كلما رأيتُ شجرة باسقة، تُظل الحياة حولها تأملت قوة جذعها وصلابته، وكم من أمور الحياة التي واجهها ليبقى صامدًا، فقد واجه فصول الحياة بتقلبات أجوائها ومناخها، واجه العواصف، وعبث البشر. يحملني التأمل معه إلى الأعماق، إلى جذورها. تتقلب في الذهن الأسئلة: كيف بدأتْ؟ وكيف امتدتْ حتى استطاعت هذه الشجرة أن تكون بهذه القوة وهذا الظل العظيم. فكل شجرة لها أسلوب حياتها الذي يساهم في نموها من طيب التربة، وموارد القوة التي تعينها على مواجهة تحديات الحياة. وللوقوف على إجابة عن تلك الأسئلة التي تنازع الذهن يتطلب منا العودة للأصول والبدايات والوقوف على نشأتها والمراحل التي تخطّتها، والإبحار في تاريخها.. حتى نقف على سرّها المجيد.. فلا بقاء ولا قوة دون جذور ضاربة في عمق الأرض تجعل منها قوة شامخة.. وكذلك مملكتنا (المملكة العربية السعودية) التي ننعم بأمان ظلها، ومتربعين في دفء أرضها، وَحّد أطرافها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيّب الله ثراه- لتصبح مملكة عظيمة، تقف شامخة بين عُظمى دول العالم، قد نطقتْ بذرتها الأولى على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- لتثبت جذورها في أرض الدرعية عام 1139ه، الموافق لشهر فبراير من عام 1727م، لتكون جذورًا أَصّلتْ حضارة مجيدة، امتدتْ أكثر من ثلاثة قرون. ولأن الحضارة لا يجب أن يُجهَل تاريخها، فقد أصدر سيّدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- أمرًا بأن تُحيى ذكرى قيّام هذه الحضارة، وأن يكون 22 من فبراير يومًا عالميًا تُحيى فيه ذكرى تأسيس الدولة السعودية، ليبقى تاريخًا عالقًا بالأذهان، اعتزازًا بالجذور الراسخة لهذه الدولة، التي كانت ولا تزال تستظل براية التوحيد (لا إله إلا الله محمدًا رسول الله) بعلمها الأخضر رمز العطاء والنماء، في ظل أمن الدولة وأمانها طوال تلك السنين. دولة نفخر الانتساب لها، كيف لا وهي تبذل الثّمين من أجل استقرار ونماء دولتها، وتؤمن بأن شعبها يستحق أن يعيش حياة كريمة تستظل بظل «المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال، معتزّين بهويتهم الوطنية، وفخورين بإرثهم الثقافي العريق». ولا مجد بلا قواعد وأصول.. ولا قوة دون حضارة.