عرف التعامل بالكتابة منذ زمن طويل، وكانت الكتابة الطريقة الوحيدة للتوثيق، لذا تعتبر الكتابة أمراً ضرورياً لا يمكن الاستغناء عنه بأي حال من الأحوال، فمن أجل توثيق ملكية أرض مثلاً أو عقد بيع أو شراء فقد كانت الكتابة هي الطريقة الوحيدة والمتبعة، فبهذه الكتابة يتم كتابة كل ما يخص حالة البيع أو الشراء أو إثبات الملكية وتدون المعلومات كاملة ومن ثم يذكر اسم الكاتب والشهود واليوم والشهر والسنة، وبعد أن أنشأت الوزارات والمصالح الحكومية كانت جميع تعاملاتها ورقية، وكذلك الحال للشركات الحكومية وغيرها حيث يتم إصدار فواتير الخدمات كخدمات الكهرباء والهاتف والماء ورقياً، ويتم السداد عن طريق فروع الشركات، ومن ثم بات التسديد من قبل البنوك التي تتعامل معها الشركات بعد أن انتشرت البنوك في كافة المدن والبلدات، وكانت المعاملات الورقية إلى وقت قريب جداً جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، حيث كانت المراسلات بين المغتربين وأهاليهم تتم عن طريقة كتابة الرسائل ومن ثم بعثها بالبريد وتبقى أياماً وربما أسابيع كي تصل إلى عنوانها الصحيح ومن ثم يتم الرد عليها وبعثها أيضاً بالبريد لتقطع رحلة العودة في فترة زمنية مماثلة، وذلك قبل أن تتقدم وسائل التواصل الرقمية التي نعيشها اليوم والتي أغنت عن ذلك كله وبات أي مغترب في أي بقعة من العالم يستطيع التواصل مع من يرغب في ثوان محدودة ويتكلم معه بالصوت والصورة. قسم الأرشيف وكان حال الدوائر الحكومية مرتبطاً بالتعامل الورقي ارتباطاً وثيقاً، فما أن تلج إلى أي مكتب في أي مصلحة حكومية إلاّ وتجد الكم الهائل من الأوراق والمستندات والملفات مكدسة على طاولات الموظفين وكل مراجع يحمل بين يديه كماً من الأوراق لينجز مطلبه، وكانت المعاملات تحفظ في قسم خاص في كل دائرة حكومية يسمى «الأرشيف» كي يسهل الوصول إليها عند الحاجة، وفي عصرنا الحاضر تبدل الحال، وبات استخدام الأوراق شيئاً من الماضي، حيث باتت أغلب التعاملات إلكترونية وتتم عن طريق الدخول على الموقع الإلكتروني الخاص بكل دائرة حكومية أو شركة ومن ثم إنجاز العمل، وتتسابق الدول في تطبيق ذلك العمل من خلال تطبيق الحكومة الإلكترونية وهو نظام حديث تتبناه الحكومات باستخدام الشبكة العنكبوتية العالمية والإنترنت في ربط مؤسساتها بعضها ببعض، وربط مختلف خدماتها بالمؤسسات الخاصة والجمهور عموماً، ووضع المعلومة في متناول الأفراد وذلك لخلق علاقة شفافة تتصف بالسرعة والدقة تهدف للارتقاء بجودة الأداء، وقد سعت الحكومة وضمن رؤية 2030 إلى تطبيق برنامج التحول الرقمي أن تصبح المملكة «حكومة بلا ورق»، واستطاعت في وقت قياسي تطبيق ذلك على أرض الواقع وهو ما نشاهده اليوم من تقدم في جميع الوزارات والمصالح الحكومية التي باتت وعبر قنوات الاتصال الخاصة بها تعمل بتلك الخاصية التي وفرت المال والجهد. أوراق ومستندات واعتمد الناس في معاملاتهم منذ القدم على التسجيل في الأوراق، وكانت المعاملات الورقية هي الأساس في عالمهم من أجل إنجازاتهم، وكانت الأوراق والمستندات تجد الاهتمام والحفظ كصكوك إثبات الملكية للبيوت والمزارع وكافة العقارات، وكذلك الحال عند مراجعة الدوائر الحكومية، إذ يتطلب ذلك إلى الاستعانة بالنماذج الورقية في التقديم على الطلبات كاستخراج