إعلان سمو ولي العهد عن مشروع تطوير البيئة التشريعية في المملكة بهدف إحداث موجة من الإصلاحات الهيكلية، يأتي من منطلق أن التشريع في الدولة الحديثة يعد وسيلة من وسائل تحقيق الفلسفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون التشريعات صمام أمان لحفظ الحقوق، في ظل التطور المجتمعي وبالتالي فإن أي قانون قابل للتطور والتعديل بتطور المجتمع والعوامل المؤثرة فيه. وشكّل عدم وجود بنية تشريعية إلى تباينٍ في الأحكام وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات، وطول أمد إجراءات التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، بجانب عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم، كما أن مدونة الأحكام القضائية المعمول بها لم تفِ باحتياجات المجتمع وتطلعاته. إن هذا المشروع يتواكب مع الإصلاحات التي تشهدها المملكة ليكون أحد محاورها "الإصلاح المجتمعي" بعد أن حددت رؤية المملكة 2030م، المسار المستقبلي حول الحراك الاقتصادي وما الذي ستكون عليه المملكة وفق مستهدفات الرؤية. وسيفضي هذا المشروع إلى استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وترسخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان بما يساهم في تحقيق التنمية الشاملة، ويعزز من تنافسية المملكة وفق مرتكزات إجرائية موضوعية واضحة ومحددة، من خلال عناصر رئيسة تتمثل في؛ نظام للأحوال الشخصية، والمعاملات المدنية والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية ومشروع نظام الإثبات. وستحقق هذه التشريعات مكتسبات من بينها أنها تمثل موجة جديدة من الإصلاحات ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام، ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، بجانب زيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية في إصدار الأحكام، فضلاً عن أخذها بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، والتي لن تتعارض مع الأحكام الشرعية، فيما ستراعي التزامات المملكة فيما يخصُّ المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها. حراك دائم يقوده سمو ولي العهد بدعم من خادم الحرمين الشريفين ليصافح المجتمع كل يوم بمنجز جديد.. لننعم بالحاضر مستشرفين مستقبلاً واعداً.