لم تكن بيئة العمل مناسبة لأحد الموظفين بسبب ساعات العمل غير المتناسبة مع الراتب، وهذا الراتب مواعيده مثل مواعيد عرقوب، وجد الموظف فرصة أفضل فقرر الاستقالة، عدد من زملائه يعرفون سبب استقالته، لكن المدير قرر أن يخبر الجميع بأنه طلب منه الاستقالة بسبب تقييم الأداء، لماذا فعل المدير ذلك؟ لأنه يريد حماية سمعة المؤسسة وسمعته قبل كل شيء، ويريد ثانيا أن يوجه رسالة لبقية الموظفين بأن التقصير في الأداء يؤدي إلى الإقالة تحت عنوان (استقالة). هذا النوع من المديرين لا يمكن أن يقتنع أنه قد يكون أحد أسباب استقالة الموظف! تصرف المدير مؤشر على بيئة عمل تفتقد للثقة والشفافية، وهو تصرف يدل أيضا على انتهاج سياسة التهديد، وهي سياسة تعبر عن أسلوب إداري عاجز عن الإدارة، وعن مدير لا يمتلك مهارة التواصل مع الموظفين، هذا الأسلوب هو عملية اتصال من طرف واحد (من الأعلى للأسفل) في صورة تعليمات وإنذارات وأوامر، كما أنه طريقة سلبية في التقييم تبحث بالمجهر عن الأخطاء وتتجاهل النجاح والإنجازات، وليس في قاموس هذا النمط الإداري كلمات تعبر عن الشكر والتقدير. المدير عامل أساسي ومؤثر في بناء بيئة عمل إيجابية، قد تتوفر كل الظروف المطلوبة لإيجاد هذه البيئة ولكنها لا تكتمل إلا بمدير يجمع بين المهنية والإنسانية والمصداقية. المدير الناجح هو من يمتلك مهارات قيادية، ومنها القدرة على البحث عن قدرات الآخرين وتنميتها، واكتشاف قيادات مستقبلية، وجعل بيئة العمل بيئة تعلم ليس لاكتساب المهارات المهنية فقط وإنما لممارسة القيم الأخلاقية ومنها قيمة الصدق والأمانة. في موضوع استقالة الموظف التي أشرنا إليها، كان على المدير أن يستخدم مقابلة الخروج ليتعرف على أسباب الاستقالة ويستفيد منها، وقد يتوصل إلى حلول تشجع الموظف على الاستمرار في العمل، ويبدو أن المدير لم يستخدم مقابلة الخروج لأنه لا يريد أن يسمع إلا الإطراء والأخبار الجيدة. الدور القيادي للمدير ينتج عنه تعامل إيجابي مع الموظفين خاصة مع الموظف الجديد الذي يحتاج إلى الثقة والدعم، وتعزيز الإيجابيات، وجعل بيئة العمل بيئة تعلم.