يدخل الديموقراطي جو بايدن البيت الأبيض الأربعاء ليبدأ ولايته على رأس بلد يحصد فيه وباء كوفيد- 19 أكثر من ثلاثة آلاف أميركي كل يوم ويتسجل مليون شخص في برنامج البطالة كل أسبوع ويشكّك عشرات الملايين في شرعيته. وقالت الخبيرة في الشؤون السياسية ماري ستوكي: "ما يميّز عهد بايدن ليس أن البلد يمر بأزمة بل عدد الأزمات المتزامنة" التي سيضطر لمواجهتها منذ الأيام الأولى لولايته. بعض هذه الأزمات مثل وباء كوفيد- 19 والانكماش الاقتصادي، ظرفية ومترابطة. وبعضها الآخر كالانقسامات السياسية والعنصرية، تعود إلى عقود. لكن يتعين على بايدن مواجهتها كلها مباشرة، في وقت سيكون مجلس الشيوخ منشغلاً جزئياً بمحاكمة دونالد ترمب بتهمة "التحريض على التمرد". الجائحة لم تشهد الولاياتالمتحدة وضعاً صحياً بهذه الخطورة منذ الإنفلونزا الإسبانية في العام 1918. والولاياتالمتحدة هي البلد الأكثر تضرراً في العالم بكوفيد- 19، مع تسجيلها 24 مليون إصابة وحوالي 400 ألف وفاة. وتعهد جو بايدن تكثيف الحملة لتلقيح 100 مليون شخص بحلول اليوم المئة من ولايته وقال: "ليس لدي شك في أننا نستطيع القيام بذلك، صحة الأمة على المحك!". انكماش وبطالة أدت تدابير الإغلاق التي فرضت لكبح انتشار الفيروس إلى توقف عجلة الاقتصاد الذي شهد انكماشاً بنسبة 2,4 في المئة عام 2020، وفقاً للاحتياطي الفدرالي الأميركي. واضطرت شركات عديدة لإغلاق أبوابها وتسريح موظفيها. ويعيش 18 مليون أميركي اليوم على إعانات البطالة التي توفرها الحكومة. وقال جو بايدن بعد إعلانه خطة طوارئ بقيمة 1,9 مليار دولار: إنه يعتزم تسريع مصادقة الكونغرس عليها "تنتشر المعاناة الإنسانية في وضح النهار وليس لدينا وقت نضيعه". وعندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما، أشرف بايدن على حزمة إنعاش اقتصادي ضخمة بعد الأزمة المالية عام 2009 التي ألقت بظلالها على بداية ولايتهما. لكنّ التحدي مختلف تماماً هذه المرة، وقالت شيرلي آن وارشو أستاذة العلوم السياسية في كلية غيتيسبرغ: "يجب أن يدير الأزمة الاقتصادية فيما يحاول تلقيح 300 مليون شخص بينما يقود دولة منقسمة بشكل خطر". توترات عرقية توقفت الاحتجاجات الضخمة التي اندلعت عقب مقتل جورج فلويد خلال توقيفه من قبل شرطي أبيض، لكن الديموقراطي انتخب بدعم ساحق من المواطنين السود وعليه الآن تلبية توقعاتهم. وأوضحت شيرلي آن وارشو أن "التفاوتات العرقية موجودة في كل مكان: في الاقتصاد والسكن والتصويت وعنف الشرطة. وهي تتفاقم منذ سنوات"، متوقعة "تعبئة قوية" للإدارة الجديدة على هذه الجبهة". ومن أجل تحقيق أهدافه وتطلعاته، اختار جو بايدن فريقاً متنوعاً. وقال ديفيد فاربر: "لقد أظهر لمؤيديه أن الولاياتالمتحدة ستحاول طي الصفحة في مسألة العدالة العرقية". على حبل مشدود في مواجهة كل هذه "الأولويات" اعترفت كامالا هاريس نائبة الرئيس المنتخبة، الجمعة بأنه "يجب أن نكون قادرين على القيام بمهمات متعددة". ونظراً إلى كل هذه التحديات المختلفة، يعتقد جو بايدن أن عزمه على تجاوز خطوط الترسيم السياسي هي الحل الوحيد قائلاً: "الوحدة ليست مجرد وهم، إنها خطوة عملية للقيام بما يجب علينا فعله معاً، من أجل البلاد". بالنسبة إلى ماري ستوكي، فإن الثنائي "سيسير على حبل مشدود، ما بين فرص كبرى وأخطار كثيرة". لكنها حذرت في الوقت نفسه من اعتبار جو بايدن بمثابة المخلص موضحة "هذا البلد مهووس برؤسائه، وينظر إليهم على أنهم منقذون" لكن يجب ألا ننسى "أنهم لا يسيطرون على كل شيء". التعامل