البطاقة الشخصية أو جواز السفر أو تسجيل المواليد أو استخراج إقامات لمكفوليهم، أو تسجيل أبنائهم في المدارس وغيرها الكثير، وفي عصرنا الحاضر تبدل الحال وبات استخراج هذه الوثائق عن طريق التقدم على موقع الجهة التي يراد استخراج أي مستند رسمي منها وتعبئة المعلومات المطلوبة إلكترونياً ومن ثم يتم دراسة الطلب في فترة وجيزة، ويتم استخراج تلك المستندات آلياً، بحيث يستطيع طالب الخدمة الدخول على الموقع برقم المعاملة التي يتم إرسالها إليه عن طريق الهاتف النقال، ومن ثم يطّلع على المستند الذي تم طلبه ومن ثم يستطيع أن يطبعه في بيته، وبهذه الطريقة السهلة التي وفرت الجهد والمال وأغنت عن صرف الوقت في زيارة المصالح الحكومية والتردد عليها من أجل إنجاز المعاملة التي كانت في الماضي تستدعي الغياب عن العمل عدة أيام من أجل المراجعة، وربما السفر إلى المدن من أجل إنجاز تلك المهمة. تحول رقمي وكان من أهم أهداف رؤية 2030 وبرنامج التحول الرقمي أن تصبح حكومة المملكة «حكومة بلا ورق»، وعلى الرغم من أن ذلك يبدو سهلًا مع ما نعيشه من تقدم تكنولوجي، إلاّ أن الأمر لم يكن أبدًا بهذه السهولة، خاصةً مع وجود مليارات المعلومات والبيانات التي تضمها مليارات الأوراق، والتي كان لا بد لها من عملية «رقمنة» أي تحويل المعلومات من صيغة مادية مثل الورق إلى صيغة رقمية، ثم بعدها عملية «دجتلة»، وذلك عن طريق استخدام التقنية لتحويل العمليات التشغيلية من تقليدية إلى رقمية، وبعدها يأتي التحول الرقمي، والذي يكون بالتحول الشامل في إعادة تصميم نماذج الأعمال إلى نماذج عصرية تُوظف البيانات والتطورات الرقمية، وهذا كله يحتاج إلى عدة سنوات من العمل المتواصل، وعلى الرغم من المفاجأة غير السارة التي تسببت فيها جائحة كورونا، إلاّ أن ما كانت تتمتع به المملكة من بنية تحتية رقمية قوية ساهمت في تسريع عملية التحول الرقمي فيها، حيث عملت هذه البنية على تمكين المملكة لمواجهة الأزمات المُعطلة لكافّة الخدمات في القطاعين العام والخاص، كما ساهمت في استمرارية الأعمال والعمليات التعليمية وكافّة متطلبات الحياة اليومية للمواطن والمقيم في ظل جائحة كورونا، وقد صُنفِت المملكة ضمن أفضل 10 دول متقدمة في العالم لما تمتلكه من قوة في البنية التحتية الرقمية. توفير الورق وفي ظل المضي قدماً لمواكبة التطور السريع في عالم التقنية واتجاه الحكومات والمؤسسات نحو الرقمنة في كافّة الخدمات، فقد حرصت المملكة على تبني مفهوم التحول الرقمي الحكومي، ومن أجل ذلك فقد صدر الأمر السامي الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- القاضي بتوجيه الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى بإيقاف التعامل الورقي المتعلق بالإجراءات والأعمال المالية، وإتمام استخدام الخدمات الإلكترونية عبر منصة «اعتماد»، والذي بُدئ العمل به في الأول من يونيو من عام 2018م بما يصب في الأهداف الرامية إلى تحقيق رؤية المملكة 2030، وقد بادرت العديد من الوزارات والمصالح الحكومية في تطبيق هذا الأمر السامي الكريم، حيث أطلقت وزرة العدل التحول الرقمي في قطاع التوثيق بالوزارة، الذي يتضمن عدداً من الخدمات العدلية الرقمية بهدف الاستغناء عن الورق، والتيسير على المستفيدين بما يغنيهم عن الحضور إلى مقار كتابات