وسط موجة التغييرات التي أحدثتها رؤية 2030 في المملكة قبل نحو ست سنوات، وما زالت مستمرة إلى الآن، نالت الأنظمة والتشريعات في البلاد نصيبها الوافر من التطوير والإصلاح، بما يتلاءم مع مستجدات المشهد في الداخل اجتماعياً واقتصادياً وقضائياً، وبما يلبي تطلعات الرؤية، ويحقق أهدافها العليا، بإعادة صياغة الكثير من المفاهيم والتصورات القديمة التي لا تتماشى مع الرؤية. وبتوجيهات من ولاة الأمر، لم تتردد الجهات الحكومية في كل الأنشطة والقطاعات بإصلاح أنظمتها وتشريعاتها الخاصة بها، شريطة أن تكون متسقة مع الأعراف الدولية، وواضحة وشفافة، إيماناً منها بأن ذلك سيسهل على المواطن والمقيم والمستثمر والسائح التعامل معها، ومن هنا شهدت السنوات الماضية سلسلة إصلاحات كثيرة ومتلاحقة في منظومة التشريعات، التي استفادت من التجارب الدولية في هذا الجانب، مع الحفاظ على الثوابت الشرعية والمجتمعية والخصوصية السعودية. ولم يكن لمشروع إصلاح منظومة التشريعات في المملكة أن يبصر النور لولا حرص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أولى هذا الجانب عناية خاصة في بداية تفعيل برامج رؤية 2030، ويلخص حديث سموه عن هذا المشروع الكثير من الأهداف التي سعت إليها الدولة، عندما قال: إن هذا المشروع اعتمد أفضل ما في التجارب الدولية، خاصة ما يتعلق بالشفافية والوضوح، ومنع العشوائية والتعارض في الأحكام القضائية، بحيث تكون هناك أحكام متشابهة عندما تكون القضايا متشابهة. ولعل حرص المملكة على تفعيل التحديث والتطوير في كل مفاصل الدولة، جعل وتيرة إصلاح الأنظمة والتشريعات سريعة ومتلاحقة، تحدد ملامحها دراسات ميدانية، ورؤية شاملة، تستشرف المستقبل، وتحدد التطلعات والأهداف. وعلى ضوء ذلك يكون حجم وشكل وهوية هذا الإصلاح، بما يضمن في نهاية الطريق إيجاد مجتمع متطور وراق ومرن، يواكب مستجدات المشهد الدولي، ولا يتخلف عن الركب. من هنا فإن التعديلات التي أعلنت عنها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك على اللائحة التنفيذية لضريبة التصرفات العقارية، والتي تخص درجات الأقارب الذين يشملهم الاستثناء من سداد ضريبة التصرفات العقارية، والتعديل على تاريخ سداد الضريبة فيما يتعلق بالتصرفات التي تتم وفق مشروعات البيع على الخارطة، بالإضافة إلى عدد آخر من التعديلات.. يعكس أهمية وقيمة الإصلاح والتطوير، وتؤكد حقيقة واضحة، وهي أن منظومة التشريعات في المملكة باتت مرنة أكثر من أي وقت مضى، وتستوعب التعديل، ولا تمانع في استحداث أي قوانين تحفظ الحقوق، وتُرسخ مبادئ العدالة والشفافية، وتحقق التنمية الشاملة، وتعزز تنافسية المملكة عالمياً من خلال مرجعياتٍ مؤسسية إجرائية وموضوعية واضحة ومحددة.