للمكتبات مع أصحابها قصصٌ ومواقف، وأيضاً طرائف وأشجان تستحق أن تروى، «الرياض» تزور مكتبات مجموعة من المثقفين، تستحث ذاكرة البدايات، وتتبع شغف جمع أثمن الممتلكات، ومراحل تكوين المكتبات.. في هذا الحوار الكُتبي نستضيف أ. محمد بن عبدالله الحمدان صاحب مكتبة قيس من أقدم المكتبات الخاصة في مدينة الرياض والتي يزيد عمرها على أربعين عاماً وتحتوي على القرآن الكريم وعلومه، وكُتب عن الملك عبدالعزيز وأولاده الملوك، والدعوة السلفية، والشعر بنوعيه والأنساب والتاريخ والقواميس والرحلات والمذكرات والوثائق والمخطوطات عن نجد والمملكة، كذلك توجد جريدة «القبلة» لصاحبها حسين بن علي الشريف كاملة مصوّرة 823 عدداً، ومجلّة «أخبار الحرب والعالم» التي أصدرها الحلفاء من القاهرة أثناء الحرب العالمية الثانية، وفيها استطلاعات كثيرة عن المملكة والعالم، وصور نادرة، ومقال لعبدالله فيلبي عن الملك عبدالعزيز، والكثير من مؤلفات المؤلفين السعوديين وغيرهم. في أيِّ مرحلة تعرَّفتَ على الكتاب؟ * تعرّفت على الكتاب في وقت مبكّر وأنا أدرس في معهد إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهّاب بالرياض، ثم في كليّة الشريعة التي هي نواة جامعة الإمام محمد بن سعود. هل تتذكر بدايات تأسيس مكتبتك المنزليَّة؟ * تأسيس مكتبتي المنزليّة لها قصّة.. فقد كانت لديّ رغبة جامحة للقراءة وشراء الكُتب والاطلاع على الصحف وقراءتها وجمعها. ماذا عن معارض الكُتب، ودورها في إثراء مكتبتك؟ * تابعت معارض الكُتب في المملكة، وأطرفها معرض كتاب جامعة الإمام، وجامعة الملك سعود، ومعروضاتي في المعارض هي بعض الصحف والمجلات القديمة.. المحلية والعربية فقط. وقد اشتريت كتابين مهمّين لم تأت «مكتبيتهما سوى مرة واحدة».. وهما: «طرائف العرب» من تأليف أدهم شرقاوي «قسّ بن ساعدة» ثلاثة مجلّدات صفحاتها «1994»، طرائف الكتاب 1550 «دار كلمات» الكويت، قاموس الأقوال.. «روائع الأقوال» لانطوان ب قيقانو وميشال مراد 780 صفحة إعداد دار المراد بيروت، 167 مرجعاً، وإضافة إلى ما سوى ذلك من العديد من الكُتب والدواوين المطبوعة والمخطوطة، والمدوّنات الكبرى، والصحف والمجلات والنشرات التي لا مجال لذكرها. حدثنا عن أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتك؟ * أوائل الكُتب التي دخلت مكتبتي.. لا أتذكرها لكثرتها ولطول العهد بها، ولعل منها الكُتب التي طبعت في تركيا وطبعة «الجوائب» وفي هولاندا، وفي مطبعة بولاق في مصر «أم الدنيا». هل تحتفظ في مكتبتك بمخطوطات؟ * كان لديّ حوالي مئة مخطوط في مختلف العلوم، تصرّفت فيها لما بعت نصف المكتبة لأكمل بناء بيتي الذي سكنته أنا وزوجتي وأولادي. ماذا عن نصيب الكُتب القديمة والنَّادرة؟ * هذا السؤال مهم جداً، وهو مربط الفرس -كما يقولون- فمكتبتي هي «مكتبة قيس للكُتب والجرائد القديمة والنادرة»، وعلى فكرة «قيس» هو ابني الرابع، والأول هو أ.