تتشارك شركات ومؤسسات عدة في الموقف نفسه: «استقالة أفضل موظفيها». ودائما ما يشتكي أصحاب الأعمال من إستقالة من يعتمدون عليهم من دون إبداء الأسباب. إلا أن هناك أسباباً عدة تجعل موظفا جيدا يأخذ قراره بالرحيل عن شركته وتركها من أجل مؤسسة اخرى. وبعض المديرين لا يرون هذه الأسباب ويرجعون استقالة موظفيهم إما إلى تعاليهم (الموظفين) أو إلى الرواتب، ولا يعلمون أن «الموظفين لا يتركون شركاتهم، بل يتركون مدراءهم». ويمكن تفادي مشكلة رحيل الموظفين الجيدين ببساطة من طريق تغيير الاستراتيجية العامة للإدارة. لكن يجب اولا معرفة أهم الأسباب التي تدفع الموظفين الى الرحيل. وأورد موقع «اي إن سي 24» المختص بالشركات الناشئة والإدارة وريادة الأعمال، تسعة أسباب تدفع الموظفين الجيدين إلى الاستقالة: العمل بشكل مضاعف عندما يرى المدير أو صاحب العمل أحد موظفيه يعمل بشكل جيد، يبدأ في الاعتماد عليه بشكل أكبر، ويوكل اليه اعمالاً ومهمات أكثر من نظرائه، ما يربك الموظف ويجعله يشعر بأنه «يُعاقب» على تفوقه، وهو ما يأتي بنتائج عكسية. وأظهرت دراسة جديدة أجراها جون بينسافيل من جامعة «ستانفورد» البريطانية، أن انتاجية العامل تقل إذا تعدت ساعات عمله 50 ساعة أسبوعياً، وتقل بدرجة أكبر إذا تعدت 55 ساعة أسبوعياً، ما يعني أن زيادة ساعات العمل لا تُنجز المهمات الموكلة إلى الموظف. ويمكن تفادي ذلك من طريق ترقية الموظف وحصوله على منصب أعلى يتطلب مسؤوليات اكبر، فالموظف الجيد يعلم مسؤولياته جيدا، وعند زيادة مهماته يشعر بأنه معاقب بسبب مهارته وتفانيه، وفي حال ترقيته، فهو أيضا يعلم أن المنصب الجديد يأتي بمسؤوليات اكبر، لكن من دون تغيير سينتهي الأمر برحيله الى مكان يرى فيه تقديرا أكبر. لا يحصلون على التقدير الكافي الجميع يحب الإطراء من وقت لآخر، خصوصاً بعد إتمام مهمة بأمر مباشر من المدير، وخصوصاً من يعملون بجدية ويبذلون كل جهدهم، وهو ما يستوجب الحفاظ على اتصال شبه يومي بهؤلاء للوقوف على أسباب راحتهم وسعادتهم (البعض يكتفي بشكر أو سلام أو حتى إعلان داخل الشركة بأن الموظف فلان أتم مهمته بنجاح)، ما سيدفع الموظف الى بذل قصارى جهده في كل مرة يوكل إليه عمل جديد. مُدراء لا يهتمون بأمر موظفيهم الإدارة الجيدة تعرف كيف توازن بين التعامل الرسمي مع الموظفين ونسج علاقة انسانية معهم، فأكثر من نصف الموظفين يتركون شركاتهم بسبب العلاقات غير الجيدة مع مدرائهم او لان العلاقة جافة وتعتمد على العمل فقط من دون أي اعتبارات إنسانية أو اجتماعية. لكن هناك مدراء يحتفلون بنجاح موظفيهم ويدعمونهم في أزماتهم الشخصية والاجتماعية. ولذا فالمدراء الذين يفشلون في بناء علاقات إنسانية مع موظفيهم يواجهون مشكلة رحيل الموظفين أكثر من غيرهم، فمن المستحيل ألا يشعر الموظف بالسوء بعد عمله في مكان لأكثر من ثمان ساعات يوميا، فيما المكان لا يهتم لأمره. مُدراء بوعود واهية الموظفون لا يحترمون المدراء الذين يقطعون وعوداً للتحفيز ولا ينفذونها، فالوعود تُحفز لكن في حال عدم الوفاء بها ستجلب أثرا عكسيا على أداء الموظف وإنتاجيته. فإذا لم يف المدير بوعوده لماذا يتوجب على الموظف التزام واجباته؟! توظيف وترقية من لا يستحقون الموظفون الجيدون يشعرون بالراحة في العمل مع زملاء من مستواهم، وعدم بذل المدراء جهدا في توظيف وترقية من يستحق، يجعل الموظفين يشعرون بالاستياء لأن الموظف الجديد (غير الجيد) سيعمل الى جانبهم لمدة طويلة ولثماني ساعات يومياً، ويشعرون بالإهانة عند ترقية أشخاص غير اكفاء. عدم إعطاء الفرصة للابتكار بعض الشركات والمدراء يلتزمون لوائح الشركة إلتزاماً يضيّق الخناق على المبدعين، ولا يعطيهم الفرصة للابتكار كأنهم يعملون داخل صندوق صغير، خوفا من قلة الانتاجية وتضييع الوقت. إلا أن الدراسات أثبتت ان إعطاء الفرصة للموظف للابتكار والابداع قد يضاعف الانتاجية حتى خمس مرات. قلة الاهتمام بتطوير مهارات الموظفين الإدارة تعني المتابعة والوقوف على أداء الموظفين وتقييمه والعمل على تطويره من طريق تطوير مهاراتهم، إلا ان هناك مدراء لا يهتمون بهذا الجانب. المدير الجيد يتابع كل الموظفين حتى الموهوبين منهم ويصغي اليهم ويعطيهم ملاحظات باستمرار عن مستوى أدائهم. فالأمر يرجع إلى الإدارة لتطوير قدرات موظفها الموهوب واكتشاف نقاط القوة فيه وتنميتها. يحتاج الموظف الماهر دائما إلى رأي مديره في أدائه، في حين ان الموظف الضعيف الأداء لا يريد ذلك، لذا فمن الجيد أن يتابع المدير موظفه الجيد، وإلا انتهى الأمر به بأن يرى نفسه مثل أي موظف أخر غير موهوب. الفشل في استغلال مهارات المبدع الموظف الموهوب يريد ان يطور كل شيء حوله في بيئة عمله، إلا عند اصطدامه ب «بيروقراطية» مديره، إذ يتحول شغفه إلى كره عمله وضعف إنتاجه، ذلك ان التضييق على موهبة الموظف لا يؤثر في إنجازاته فقط بل في إنجازات الشركة نفسها. فشل المدير في تحدي ذكاء موظفيه المدراء الجيدون دائما ما يعطون موظفيهم الموهوبين مهمات عجز غيرهم عن إنجازها، أو مهمات صعبة. فالموظف الجيد لا يشعر بالارتياح في اداء الأعمال السهلة، ما يجعله يبحث عن وظائف أخرى تتحدى قدراته. لذا على المدير الجيد أن يكلف موظفيه مهمات صعبة، ويتابعهم أثناء إتمامها وينصحهم ويدعمهم. الخلاصة إذا اراد صاحب العمل او المدير أو المسؤول أن يحصل على الأفضل من موظفيه، فعليه التفكير والتخطيط جيداً لطريقة تعامله معهم، وجعلهم يريدون العمل معه من دون غيره.