منذ البطولة الخليجية وسعد ومبارك والمطر، وأنا لا أعرف سبباً لحالة لافتة وهي: أن البعض يطرح النتيجة بعد الأخرى ولا أحد يقدّم هذا السبب المفقود. حينها كنت طالباً في الصف الرابع الابتدائي، وداخلي يقينٌ من تكفل العمر - بعد مشيئة الله - بالسبب والدافع والتشخيص للحدث اللافت. سأخبركم وخذوا الأمر على نحو ما: الحالة نفسها تماماً يطرحها عليك ابنك طالب الثانوية وبإصرار، ويطالبك أنت بالتبرير للغموض والهوس المحيط بك منذ 36 عاماً! أعرف أن انتظارهم لن يأتي بالقميص ولا حتّى أثرٍ كذب، لذا بات لزاماً أن تطرح الأسئلة وبشفافية وصوت عالً، أولَمْ يحن الوقت لطرح السؤال الأحجية، السؤال اللغز، السؤال الذي يطرحه نصف الأغبياء ويؤمن بإجابته النصف الآخر.على الرغم من أن كل نصفٍ منهم يعجز عن تقديم إجابةٍ شافية تستحق كل هذا الإصرار وكأنه على حقيقة ليست ثابتة. بصيغةٍ مباشرة: على امتداد عقود من الزمن: أين الجزء المنحاز لنادي الهلال في تاريخ السلطة الرياضية على اختلاف شخوصها وميولها عبر كل هذه السنوات؟ أكثر مباشرة: لماذا لم تستوقف هذه الحكايات ولو جهةً غير رياضية لكنها مسؤولة.. أو مسؤولاً نذر نفسه لرفع الظلم عن ميدان الرياضية في البلاد وألغى هذا الانحياز المتوارث جينياً للهلال حتى حقق كل هذا المجد؟ من يحرس هذا الامتداد وهذه الاستمرارية لعدم نزاهة المنافسة! وأكثر تعجّباً: أيعقل أن يستمر هذا «الفساد» من دون وقفةٍ من رئيس أو أمير أو وجيه أو على الأقل إجراءً للتاريخ ولو لضبط «شبهة»؟! اصنعو لنا «لوبيّات» «اللوبي» الذي يستمدّ المجد من الأفق، ويكرر ذاته كلوحةٍ سرياليّة في ظل كل الظروف الممكنة واللاممكنة فيبقى كما هو شامخٌ وزعيم وهلال، اصنعوا لنا العديد منه ليستلم الراية ويكمل مجداً رياضياً سعودياً تناوب عليه قلة من فرقنا مع الكبير الآسيوي. «هلمّو ل«نتباخصْ هذا الكلام المتداول تلميحاً ككذبة بليد، وأحياناً تصريحاً ومتزامناً مع إنجاز هلالي جديد غير متوقع وتسبب في انفلات الكلام وسرعان ما تطغى العبارات الخافية للعيوب، والمصلحة العامة، ورياضة الوطن، إلى أن نصل للعدالة.. فلا تجد الإجابة ولا اليقين لما يحاربون لأجله ومحاولة استمراريته وتوارثه حتى لا ينطفئ الضوء الخافت تحت وهج الهلال. «استمرارية» هذا الفساد الذي يرونه بواحاً بيّناً فقط دون أن يوقفها أحد ضرب من خيال الرائي، ومجازفة تنطوي تحتها الكثير من الملفّات التي لا يجرؤون على فتحها. حتى في زمن نزاهة بقيت الاسطوانة تتردد ولكن ككذبة بليد لا يقدّم الإجابات الشافية ولا يتحمّل مشهداً للزعيم يعاد فيه تنصيبه على هامة المجد والبطولة واللحظة وكل الأمكنة في القارّة الكبرى. الرياضيون دخلوا كل هذه الميادين للمنافسة والكسب، واتخذت الجماهير والعامّة من تعبير «الروح الرياضية» نموذجاً للتسامح في مناحي الحياة المختلفة، لكن يبدو أن البعض يصرّ على تحويل كل المصطلحات الرياضية الإيجابية برؤيته القاصرة وفهمه للمنافسة إلى مصطلحات سلبية ومعيبة في نظر من هم خارج الميدان. الشيء الذي لا يمكن تصوّره هو الأساليب المقالية والرمزية والحوارات المنسقة البالية والتي لن يملك الغريب والقريب أمامها إلا ضحكة على بلادة الكذبة، وعلى أسلوب تمريرها وأيضاً على المساحة المجهزة لكل هذه البلادة وهؤلاء البلداء. الشاهد والمُدانْ الهلال شاهدٌ على الذهب، لاحظ في المباريات الكبيرة والمعلقين الذين يقدمون علاوة على وصف المباراة كمية معلومات قد لا تخفى على المتابع لكنّها تكون قلب الحدث، وحين يكون الهلال طرفاً ستجد كم المعلومات عن سجل بطولاته، ونجومه، وماذا حققوا معه، ما يجعلك كمعاصر لكل هذا تقع بين الدهشة والارتياب، ولكنّك واقع في متعة الهلال. الهلال ينحاز له كل حكّام الأرض من كل الأقطار والقارات.. السلطة التي يشاهدونها على وجه السوء ألا يستطيع بعضها نفي ما يرونه قصوراً في تاريخ الهلال. والحقيقة أنهم ينحازون لأنفسهم ويرون أن الإبقاء على دائرة الشك حول الهلال هي السبيل الوحيدة للفت الأنظار عن الحقيقة العارية بامتداد الزمن والمستطيل الأخضر. عَقْدٌ بعد عَقْد: بقي الهلال مزعجاً، فبقدر المنجزات بقدر ما تتضخم العُقَدْ. صناعة الوهم حرفة، وصناعة المجد حرفتان: صناعته والمحافظة عليه.الهلال استهل المونديال العالمي بعرض سعودي جذب جهات العالم الأربع، ووجهتين للخيال.