د. عبدالله في جامعة الملك سعود كليّة علوم الأغذية والزراعة، وأصدر مجلّة «النخيل والتمور» ثم فهد وماجد وقيس وبدر وأربع بنات. وكانت عندي كُتب كثيرة طبعات أوروبا، والجوائب في تركيا ومطبعة بولاق في مصر كما أسلفت، واضطررت للتصرف فيها، والاحتفاظ بصور القليل منها، وعندي وثيقة مهمّة، وهي بيان من علماء مكة «في العهد الهاشمي» يؤيّدون الشريف حسين بن علي في ثورته على العثمانيين الأتراك بإيعاز من بريطانيا، لإضعاف العثمانيين الذين انضمّوا إلى المحور ضدّ الحلفاء. هل لديك شيءٌ من الصُّحف والمجلات القديمة؟ * نعم.. لديّ العدد الأول من جريدة الأهرام، والأعداد الأولى من الصحف السعودية: أم القرى، المدينة، صوت الحجاز، المدينة، عكاظ، قريش، الرائد، البلاد، حراء، الندوة، اليمامة، القصيم، الأسبوع التجاري، هذه صحف الأفراد، توقفت آخر عام 1383ه بأمر وزارة الإعلام لتصدر المؤسسات الصحفية الموجودة الآن، لديّ أيضاً الجرائد الثلاث وهي: أم القرى، المدينة، البلاد السعودية، التي كانت تصدر عام 1369ه بمناسبة مرور 50 عاماً على دخول الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ورجاله الرياض، وكذلك أعداداً خاصة بمناسبة وفاة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- 1373ه، ولم يكن يصدر في المناسبتين السابقتين سوى هذه الصحف الثلاث، ولديّ صحف قديمة أُخَر صدرت في مصر وسورياوالكويت وأوروبا وأمريكا «باللغة العربية»، منها: الشرق العربي (باريس)، الحقيقة (لندن)، السلام، بيونس آيرس (الأرجنتين)، الأديب (عراقية)، شيخ الصحافة (مصر).كذلك صحف صدرت في مكة في العهدين العثماني والهاشمي: حجاز.. باللغتين العربية والعثمانية، الفلاح، الحجاز، شمس الحقيقة، القبلة، بريد الحجاز. ما أطرف العناوين الموجودة في مكتبك؟ * الكُتب التي بعناوين طريقة هي: الوجه الحسن في أن السمك أفضل من اللبن، فيض المنن في الرد على من فضّل السمك على اللبن، منهل اللطائف في الكنافة والقطائف للسيوطي، العذارى المايسات في الأزجال والموشحات، يا واد.. اتجوّز أحسن لك، وكتب عن الحمير منها: حمار الحكيم، حماري الفيلسوف، حماري قال لي، حماري وحزب النساء، الحمير، حماري، خواطر حمار.. الكونتس دي سيجور، مع حمار الحكيم، نبذة عن حمار العمدة، حمار حمزة شحاته، الخ. ومن المذكرات: مذكرات حمار، مذكرات دجاجة، مذكرات خدامة، مذكرات عربجي، مذكرات لصّ تائب، مذكرات شاب مصري يغسل الأطباق في مصر. ما أبرز الصعوبات التي رافقت نموَّ مكتبتك الشخصية؟ * في إنشاء مكتبتي واجهت صعوبات عديدة، في جمع الكُتب واستيرادها من مكتبات في مدن المملكة، وفي الخارج، ففي مطار القاهرة منع الجمرك فسح الكُتب، وقالوا لي أنك أخذت معظم ما في سور الأزبكيّة، فاضطررت للاتصال بصاحب المكتبة الذي أتعامل معه ليأتي ويأخذ الكُتب ويرسلها لي بعد ذلك، وفي المغرب منعوا فسح كتب كثيرة جمعتها من «الحبوس» في الدار البيضاء، ومن تطوان وفاس ومراكش وغيرها، وفي سوريا واجهتني في المطار بعض الصعوبات، ثم يأتي ترتيب الكُتب وفهرستها، ولا أنكر جهود أولادي «بنين وبنات». حدثنا عن مساهماتكم في إثراء المكتبات الأخرى؟ * مساهمتي في إثراء المكتبات الأخرى قليلة.. ومنها: استفاد بعض الباحثين والدارسين مما في مكتبة قيس من صحف ومجلات وكُتب قديمة قد لا يجدونها متاحة في أماكن أخرى حتى المكتبات العامّة ومكتبات الجامعات تخلو من بعضها. ومن أولئك د. محمد بن عبدالله العوين الذي وجد لديّ مجلداً من مجلّة «الرائد»، وكذلك د. دلال بنت مخلد الحربي في رسالتها للدكتوراه رجعت ل»مكتبة قيس»، فكانت تأتي وتفتش وتنقّب في تلك الجرائد والمجلات، أيضاً أ. حصة التويجري من الذين استفادوا من المكتبة كونها استفادت من كتاب «بنو الأثير» حيث أنها وزميلاتها يبحثن عن كتاب يتحدث عن بنو الأثير. ما أطرف المواقف التي حصلت لك أثناء البحث عن الكُتب؟ * المواقف كثيرة.. منها: أنهم في مطار القاهرة منعوا خروج الكُتب التي معي.. بل قالوا إنك أخذت ما في سور الأزبكية. ما أبرز الكُتب التي تحرص على قراءتها بما أنك مُهتم بالكُتب؟ * كُتب التاريخ والرحلات والفكاهة والدعابة ، فقد كان عندي 80 كتاباً في الفكاهة تقلّصت إلى 40، وشرعتُ في كتاب في الفكاهة والدعابة لم أكمله لوجود كُتب كثيرة في هذا الباب وقد أسميته «ابتسم من فضلك». ماذا تُفضل المكتبة الورقية أو الرقمية؟ وما السبب؟ * أفضل المكتبة الورقية، لأن الرقمية -من وجهة نظري- مضرّة للعين «الجوهرة الثمينة»، ورائحة الحبر والورق لها رونقها وسهولتها.. «وللناس فيما يعشقون مذاهبُ». هل مكتبتك متخصصة أو متنوّعة؟ * مكتبتي متخصصة ومتنوعة في آن واحد. ما القراءة بنظرك؟ * القراءة.. هي القراءة بتمعّن، وقديما قالوا: (فَسَّر الماء بعد الجهد بالماء)، ولكن مدرساً عمانياً كان في (معهد إمام الدعوة) فسّر الماء بقوله: (جوهر لطيف بسيط سيّال). ما رسالتُك التي توجِّهها لكلِّ من يملك مكتبة خاصَّة به؟ * المكتبات الخاصة «وما أدراك ما المكتبات الخاصة»، إنها إحدى مشكلات أصحابها، أ.د. أحمد بن محمد الضبيب كتب عنها كما كتب غيره، المشكلة قائمة «على قدم وساق»، التقنية تكاد تسحب البساط من تحتها، لم يعد يوجد وقت كافٍ للقراءة.. كلّ من لاقيت يشكو «وقته» ليت شعري هذه الدنيا لمن؟ قلّ شراء الكُتب، الجامعات ومكتباتها لم تعد تشتري، رغم أن المتنبي قال «وخير جليس في الزمان كتاب»، ليس لديّ رسالة ولكني أدعو لهم. كلمة اخيرة؟ * عفواً.. انتهى الكلام.. ولم يبقَ لديّ ولا كلمة واحدة سوى شكرك على استضافة أخيك. تواجد مستمر للضيف بالمكتبة جريدة «البلاد السعودية» العام 1953 جريدة «العرب» كتاب «صبا نجد» جريدة «الحجاز» العام 1326 كتاب «درب زبيدة» للراشد كتاب «نجد وأصداء مفاتنه في الشعر» كتاب «الرّبذة» كتاب «هارون الرشيد» كتاب «رحلة الأندلس» للعبودي كتاب «الأماني في معرفة الأبجدي والدرسعي والريحاني» للدامغ كتاب «طرائف العرب» لأدهم شرقاوي ديوان «ابتسامات الأيام» لابن بليهد رواية «مذكرات عربجي» كتاب «روائع الأقوال»