ألاحظ، في الفترة الأخيرة، أن بعض الأطباء لا يستمعون للمريض جيدًا، ولا يعطونه الوقت الكافي لشرح الأعراض، ولا يناقشونه فيما يشكو، أو يطلبون منه مزيدًا من التوضيح، وقد طرحت هذه الملاحظة على عدد من الأصدقاء والمعارف فاتفقوا على هذه الملاحظة، بل إن كثيراً منهم قال إن الدافع عند بعضهم هو المال أولًا في هذا الزمن العجيب الذي طغى فيه حب المال، ورغبة بعض الأطباء في الكشف على أكبر عدد ممكن في عياداتهم الخاصة وفي المشافي التجارية، مع المطالبة بتحاليل وأنواع من الأشعة لا تستدعيها الحالة بل لمجرد تربيح المشفى الخاص، وربما كان لبعض الأطباء نسبة من الدخل، وفي هذا التصرف ابتزاز لمال المراجع، أو لشركات التأمين، ورفع درجة القلق عند المراجع، وتعريضه لأخطار الإشعاع إذا تكرر بدون داعٍ طبي لسهولة الحالة وتيقن الطبيب من التشخيص. كما أن عدم الاستماع الكافي فيه بخس لحق المريض وتطفيف، فالطبيب الذي لا يستمع للمريض جيدا ويعطيه وقته المعقول قد بخسه حقه وارتكب إثم التطفيف، لأنه يأخذ أجره كاملاً ويعطيه وقته ناقصاً واهتماماً غير كافٍ، هذا يفقد ثقة المريض في طبيبه، والثقة نصف العلاج، وغالبًا ما يجعل وصفة الطبيب ناقصة وربما خاطئة.. كما أن إهمال التفاصيل التي يشكو منها المريض، وعدم سؤاله عن أمراضه الأخرى، والأدوية التي يستخدمها، وأمراض عائلته، هذا الإهمال قد يجعل الطبيب يغفل عن احتمال وجود مرض خطير، وقد يصف له أدوية تتعارض مع أمراضه المزمنة وأدويته التي يستعملها، وفي كل الأحوال لا يؤدي الطبيب المتسرع واجبه المهني بشرف وضمير.. مهنة الطب من أشرف المهن وأكثرها أهمية ونفعاً وأجراً عند الله إذا أخلص صاحبها واستقصى شكوى المريض وأحاط بحالته قدر ما يستطيع ولم يرهقه بطلبات يعرف أنها لا لزوم لها، أو مزيد من الأدوية التي لا يحتاجها المريض لمجرد تنفيع الشركة المنتجة أو الوكيل والصيدلية ربما بمقابل كما يفعل قلة من الأطباء الذين يسيئون للمهنة وللمجتمع وهم موجودون بقلة ولكنهم مزعجون جداً، في المقابل يوجد أطباء كثيرون مخلصون حريصون على راحة المريض وصحته وعدم إرهاقه بما لا لزوم له، وهؤلاء هم النجوم في سماء المجتمع وهم الناجحون الرابحون على المدى، أما الطبيب الذي أكبر همه زيادة دخله بزيادة عدد من يكشف عليهم بسرعة وبلا استقصاء فغالبًا ما يكون ضرره أكثر من نفعه، وسوف يدفع ثمن ذلك من سمعته، حتى يبتعد الناس عنه، فالمعلومات عن الأطباء وكيفية تعاملهم مع المرضى تنتشر بسرعة، مشافهة وفي كل وسائل التواصل الاجتماعي، فيكون النجاح وحسن السمعة والثواب الطيب من نصيب الأطباء المخلصين الذين يحترمون المريض ويعطونه حقه من الوقت والاستماع وبذل الجهد باستقصاء، ويفقد المهملون المهتمون بالمادة فقط السمعة الحسنة والمراجعين بالتدريج.