحبه لكن هو من لا يضطر معه أطراف العقد للذهاب إلى القاضي. وكما هو معروف فإن الصياغة لا تعد ترجمة لرغبات المتعاقدين ما لم تكن عبارات العقد دقيقة وجمله القصيرة واضحة وألفاظه محددة وكاملة وأن تكون بطريقة تتضمن تعبيراً دقيقاً عن إرادة أطرافه ويترتب على تخلف ذلك فتح أبواب المنازعات والخلافات والخصومات لأننا رأينا أن مشكلات وعوائق تنفيذ العقود قد لا تكون من أطرافها بسبب إخلال أحدهم بشرط من شروط الاتفاقيات أو بند من بنود التعهدات بل قد يكون سببها عيوباً أو نقصاً في صياغة مستندات التعاقد أو وثائقه أو أن يكون النص غامضاً غير واضح الدلالة، ويحتاج لفهمه أن يستكمل من خارج عبارته مما يضطر أطرافه إلى طلب إصدار تفسيرات لإزالة الغموض، وقد يتجه فيه كل طرف من أطراف العقد لتفسير نصوصه وتحليلها لصالحه مما يتسبب في حصول الخلافات والمنازعات والخصومات.