مع النفط الإيراني إدارة بايدن لن تعيد النفط الإيراني إلى الأسواق بحسب تأكيد افتتاحية نشرتها صحيفة "بلومبيرغ" الاثنين، وتوقّعت الصحيفة أن جو بايدن لن يعيد النفط الإيراني إلى الأسواق وسيخيّب آمال إيران حيث لن يكون متسرّعاً في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران خاصة في ظل كومة المشكلات الداخلية التي تنتظر حلولاً عاجلة منه. وفي وثيقة اطّلعت عليها "الرياض" تظهر القرارات التنفيذية التي سيوقّعها جو بايدن بعد تنصيبه يوم الأربعاء تركيز جو بايدن على عدة ملفات في السياسات الداخلية والخارجية التي ستكون محط اهتمامه في الفترة الأولى ليس من بينها ملف التفاوض مع إيران أي ستستمر إيران بالتعايش مع العقوبات للمزيد من الوقت. وفي مقدمة القرارات التنفيذية التي سيصدرها جو بايدن بحسب الوثيقة، خطة لإعادة تنسيق مواجهة وباء كوفيد 19، وقانون وطني يفرض ارتداء القناع في كل الولايات، وقرار بإعادة الانضمام إلى منظمة الصحة العالمية، والعودة إلى اتفاق باريس للمناخ، والتراجع عن قرارات اتّخذها ترمب بشأن تشغيل بعض مواقع أنابيب النفط الأميركية، ووقف حالة الطوارئ على الحدود مع المكسيك وتعليق برنامج بناء الجدار، ورفع حظر السفر عن دول منها (اليمن وسورية والسودان والعراق والصومال)، وقوانين أخرى تتعلّق بالمساواة بين الجنسين في الجيش الأميركي. وأكدّت "بلومبيرغ" أن إيران لن تكون من أولويات إدارة جو بايدن حتى خلال أول مئة يوم له في البيت الأبيض حيث تمتلك الولاياتالمتحدة متّسعاً من الوقت للانتظار قبل التفاوض مع إيران التي تحتاج إلى هذه المفاوضات بشكل أكثر إلحاحاً، كما سيمكّن الوقت إدارة جو بايدن من التفاوض من موقع قوة يجبر إيران على تقديم المزيد من التنازلات. وإلى جانب الأولويات التي تنتظر إدارة جو بايدن وتحول دون توقيعه صفقة جديدة مع إيران، يواجه الاتفاق النووي الإيراني للعام 2015 معارضة شديدة في مجلسي النواب والشيوخ من قبل جمهوريين وديموقراطيين لا يرغبون بالعودة إلى الاتفاق النووي بشكله السابق، بالإضافة إلى حملات بدأتها إسرائيل وحلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة للحيلولة دون رفع العقوبات عن إيران. وترى "بلومبيرغ" أن أفضل مسار بيد جو بايدن هو أن يشترط على إيران أن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم، وتتوقف عن دعم حزب الله وحماس والحوثيين في اليمن للتغلب على الخلافات بين الطرفين وإذا لم تكن إيران مستعدة لتقديم تنازلات حقيقية فإن رفع العقوبات التي تمكنها من استئناف إنتاجها كالسابق لأربعة ملايين برميل نفط يومياً لن يحدث. وترجّح صحيفة "بلومبيرغ" أن تلعب الخلافات داخل إيران دوراً يحول دون توقيع اتفاق بين الولاياتالمتحدةوإيران بسبب الضربات القاسية التي تلقاها النظام الإيراني منذ مقتل قاسم سليماني، وقد ينتهي الأمر باستبدال روحاني بعد انتخابات الرئاسة في إيران في 18 يونيو المقبل حيث فشل وعد روحاني للنظام بتخليص إيران من الضغوطات الأميركية عبر توقيع الاتفاق النووي الذي انقلبت عليه إدارة دونالد ترمب لتلعب الانتخابات في إيران دوراً إضافياً في تأجيل المفاوضات. وتستبعد "بلومبيرغ" أن تقوم مصافي التكرير في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية والهند بشراء الخام الإيراني في المستقبل المنظور طالما بقيت الإجراءات العقابية مطبقة على النفط الإيراني لأن أي مشترين للنفط الإيراني سيستمرون بمواجهة تداعيات وعقوبات بسبب التعامل مع النفط الإيراني.