تعد العقود من أهم مصادر الالتزام في التعاملات اليومية بين أفراد المجتمع فيما بينهم أو بين أفراد المجتمع ومؤسساته العامة أو الخاصة أو بين مؤسسات المجتمع العامة والخاصة فيما بينها، وحيث إن الفرد منا في حياته اليومية يبرم العديد من العقود (دون وعي منه بأهميتها والآثار المترتبة عليها) لذا ينبغي عليه المعرفة والعلم بشروط العقود التي أبرمها والالتزامات المترتبة عليها. وللعقد تعريفات كثيرة سواء في الفقة الإسلامي أو عند القانونيين ومنها العقد وهو الربط ويعرف أيضاً بالعهد والميثاق وقد عرفه الفقة الإسلامي: بانه تلاقي إرادتين أو أكثر على احداث التزام محدد والوفاء به، كما عرفه القانونيون بأنه توافق إرادتين أو أكثر على إحداث أثر قانوني أو نقله. وقد جاءت الآيات القرآنية الدالة على أهمية العقود وتوثيقها قال الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ))، وقوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)) وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (المسلمون على شروطهم). وهناك نوعان من العقود وهما العقود التجارية والعقود المدنية ولا تختلف في جوهرها، فأركان العقد فيها مشتركة وهي (الرضا والمحل والسبب) وأن تطور الحياة التجارية وطبيعها التي من سماتها السرعة والإنجاز أوجدت قواعد خاصة بالعقود التجارية، ومسميات لم تكن موجودة من قبل مثل عقود الوكالات التجارية، وعقود التجارة الدولية، وعقود التوزيع، وعقود الامتياز التجاري (Franchise contracts)، وعقود (B.O.T) أي ( بناء - تشغيل - تحويل ) . وتبرز أهمية العقد في حفظ الحقوق والالتزامات وتوثيقها بين المتعاقدين، والتوثيق لا ينافي الثقة وهو سبيل للتقليل من منع نشوب نزاع بين أطراف العقد، وضبط العلاقة بينهما ويسهل على القاضي في حال نشوب نزاع بين أطرافه الرجوع إلى أحكامه وشروطه وتفسيرها فيما يتفق مع الشرع والنظام والحكم بموجبهما. كما أنه ينبغي التركيز على حسن صياغة العقد، فالصياغة هي التعبير عما يريده أطراف العقد، ويجب على من يقوم بعملية صياغة العقد أن يراعي عدة أمور من أهمها المقدمة في العقد، بحيث يجب أن تشتمل المقدمة على تاريخ إنشاء العقد، أسماء الأطراف وبياناتهم، عناوينهم، جميع معلوماتهم الضرورية، الهدف من العقد، كما يجب ان يشتمل العقد على تحديد التزامات وواجبات أطراف العقد والغرض ونوع العقد ومدته وقيمته وطريقة الدفع والشروط الجزائية، وآلية الفسخ وطريقة حل المنازعات وتحديد الجهة المختصة عند نشوب النزاع والقانون الواجب التطبيق والسرية وعدم الإفشاء تفاصيل وبنود العقد، والإشارة إلى مرفقات العقد ومستنداته (إن وجدت) وأن يقوم أطراف العقد بالتأشير على جميع أوراق العقد والتوقيع في الصفحة الختامية للعقد. ومن المهارات اللازمة لصياغة العقود أن يكون صائع العقد على دراية واطلاع برغبات أطراف العقد وأن تكون لديه حصيلة فقهية (شرعية وقانونية ولغوية) تمكنه وتساعده على حسن الصياغة والإبداع فيه بحسب متطلبات العقد، وتجنب الصيغة التي تفضي إلى المجهول. وهناك أخطاء شائعة ينبغي على طرفي العقد وصائغ العقد الابتعاد عنها، ككتابة عقد إتفاق، أو إتفاقية عقد، دون بيان نوع العقد، أو كتابة عنوان غير متطابق مع موضوع العقد أو عدم تطابق قيمة العقد كتابة ورقما، أو إغفال تحديد القانون الواجب التطبيق عند نشوب النزاع أو عدم الإشارة إلى مرفقات العقد ومستنداته أو عدم تحديد مدة العقد. ومن خلال التجارب اليومية أجد أن أغلب المنازعات الموجودة بالمحاكم تكون إما بسبب عدم وجود عقود بين أطراف النزاع مكتوبة أصلاً أو لضعف وركاكة أسلوب صياغة العقد أو افتقاده للشروط المتوافقة مع الشرع والنظام في تحديد التزامات الأطراف المتعاقدة. وسوف نستكمل باقي حديثنا بإذن الله بالمقالات المقبلة ونتطرق بالحديث عن العقود المستحدثة بالنظام التجاري (لأهميتها في الوقت الراهن).