العدل لإصدار الوكالات، وكشفت الوزارة عن ثماني خدمات جديدة في قطاع التوثيق، من أهمها إصدار الوكالات الإلكترونية وهي خدمة تلغي الورق وكذلك لن يكون المستفيد مضطراً إلى زيارة كتابات العدل للحصول على وكالته التي ستصله على رقم جواله المسجل في بوابة «أبشر»، وقد بينت وزارة العدل أن التحول الرقمي في التوثيق من شأنه توفير ما يقارب الثمانية ملايين ورقة سنوياً كانت تستخدم لإنجاز أعمال كتابات العدل في المملكة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على كفاءة الإنفاق لاسيما المحافظة على البيئة وكذلك التيسير على المستفيدين، إذ لن يكون حمل الورق عبئاً ولا الحضور إلى مقار كتابات العدل مطلباً لإصدار بنود محددة من الوكالات. مراسلات إلكترونية وأعلنت وزارة التعليم بدء التعامل بالمراسلات الإلكترونية والاستغناء بشكل تام عن كافة المعاملات الورقية التي كانت تتم في السابق في كافة معاملات الوزارة، كما ودّعت وزارة الحج المعاملات الورقية، بعد أن أطلقت مؤخراً برنامج جديداً للاتصالات الإدارية تحت اسم نظام «راسل»، وهذا البرنامج يهدف إلى تحويل المعاملات من ورقية إلى إلكترونية، لتصبح وزارة الحج وزارة بلا ورق، وسيؤدي البرنامج للتسريع بالتحوّل نحو تطبيقات الحكومة الإلكترونية، وزيادة تفعيل المعاملات المعتمِدة على التقنية في مختلف أعمال الوزارة، كما أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة إيقاف جميع التعاملات الورقية في تسع خدمات والعمل بها إلكترونية وذلك اعتباراً من تاريخ 1 /10 / 2020م من خلال منصة أنعام، كما خطت جميع الوزارات والمصالح الحكومية على هذا النهج من أجل الوصول الى التحول الرقمي في المملكة كجزء من رؤية 2030 باستخدام الخدمات الإلكترونية. هيئة رقمية وصدرت موافقة مجلس الوزراء على إنشاء هيئة الحكومة الرقمية، وفقاً لقرار المجلس بتاريخ 25 /7 / 1442ه وتضمن القرار أن تتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيميّا برئيس مجلس الوزراء، وأنها الجهة المختصة بكل ما يتعلق بالحكومة الرقمية، وتعد المرجع الوطني في شؤونها، وتهدف إلى تنظيم أعمال الحكومة الرقمية في الجهات الحكومية، من أجل الوصول إلى حكومة رقمية استباقية ومُبادرة وقادرة على تقديم خدمات رقمية ذات كفاءة عالية، وتحقيق التكامل في مجال الحكومة الرقمية بين كافة الجهات الحكومية، وتتمتع المملكة ببنية تحتية رقمية قوية ساهمت في تسريع عملية التحول الرقمي فيها، وعملت هذه البنية على تمكين المملكة على مواجهة الأزمات المُعطلة لكافّة الخدمات في القطاعين العام والخاص، كما ساهمت في استمرارية الأعمال والعمليات التعليمية وكافّة متطلبات الحياة اليومية للمواطن والمقيم في ظل جائحة كورونا، وقد صُنفِت المملكة ضمن أفضل 10 دول متقدمة في العالم لما تمتلكه من متانة في البنية التحتية الرقمية، كما حققت لقب الدولة الأكثر تقدمًا من بين دول العشرين في التنافسية الرقمية بسبب الدعم الحكومي الشامل للتحول الرقمي في المملكة كجزء من رؤية 2030. موظف يمارس عمله في استقبال المراجعين قديماً التعامل الإلكتروني قضى على مشكلة ازدحام المراجعين التوثيق الورقي في الماضي الآن بضغطة زر تصل إليك الخدمة في أي موقع المملكة حملت شعار التحول الرقمي في كل الخدمات