القهوة «فن.. جال» العالم، هكذا كتب الكاتب: عبدالرحمن بن حمد في وصفه للقهوة، فهي بالفعل جالت العلم من مشرقه لمغربه، فأين ما حلَ المرء وجد القهوة على رأس قائمة الضيافة تستقبله بكل حفاوة، فتنوعت القهوة تبعاً لاختلاف الثقافات وتنوعها، لذلك كانت القهوة السعودية مميزة مرتبطةً بتاريخ المجتمع السعودي، وتعتبر مظهراً فريداً من مظاهر كرم الضيافة وحسن الاستقبال السعودي، فهي تُقدَم للوفود في المحافل الرسمية الملكية، وكذلك في الاجتماعات العائلية وجلسات السمر اللطيفة، فحينما كانت القهوة بأول عهدها محرمةً ومستنكرة، أصبحت مشروباً لطلاب العلم يساعدهم على مغالبة النعاس والسهر في طلب العلم، وأخيراً أصبحت الآن عادة اجتماعية اجتمع العالم بأسره على حبها. كذلك المجتمع السعودي فهي عادة اجتماعية تعارف عليها المجتمع وألفها، فبعد صلاة المغرب تجتمع العائلة في جوٍ من الأنس والسعادة والقهوة سيدة اجتماعهم، أو بوقت الضحى على الطراز القديم لأولئك النسوة كبيرات السن اللاتي يجتمعن صباحاً، فتفوح رائحة القهوة بعبق الذكريات والأصالة، وقد كانت تُعرف بالقهوة العربية إلى أن بادرت وزارة الثقافة مشكورةً بتسمية عام 2022 بعام القهوة السعودية، ومن ثم تبعتها وزارة التجارة ولها كل الشكر أيضاً، فعززت أهمية القهوة السعودية وارتباطها العميق بالثقافة السعودية من خلال توجيهها جميع المطاعم والمقاهي باعتماد اسم القهوة السعودية، وعدم استخدام أي اسم آخر للدلالة عليها. وقد جاءت مبادرة وزارة الثقافة المهتمة بالقهوة السعودية من خلال حزمة واسعة من البرامج والفعاليات التي تهدف إلى الاحتفاء بالقهوة السعودية بوصفها منتجاً ثقافياً مميزاً وموروثاً من التاريخ السعودي العريق، فهناك البن الخولاني المنتج السعودي الأصيل الذي يُزرع جنوب المملكة العربية السعودية، وهو من أفخر أنواع البن وأشهرها بالمنطقة العربية. وكانت هذه المبادرة قد وُضعت انطلاقاً من خصوصية تعامل المجتمع السعودي مع القهوة وكيفية تحضيره لها وماهية المواد التي يضيفها إلى قهوته لتغدو شقراء فاتنة تهواها الحواس، فإن نظرت إليها يفتنك لونها الأشقر الداكن الذي تكون من تحميص البن بدرجة متوسطة، وإن شممت رائحتها فيا لها من رائحة زكية تفوح بعد غلي البن في الماء مع إضافة حبات الهيل الخضراء وقليل من مطحون القرنفل الذي يضفي لذعة لذيذة، وحينما تسمي بالله وتتذوقها تشعر بنشوة مع أول رشفة، تعود لتكرر ارتشافها مع حبات التمر اللامعة فتشعر بأن هذه القهوة تدغدغ حواسك وتجعل لك مزاجاً رائقاً سعيداً، إنها ترتقي بحواسك وذائقتك إلى مستوى عالٍ، كل ذلك بلا شك يجعل القهوة السعودية تستحق الاحتفاء وبجدارة، فهل شربت قهوتك السعودية اليوم؟